في غياب الحراك الفاعل في الملفات الخطيرة التي تمس القضية الفلسطينية وتهدد بتصفيتها، تبرع السلطة الفلسطينية في رام الله في إقامة موائد إفطار "باذخة" بالضفة علها تبعد الأنظار عن الفشل الجسيم الذي يحيط بها بعدما عجزت عن تحقيق أي انجاز سياسي للقضية الفلسطينية التي تشهد تراجعا كبير بسبب سياستها.
وأثار إفطار "باذخ" أقامه جهاز مخابرات السلطة الفلسطينية في رام الله موجة غضب وانتقادات واسعة، في الوقت الذي تستمر فيه السلطة ذاتها بفرض عقوبات شديدة على قطاع غزة طالت جميع مناحي الحياة، واستمرار تنصل الحكومة الفلسطينية من مسؤولياتها في القطاع.
ويبدو أن السلطة نجحت في سياسة التدجين التي تمارسها تجاه الضفة، في ظل غياب أي دور لها في مسيرة العودة أو حتى على صعيد استمرار انتهاكات الاحتلال المتصاعدة هناك؛ بل ذهبت إلى أبعد من ذلك أيضا بإقامة بعض حفلات الرقص على جراح غزة.
البقاء والسيطرة
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن أن السلطة معنية في إبقاء حالة الهدوء في الضفة وعدم اقحامها في موجة من المواجهة مع الاحتلال؛ خشية من فقدان السيطرة على الواقع الأمني بالضفة وهو ما يشكل خطرا على وجودها، في ظل حالة الاستياء الشعبي في الشارع اتجاه سياستها.
ويوضح محيسن في حديثه لـ "الرسالة" أن قيادة السلطة تعتقد أنها حجر الزاوية فيما يخص أي ملف أو حراك اتجاه القضية وأنها لا تزال تمثل أهمية من الأطراف المختلفة وخاصة أمريكا مما يجعلها تتظاهر أنها ضد صفقة القرن دون أي حراك سياسي رافض لها.
ويشير إلى أن السلطة تذهب إلى أبعد من ذلك عبر محاولتها تأزيم الأوضاع في قطاع غزة؛ لتحسين مكونات الصفقة ومحاولة تطويع غزة، منصّبة بذلك نفسها كأداة من أدوات الصفقة التي تحاول التظاهر برفضها.
ويلفت إلى أن هذه السياسة التي تتبعها السلطة تجاه القضية تعكس حجم الأزمة لديها عبر محاولتها تصدير فشلها السياسي نحو تحسين ظروف الحياتية لسكان الضفة على حساب القضية ككل.
مرحلة انتقال
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون مع سابقة، مبينا أن السلطة تعيش مرحلة انتقال من الدور السياسي إلى الدور الأمني والوظيفي في المحافظة على أمن وسلامة الاحتلال ومصالح قياداتها الشخصية.
ويؤكد المدهون لـ "الرسالة" أن قيادة السلطة تعيش حالة من التردي السياسية وتحاول البحث عن تعزيز كينونتها الاقتصادية والأمنية على حساب القضية الفلسطينية، في ظل المحاولات الأمريكية التي تهدف للخلاص من الملف الفلسطيني.
ويبّن أن الضفة المحتلة تعيش حالة من التدجين السياسي التي لعبت السلطة دورا كبيرا فيه؛ لكي الوعي الفلسطيني اتجاه مقاومة الاحتلال، مشددا على أن القضية الفلسطينية بحاجة لقيادة شابة جديدة تنقذها من حالة التراجع الذي تعيشه.
ونوه إلى أن استمرار حصار غزة وتشديد العقوبات على القطاع يدلل على أن السلطة أصبحت أداة لتمرير المشاريع التي تطرح للخلاص من القضية.
وفي نهاية المطاف فإن استمرار السلطة في سياستها يزيد من إنهاك الواقع الفلسطيني المتردي ويساهم في تمرير صفقات سياسية تهدف للنيل من القضية برمتها.