أثار قرار السلطة الفلسطينية استعدادها تقديم المساعدات لإطفاء حرائق دولة غواتيمالا، عقب ثوران بركان فويغو ومقتل 62مواطناً، سخط الشارع الفلسطيني بسبب تجاهلها لاشتعال الاوضاع الاقتصادية التي يعيشها قطاع غزة بالإضافة إلى مشاركتهم في تضييق الخناق وفرض العقوبات عليها.
واعتبر فلسطينيون أن هذا حالة تخبط سياسي ودبلوماسي تعيشها السلطة، في ظل تناسيها أن غواتيمالا هي الدولة الثانية بعد الولايات المتحدة التي نقلت سفارتها للقدس عقب الاعتراف الامريكي بها عاصمة لـ(إسرائيل).
وتعتبر دولة غواتيمالا من بين أولى الدول التي اعترفت بـ(إسرائيل)، وقد أقامت لها سفارة في القدس عام 1955، وفي ثمانينيات القرن الماضي نقلتها إلى (تل أبيب)، وفي نهاية العام الماضي أصدر رئيسها أمراً بإعادة سفارة بلاده إلى القدس كاعتراف منه بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل).
وقال المحلل السياسي عدنان أبو عامر إن الأداء السياسي الدبلوماسي للسلطة في الفترة الاخيرة غير موفق؛ بسبب عدم وجود بوصلة سياسية تسير من خلالها، وافتقارها لحالة الإجماع الشعبي.
وأكد أبو عامر في حديثه لـ"الرسالة"، أن رغبة السلطة بتقديم المساعدة لغواتيمالا لتواجه الأعاصير والبراكين لا يتوافق مع حالة المقاطعة والغضب الذي يفترض أن تتبعها السلطة تجاه هذه الدولة بسبب نقل سفارتها للقدس.
وأضاف: "غزة تتعرض لبراكين وأعاصير منذ ١٢ عاما ولم تبد السلطة والخارجية الفلسطينية اهتمامها بهذه الكارثة واكتفت أن توجه مساعداتها لدول خارجية بدل توجهها لأبناء شعبها، لافتاً إلى أن السلطة بإمكانياتها المتواضعة والبسيطة ليس لها القدرة على أن تساعد دولة تبعد عن فلسطين الاف الكيلو مترات.
وعلق أبو عامر على حجة السلطة بأنها تريد إيصال رسالة إنسانية للشعب الغواتيمالي، بقوله "لا أظن للحظة واحدة ستكترث غواتيمالا للموقف الفلسطيني السياسي رغم تحدي السلطة لمشاعر الفلسطينيين، لأنها أمام حكومة ودولة تحدتنا كفلسطينيين بناءً على علاقتها التاريخية بـ(إسرائيل)".
ورغم ذلك لن تتراجع السلطة عن قرارها لأن لديها برنامج سياسي تسير عليه غير مكترثة للرأي العام الفلسطيني الداخلي، وبعض ابناء السلطة عبروا عن غضبهم بمساعدة الخارجية لغواتيمالا، وذلك يعطي دلالات ان القضية الفلسطينية ودبلوماسيتها متناقضان، وفق ما قال أبو عامر.
واعتبر أبو عامر أن تقديم السلطة المساعدة لغواتيمالا بمثابة مكافأة للدولة التي تحدت الدولة الفلسطينية وخالفت كل القوانين الدولية، وبذلك تكون السلطة تسير بعكس التيار السياسي الفلسطيني.
من جانبه قال المحلل السياسي حسام الدجني إن وقوف وزارة الخارجية الفلسطينية بجانب دولة غواتيمالا ينم عن حالة تخبط السياسي والدبلوماسي للسلطة، معتبار أن ما يجري الان بمثابة انحياز السلطة مع صفقة القرن ورفضها إعلاميا فقط وقبولها بممارسات وتعزز سيرها على أرض الواقع.
وأكد الدجني في حديثه لـ"الرسالة" أن قمة العيب أن تقصر الدولة بجزء من أبناء شعبها وتفرض العقوبات عليه، وتقدم المساعدة لدولة نقلت سفارتها للقدس في ظل انحيازها لـ(إسرائيل).
وأضاف: "لا بأس أن يتم التأثير على السلوك السياسي للدولة بتقديم بعض المساعدات والمنح ولكن لا يجب أن يكون على حساب الازمات التي يعيشها قطاع غزة، موضحاً أن على السلطة أن تعيد تقييم مساعداتها من خلال تلبية احتياجات قطاع غزة.
وطالب الدجني السلطة بمراجعة قراراتها باتجاه قطاع غزة، بشكل أو بآخر وإنهاء الازمات التي يعيشها القطاع، وأن تعمل بشكل جدي من أجل توحيد الحالة الفلسطينية.
يذكر أن غواتيمالا دولة فقيرة في أمريكا اللاتينية وتنتفع من المساعدات الأمريكية، ويمكن القول أن لها تاريخ خاص مع (إسرائيل)، فهي أول دولة كان لها سفارة في القدس.
وكانت وزارة الخارجية الفلسطينية وصفت قرار غواتيمالا بنقل السفارة للقدس بأنه، "إجراء مخز وغير قانوني ويتنافى تماما مع ما تريده الكنيسة في القدس".