اعتبر خبراء مغاربة أن دعم السعودية الملف الأميركي لاستضافة مونديال 2026 لكرة القدم يمثل ضربة موجعة للرباط التي تسعى إلى استضافة هذا الاستحقاق.
ورأوا في تصريحات للأناضول أن الموقف السعودي لا يقف عند ما صرح به رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية تركي آل الشيخ، بل إن الأمر راجع إلى "توتر صامت" بين الرباط والرياض أخرجه ملف مونديال 2026 إلى العلن بسبب موقف المغرب من الأزمة الخليجية الأخيرة.
وأكد تركي آل الشيخ الأسبوع الماضي في حوار مع شبكة بلومبيرغ الأميركية أن بلاده ستدعم ترشح الملف الثلاثي الذي تقوده الولايات المتحدة وتشترك فيه كل من كندا والمكسيك من أجل استضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2026 بدلا من الملف المغربي المنافس.
دعم السعودية المنتظر أرجعه آل الشيخ -الذي يشغل أيضا منصب رئيس الاتحاد العربي لكرة القدم- إلى العلاقات القوية والإستراتيجية التي تربط المملكة مع الولايات المتحدة الأميركية.
وتبنت الرباط منذ بداية الأزمة الخليجية موقفا محايدا، حيث دعا ملك المغرب محمد السادس آنذاك أطراف الأزمة إلى ضبط النفس والتحلي بالحكمة من أجل تخفيف التوتر وتجاوز الأزمة.
ووصفت العديد من الصحف المغربية القرار السعودي الأخير بالمفاجئ وغير المنتظر، خصوصا أن الرباط كانت تنتظر دعم الدول العربية والإسلامية والأفريقية بدون تحفظ.
في حين قالت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير مفصل إن تركي آل الشيخ وعد القائمين على الملف الأميركي بألا يكتفي فقط بالتصويت لصالح الملف الثلاثي خلال مرحلة التصويت التي ستقام اليوم الأربعاء، بل إنه سيحث عددا من الدول المقربة من السعودية -خاصة العربية منها والآسيوية- على التصويت لواشنطن وسيحشد دعمها ضد المغرب.
ويقول الخبير المغربي في قانون الرياضة يحيى السعيدي إن وقوف السعودية بوزنها الثقيل في المنطقة خلف الملف الأميركي وحشد الأصوات لهذا الملف الثلاثي سيضران بالتأكيد الحظوظ المغربية في نيل شرف استضافة المونديال، ووصف ذلك بكونه "ضربة موجعة" لبلاده.
وأضاف أن السعودية اختارت دعم أميركا بحكم العلاقات التي تربط البلدين والتي ازدادت قربا منذ صعود الرئيس دونالد ترامب.
دوافع سياسية
وأوضح السعيدي أنه باستثناء الاتحادات الكروية الأوروبية العريقة فإنه ليست جميع الاتحادات الكروية مستقلة في قرارها بل إنها خاضعة للجهات السياسية، خاصة في الدول الأفريقية والآسيوية، لذلك فإن قرار التصويت مرتبط باعتبارات سياسية أكثر منها رياضية.
وقال تركي آل الشيخ في حواره مع بلومبيرغ إن قرار دعم أميركا يرجع بالأساس إلى ترجيح مصالح السعودية على أي اعتبارات أخرى، في حين لم يصدر أي تعقيب أو موقف رسمي من الجانب المغربي إزاء هذا التصريح.
من جهته، قال الناطق السابق باسم حزب الاستقلال المغربي (معارض) عادل بنحمزة للأناضول إن موقف آل الشيخ يرجع إلى الأزمة غير المعلنة مع المغرب بسبب موقفه من الأزمة الخليجية.
وأضاف عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال "جاءت تعبيرات تركي آل الشيخ واضحة فيما يخص أسباب الأزمة غير المعلنة التي ترتكز على الموقف المغربي من الخلاف الخليجي وحصار دولة قطر، حيث عبر المغرب عن موقف متوازن يتمثل في الحياد التام والحفاظ على علاقته مع جميع أطراف الأزمة، وهو موقف يحسب للدبلوماسية المغربية".
وتابع "كانت الزيارة الخليجية للملك محمد السادس -ومن ضمنها الدوحة- تعبيرا عن هذا الموقف، واعتقد الجميع أن باقي العواصم الخليجية تفهمت الموقف المغربي إلى أن جاءت تغريدات آل الشيخ".
من جانبه، رأى الباحث السياسي المغربي إدريس الكنبوري أن موقف السعودية الأخير لا يعني بالضرورة حدوث أزمة دبلوماسية في العلاقات بين المملكتين.
وقال الكنبوري للأناضول "لا أعتقد أن هذا الأمر سيؤثر على العلاقات بين البلدين، فهي علاقات إستراتيجية مؤسسة على مصالح متبادلة وخيارات جيوإستراتيجية".
وأضاف أن كأس العالم سياسة والتصويت سياسي، ولا علاقة لذلك بالأخوة أو العلاقات الطيبة.