يبدو أن الاكتئاب لا يؤثر فقط على نشاط المصاب به، ونفسيته وقابليته على الحياة، إنما يؤثر "عضوياً" على الدماغ ونشاطه ونمو خلاياه.
وقد أثبتت دراسات علمية سابقة أن الاكتئاب يؤثر أيضاً على القلب ومعدل السكري وغيره، إلا أن الجديد ما كشفه باحثون ألمان من أن هذا المرض يمنع تشكل الخلايا الجديدة في دماغنا، ويمحو بعض الذكريات.
فقد رصد باحثون ألمان تأثير الاكتئاب على الدماغ، وقالوا إنه خلال فترة الإصابة بالمرض تنخفض قدرة الدماغ على تشكيل خلايا جديدة.
وتوصل الباحثون في جامعة الرور الألمانية إلى تلك النتيجة، عبر تطوير نموذج يرصد الخصائص المميزة لدماغ المريض "المكتئب" واختبروا قدرة النموذج على تخزين واستدعاء ذكريات جديدة.
وفي حين كان يعرف سابقاً أن مرضى الاكتئاب أقل قدرة على تذكر الأحداث الجارية، لكن النموذج الحاسوبي الجديد كشف أن الذكريات القديمة تتأثر أيضاً، وذلك بحسب طول فترة الاكتئاب.
وقد استنتجوا بعد الدراسات أنه خلال فترة الاكتئاب تنخفض قدرة الدماغ على تجديد الخلايا، إذ أثبتت الدراسة أنه كلما كان الدماغ قادرًا على تشكيل العديد من الخلايا العصبية الجديدة، زادت لديه القدرة على تذكر الأحداث والذكريات القديمة بشكل أكثر دقة، ولذا يتأثر مرضى الاكتئاب، حيث يصعب عليهم التمييز بين الذكريات المتشابهة وتذكرها بشكل منفصل.
ولم يُظهر النموذج الحاسوبي عجزًا في استدعاء الأحداث الحالية فحسب، بل إن مريض الاكتئاب عانى أيضًا من الذكريات التي تم جمعها قبل الإصابة بالاكتئاب، وكلما طالت فترة الاكتئاب استمرت مشاكل الذاكرة.
وفي هذا السياق، قال قائد فريق البحث الدكتور سين تشينغ: "حتى الآن كان من المفترض أن العجز في الذاكرة يحدث فقط خلال فترة الاكتئاب". وأضاف: "لكن الدراسة كشفت أن الاكتئاب يمكن أن تكون له عواقب بعيدة المدى، وبمجرد أن تتضرر الذكريات، فإنها لن تتعافى، حتى بعد أن يشفى الشخص من الاكتئاب".