تواصلت ردود الفعل الإسرائيلية والتقييمات الميدانية للتوتر الأمني السائد في قطاع غزة، وسط دعوات لإجراء تحول في السياسة الإسرائيلية تجاه حماس التي تسيطر على القطاع.
فقد قال الجنرال آيال آيزنبيرغ، قائد فرقة غزة السابق في الجيش الإسرائيلي، لصحيفة معاريف، إن "التسهيلات المتوقعة باتجاه الفلسطينيين في القطاع لن تغير من الأمور شيئا، لأنه كتب علينا الإمساك دائما بالبندقية، نحن نوجد في طريق مسدود، ومضى على هذا الانسداد سنوات طويلة، ولذلك مطلوب إحداث تغيير جوهري في قواعد اللعبة واللاعبين".
وأضاف، في حوار ، أنه "يجب أن تكون إعادة المفقودين الإسرائيليين في غزة أساسا لكل حوار قادم، لا أعتقد أننا في الوقت الحالي سنشهد تغييرا ما، ولذلك يجب إظهار المزيد من الحسم، لأننا في نهاية الأمر نواجه حماس، المنظمة المعادية التي لا تعترف بإسرائيل، وأي تسهيلات أو تغييرات في طبيعة الأوضاع الإنسانية القائمة في غزة، لن تغير طبيعة الواقع الصعب القائم هناك".
وأوضح أننا "في ظل الظروف الحالية، ومع بقاء الأدوات ذاتها المستخدمة في السلوك الإسرائيلي إزاء غزة، فنحن كمن يعطي مريضا بالسرطان قرص أكامول مهدئ، المطلوب هو تغيير جوهري في قواعد اللعبة واللاعبين، كي يمكن إجراء حوار، والتقدم إلى الأمام، رغم أن قيادة حماس ما زالت لا ترى الأمور بهذه الطريقة".
وختم بالقول إنه "يجب أن تكون إعادة الجنود المفقودين من غزة على سلم أولويات إسرائيل بصورة يومية؛ كي تكون شرطا لإجراء أي نقاش، فإذا كانت حماس معنية بتسهيلات على غزة، فلتعلم أن موضوع الأسرى والمفقودين هو الشرط الأساسي".
تال ليف رام، الخبير العسكري بصحيفة معاريف، قال إن "التقدير السائدة في أجهزة الأمن الإسرائيلية يشير أن المسيرات الفلسطينية على حدود غزة قد تنخفض، مع زيادة مطردة في حجم العمليات والهجمات التي تشهدها هذه المنطقة، ما قد يؤدي لوقوع اشتباكات مسلحة بين حماس والجيش في الفترة القريبة القادمة".
وأوضح في تقرير أن "قيادة الجيش الإسرائيلي تبدي تفاؤلا حذرا بسبب انخفاض الأعداد الكبيرة من المشاركين في المسيرات الشعبية، حيث يمكن القول إن هذه الأعداد باتت خلف ظهورنا، لكن الأوساط الأمنية تقدر أن المنظمات الفلسطينية ستزيد من محاولاتها المس بالجيش على طول حدود غزة".
وختم بالقول إن "حماس لم تعد تضع نقاطا عسكرية على هذه المنطقة الممتدة، أي عدم وجود رقابة عليها، ما يعني إعطاء ضوء أخضر لباقي المجموعات المسلحة لتنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية، بما فيها وضع عبوات ناسفة، وإطلاق النار من أسلحة خفيفة، والجيش يتأهب لهذا السيناريو الذي يتضمن اندلاع اشتباكات عسكرية متبادلة".
الجنرال عميرام ليفين، القائد السابق للمنطقة الشمالية، قال في صحيفة إسرائيل اليوم إن "إسرائيل مطالبة بالانتصار على حرب العصابات التي تخوضها حماس ضدها، حيث تجمع الحركة بين عقيدتين عسكريتين، أولاهما حرب الضعفاء ضد الأقوياء الذين يسيطرون عليهم، والثانية استهداف الإسرائيليين للضغط على حكومتهم لتحقيق أهداف سياسية للحركة، وفي حال واصلت إسرائيل افتقاد زمام المبادرة تجاه حماس، فإن الحركة ستواصل حربها هذه".
وأضاف في مقال أن "حماس وهي تخوض حرب العصابات ضد إسرائيل لا تبدو في عجلة من أمرها، بل تحقق اختراقات في الحصانة الداخلية الإسرائيلية يوما بعد يوم، نقطة تتبعها نقطة، وكل ذلك بهدف الحيلولة دون تمكن الجيش الإسرائيلي من تنفيذ هجومه على الحركة".
وأشار إلى أن "أدوات حماس ووسائلها في هذه الحرب تنوعت بين استهداف المستوطنين في غلاف غزة بالقذائف الصاروخية، إحراق الحقول الزراعية، تحشيد الفلسطينيين بالتظاهر أمام الحدود في ظل حضور كبير لوسائل الإعلام العالمية لممارسة حرب نفسية ضد إسرائيل، وهي أسلحة وأدوات يضطر جنود الجيش الأقوى في الشرق الأوسط أن يقفوا في مواجهتها".
وأشار إلى أن "حماس عدو صعب وقاس، ولكن يمكن الانتصار عليه من خلال وضع ذلك كهدف وتحد عسكري قابل للتحقق، ومن خلال فهم لدى دوائر صنع القرار الإسرائيلية بأنها عملية طويلة زمنياً، يتخللها صعود وهبوط، لكنه يحتاج من القيادة الإسرائيلية الحالية إجراء تغيير حقيقي وجدي في "التفكير الأساسي"، مرورا بالخطط الأمنية والسياسية المستقبلية، ولذلك يجب الانتقال للملعب الذي تتواجد فيه حماس دون الاكتفاء بالوسائل الدفاعية والحماية، يجب توجيه ضربات هجومية فتاكة ضد الحركة، لإجبارها على التحول من مهاجمة إسرائيل إلى الدفاع عن نفسها".
وختم بالقول إن "هناك ضرورة لأن تتوفر خطة سياسية إسرائيلية تستثمر ما قد تسفر عنه الضربات العسكرية التي لا تحتاج إعادة احتلال لغزة، وإلا فسيكون أي تفوق وانتصار إسرائيلي على حماس مجرد خطوة تكتيكية، ستندثر آثارها مع مرور الوقت".
آرييه إلداد، عضو الكنيست السابق عن معسكر اليمين، قال في صحيفة معاريف إنه "في الوقت الذي ينصح فيه الخبراء الأمنيون الإسرائيليون بتقديم تسهيلات إنسانية ومعيشية للفلسطينيين في غزة، فإن الحل الأفضل يتمثل باغتيال قادة حماس، وبهذه الطريقة فقط يمكن وقف المسيرات والطائرات الورقية المشتعلة، حتى لو توفرت لدى إسرائيل حلول تكنولوجية لمواجهة الأسلحة التي تستخدمها حماس ضدها، لكن الردع لا يتأتى لقادتها إلا من خلال الاغتيال".
وأضاف في مقاله أن"الحديث يدور عن شخصيات بالغة واعية، لديها عائلات، يمكن لها أن تجري حسابا مع النفس، وبذلك يتحقق الردع الإسرائيلي، مع العلم أن حماس ما زالت تتمتع بتأييد واسع بين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، رغم سوء الظروف التي يحيون بها".
وختم بالقول إن "السياسة الإسرائيلية يجب أن تصل حد الأرض المحروقة، المتمثلة بإحراق الأراضي الزراعية للفلسطينيين ردا على إحراق حقولنا ومزارعنا بواسطة الطائرات الورقية، وإذا علمنا أن قطاع غزة مساحته 365 ألف دونم، منها 200 ألف دونم زراعي، يعتاش منها 35 ألف مزارع فلسطيني، فإليكم تصور الكارثة التي ستحل بهم لو لجأت إسرائيل لهذه العقوبة".