كما صاروخ الهاون، أصبحت الطائرات الورقية الحارقة التي يصنعها الشباب الثائر على الحدود الشرقية تثير الرعب لدى الإسرائيليين، لاسيما سكان غلاف غزة، لما تلحقه من خسائر في مزروعاتهم.
محاولات "إسرائيل" في مواجهة السلاح الورقي الحارق باءت بالفشل، حيث أن نسبة اعتراض الطائرات الاسرائيلية المسيرة للطائرات الورقية منخفضة جدا، فالجيش الإسرائيلي يستخدم طائرات التحكم عن بعد وتحمل كاميرات وادوات حادة لتعترض الطائرات الورقية البدائية.
ورغم أن السلاح الورقي الذي ابتكره الشباب المشاركين في مسيرات العودة بسيط وبدائي، إلا أنه تسبب بإشعال آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية التي استولت عليها إسرائيل في محيط قطاع غزة، مما أدى إلى حرق المزروعات.
واستفز السلاح الورقي بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي، فأمر بخصم قيمة خسائر الحرائق الناجمة عن الطائرات الورقية الحارقة التي تطلق من قطاع غزة، من قيمة عائدات ضرائب السلطة الفلسطينية "أموال المقاصة".
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، أصدر نتنياهو تعليماته لرئيس مجلس "الأمن القومي" الإسرائيلي، مئير بن شبات، للبدء بوضع إجراءات من شأنها أن تتيح خصم مبالغ التعويضات التي تقدمها الحكومة الإسرائيلية لمالكي الحقول الزراعية المتضررة جراء الطائرات الورقية الحارقة التي يتم إطلاقها من قطاع غزة المحاصر، من ميزانية السلطة الفلسطينية.
ويعتبر خصم قيمة الخسائر من عائدات ضرائب السلطة طلبا غير قانوني، حيث تسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلية لسن تشريع مماثل يتيح لها خصم قيمة المبلغ الذي دفعته السلطة الفلسطينية للأسرى وذوي الشهداء من مخصصات السلطة وعائدات الضرائب الفلسطينية، والذي صادقت عليه اللجنة الوزارية لشؤون التشريعات في إسرائيل أواخر فبراير الماضي، بحسب وسائل الإعلام.
يقول حسام الدجني المحلل السياسي:" أن أمر نتنياهو بخصم قيمة الخسائر من ميزانية السلطة يعتبر "بلطجة" إسرائيلية وانتهاك ضد اتفاقيات السلطة مع الاحتلال لاسيما اتفاقية باريس".
وأوضح خلال حديثه "للرسالة"، أن استقطاع "إسرائيل" لنسبة معينة من المال لإيصالها إلى السلطة يعد قرصنة للمال العام الفلسطيني، مشيرا إلى أنه لابد للمجتمع الدولي الوقوف ضد القرارات الاسرائيلية، لأن الطائرات الورقية ما هي إلا نضال سلمي.
وذكر الدجني أنه، قبل بحث "إسرائيل" عن تعويض، عليها البحث عن اسباب ودوافع الشباب في استخدام الطائرات الورقية، التي من أهم أسبابها الحالة المعيشية والحصار وانسداد الأفق السياسي.
وعن دور السلطة في الرد على قرار "نتنياهو"، يرى المحلل السياسي أنه الأصل في سلوك السلطة الان هو محاكمة الاحتلال الاسرائيلي على هذا الاجراء، والتواصل مع كل رعاة الاتفاقيات، وخاصة "باريس" وكل من ساهم باتفاق اوسلو بشكل كامل، وذلك حتى تلزم "إسرائيل" بالتراجع عن هذه الخطوة، لافتا في الوقت ذاته إلى أن السلطة لا تجرؤ على اتخاذ عقوبات جديدة ضد الغزيين للحد من استخدام الطائرات الورقية، وإلا سيكون ذلك فضيحة وخطيئة سياسية في حقها.
وأكد الدجني على أن تكثيف استخدام الطائرات الورقية يعتبر حقا شرعيا ناجعا، ولابد من استخدام كل الوسائل السلمية للتأثير على الاحتلال.
وتعتزم حكومة نتنياهو تقديم تعويضات لمالكي الحقول الزراعية المتضررة في مستوطنات محيط غزة، جراء الطائرات الورقية الحارقة التي يتم إطلاقها من القطاع.
ويأتي جزء كبير من ميزانية السلطة الفلسطينية عن طريق الاحتلال الإسرائيلي، الذي يحول للسلطة شهريا دفعات ضريبية تقوم بجبايتها من البضائع الفلسطينية التي تُنقل عبر الموانئ والمعابر الإسرائيلية، حيث يبلغ متوسط قيمة إيرادات المقاصة (الضرائب الشهرية)، التي تجبيها إسرائيل وتحولها للسلطة الفلسطينية، نحو 180 مليون دولار أميركي، وفق أرقام وزارة المالية الفلسطينية.
وهناك من يرى أن خصم الاحتلال قيمة اضرار الحرائق من حسابات السلطة، يأتي في إطار الضغط على قيادة السلطة للتخفيف عن غزة وإزالة العقوبات التي فرضتها على القطاع، على اعتبار ان اثارها ارتدت على الاحتلال من خلال مسيرات العودة.
وبدون هذه الأموال لن تستطيع الحكومة الفلسطينية الإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه الموظفين والمؤسسات الحكومية، وفق تصريح سابق لرئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد الله.
وبدأ الغزيون في استخدام طائرات ورقية في ذيلها فتيل مشتعل، بعد أيام من بدء مسيرات العودة في 30 مارس الماضي، لتسقط في الحقول المحاذية للسياج الحدودي.