فتح التحرك الامريكي الجاري في المنطقة من خلال الوفد الذي يضم كبير مستشاري الرئيس الأمريكي جاريد كوشنير، ومساعد الرئيس والممثل الخاص للمفاوضات الدولية جيسون غرينبلات، باب التكهنات حول مضامين وأهداف الزيارات التي يجريها الوفد مع دول عربية في ظل اعلان السلطة عن رفضها لاستقباله.
الوفد بدأ زيارته بعقد لقاء مع رئيس وزراء الاحتلال بينامين نتنياهو ثم اعقبه لقاء آخر مع الملك الاردني مساء الثلاثاء، ومن المزمع ان يعقد مشاورات مماثلة مع مصر والسعودية وقطر.
السلطة التي اعلنت المقاطعة لاستقبال الوفد، أجرت اتصالات مع المملكة السعودية لاستطلاع فحوى ونتائج التحرك الامريكي الجاري بالمنطقة، مع تأكيدها وجود حذر كبير تجاه مواقف الاطراف الاقليمية من هذا التحرك وامكانية التعامل معه لتمرير حلول سياسية جزئية على حساب القضية الفلسطينية، كما يقول القيادي في حركة فتح عبد الله عبد الله.
ولمح عبد الله في حديثه لـ"الرسالة" إلى وجود تخوف صريح من السلطة الفلسطينية تجاه اطراف عربية بعينها وتحديدا السعودية، "فلو ترك الأمر للملك سلمان فلا خوف في ذلك على ضوء مواقفه في قمة الظهران الاخيرة، لكن هناك خلط في الأوراق ومحاولة من بعض الاطراف لتمرير مصالحها مع الادارة الامريكية وهذا ما نتخوف منه"، في اشارة إلى موقف نجل الملك وولي عهده محمد بن سلمان.
على طاولة البحث بدأت مرحلة التنفيذ كما يقول النائب المصري ورئيس منتدي الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجي سمير غطاس، والتي تقوم على فكرة تفكيك الملفات الخاصة بمرحلة الحل النهائي كلها على حدا ووضع حلول لها قبل مرحلة التفاوض.
وذكر غطاس أن هذه المرحلة بدأت عمليا بعد رفع "القدس واللاجئين" من طاولة البحث، من خلال الضغط الامريكي على بعض الاطراف العربية بتسكين اللاجئين واعطائهم حق الاقامة الدائمة ونقل بعضهم الى دول اوروبية، والتركيز على حل الوضع المعيشي في غزة استنادًا للقاءات نيويوك التي شاركت فيها 15 دولة بينها 7 دول عربية.
ويلخص غطاس الموقف المصري تجاه هذه التحركات بالقول، إن القاهرة تخلت عن موقع رعاية المصالحة الفلسطينية ولم تعد تبذل فيها ادنى جهد بعدما كانت راعية حصرية لها؛ وانتقلت الى مربع الوساطة بين حماس واسرائيل، كما وأنها باتت معنية بتحسين وتعزيز موقع العلاقة مع حماس من خلال الانتقال بالعلاقة من مربعها الأمني الى مواقع اكثر تقدما، "وباتت تتعامل مع غزة على أساس الأمر الواقع"، مستبعدا أن تتورط القيادة المصرية باي صفقة متعلقة بتوسيع قطاع غزة بما يشمل التمدد جنوبًا نحو العريش.
أمّا الأردن الذي احتضن أول زيارة للوفد مع الملك الاردني عبد الله الثاني، فلا يزال في اطار جس النبض لمعرفة رؤية الادارة الامريكية من العملية السياسية، حيث يرى الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي، أن مهمة الاستطلاع هي الصفة المشتركة بين الطرفين لهذه اللحظة.
كما ويرى الرنتاوي في حديثه لـ"الرسالة" أن التركيز الامريكي قائم على استثمار الوضع الانساني في القطاع، من أجل تمرير حل سياسي، "قد لا يكون توافقيا او تفاوضيا، لكنه تكريس لحالة الواقع واعادة نتاج تجربة الضفة من خلال ما يعرف بالسياسة الاقتصادية، مع ابقاء وضع الضفة حتى اشغار آخر".
في المقابل يتركز الاهتمام الاردني على استمرار الرعاية الهاشمية على المقدسات، حيث حصل على ضمانات امريكية اسرائيلية بعدم المساس بها، كما يقول الرنتاوي.
والى جانب اهتمام عمان بهذه الرعاية فإنه يتمسك بحل الدولتين، ويرفض أي خيار آخر؛ "لكنه لا يملك ادوات للرفض في ضوء العجز العربي وتهافت اطراف عربية فاعلة تجاه التطبيع مع اسرائيل، وفي ضوء استمرار الانقسام الفلسطيني كذلك، بحسب رنتاوي.
ويبدو الاردن غير متحمس لفكرة مقاطعة السلطة للاتصالات مع الادارة الامريكية، "لكنه يمتنع عن ذكر موقفًا تجنبا لاحراج السلطة الفلسطينية، خاصة وأن عمان لا تملك ضمانات بأن تفضي أي اتصالات مع واشنطن لتحسين الظروف الفلسطينية"، والقول لرنتاوي.
ويشير إلى وجود محاولة امريكية لاستبعاد السلطة عن أي مفاوضات للحل النهائي، فيما يبدو أن السلطة لديها خشية من الموقف السعودي الاماراتي، كما أنّ فكرة الكونفدرالية بين الدولة الفلسطينية المزمعة والاردن قد تراجع الحديث عنه في ضوء الضبابية السياسية التي تحيط بموقف الادارة الامريكية من الحل النهائي.
وكانت الفصائل الفلسطينية قد حذرت قيادة السلطة من التعاطي مع صفقة القرن، مؤكدة ان اجراءاتها الانتقامية الاخيرة بحق سكان القطاع، سيوفر بيئة خصبة لتمرير هذه الصفقة.