قائمة الموقع

مكتوب: هل قامت المقاومة ببناء "خط ماجينو" على شكل شبكة صواريخ  ذات إدارة مركزية؟

2018-06-22T08:48:40+03:00
صواريخ المقاومة
الباحث بالشأن العسكري / رامي أبو زبيدة

أطلعت على تقرير لمجلة الدفاع الإسرائيلية يتحدث عن قدرات المقاومة والتنسيق لادارة عمليات اطلاق القذائف والصواريخ على امتداد حدود غزة الشرقية ويشبه الحدود الشرقية لقطاع غزة "بخط ماجينو" ذلك الخط الدفاعي الذي قامت فرنسا ببنائه على حدودها الشمالية الشرقية مع ألمانيا عند انتهاء الحرب العالمية الأولى ليكون بمثابة ((خط صد)) منيع في مواجهة أي احتمال لحرب قادمة مع الألمان ويُعد نموذجاً للتحصينات الدفاعية الثابتة.

يتحدث التقرير عن أطلاق المقاومة 48 صاروخًا من عيار 107 ملم على "إسرائيل" مؤخراً، تم اعتراض بعضها والبعض سقط في المستوطنات وفقًا لقيادة الجبهة الداخلية ، وكان من واضحاً القدرة التشغيلية وتنسيق عملية اطلاق القذائف في جميع أنحاء قطاع غزة من الشمال الى الجنوب .

ويتساءل التقرير كيف تقوم المقاومة بجدولة "خط ماجينو" وتقوم بإطلاق الصواريخ وقذائف الهاون؟ إحدى الفرضيات هي أن هناك روابط بشرية في المناطق الحدودية ، كل منها مسؤول عن عدد من قاذفات الصواريخ في منطقة معينة، سواء يدويا أو توقيتها، المشكلة في هذه النظرية هي أنها تكشف عن نشاط الخلايا أمام استخبارات الجيش الإسرائيلي ، المتمركزة على حدود قطاع غزة ، خاصة في ضوء الاضطرابات على السياج والطائرات الورقية وإطلاق النار نحو إسرائيل.

كما ويفترض التقرير فرضية أخرى أن المقاومة تتفهم المشكلة التشغيلية لتشغيل الخلايا البشرية، ولهذا السبب قامت ببناء شبكة إطلاق صواريخ عن بعد متصلة بشبكة أنفاق واتصالات بعبارة أخرى ، نشر قاذفات أسلحة مختلفة (صواريخ وقذائف هاون وغيرها) على طول حدود قطاع غزة بالكامل بطريقة مخفية ، مع وجود آلية برمجة خاصة لعملية الإطلاق وكل القاذفات متصلة بمراكز وغرف عمليات في قطاع غزة.

ويرى التقرير أنه إذا بنت حماس مثل هذا النظام المرتبط والمتصل ببعض، فهذا قفزة في المفاهيم لدى المقاومة. حيث يتم ربط القاذفات وجدولتها من غرف عمليات بالقطاع، ويمكن لذلك التواصل والربط تمكين المقاومة من تحويل غزة ، وهي منطقة صغيرة نسبياً ، إلى سيناريو مليء بالتحديات للقوات البرية للجيش الإسرائيلي ، حيث يمكن ان يربط الخط الدفاعي بالألغام والفخاخ والدمى وتفعيل ذلك عن بعد من خلال غرف عمليات معدة لذلك  .

مثل هذا النظام الدفاعي المرتبط بشبكة أنفاق حفرتها المقاومة في غزة من أجل حمايتها من الهجمات من قبل الجيش الإسرائيلي. ومن خلال بناء شبكة من الألياف البصرية اذا كانت لدى المقاومة المهارة الكافية أو الكابلات ، يمكنها من ادارة عمليات الضبط والسيطرة وتنسيق العمليات في ارض الميدان بكفاءة عالية .

كما تشكل خطوط الدفاع المرتبطة تحديًا تشغيليًا آخر للجيش الاسرائيلي ، حيث يمكن توصيلها بأجهزة المراقبة، بعبارة أخرى ، تستطيع المقاومة ربط وسائل المراقبة بالشبكة وتشغيلها من خلال غرف العمليات (غرفة الحرب) ، والتي تقرر متى يطلق النار على إسرائيل و أين ، ويمكن أن تقوم فرق المراقبة بالتحكم في مجموعات الرماية في نفس القطاع وإغلاق الدائرة بسرعة أكبر. .

بالنسبة للجيش الإسرائيلي ، هذه الفرضية لا يمكن تجاهلها: حيث اظهر تقرير مكتب المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي مدى انتشار وسائل المقاومة لإطلاق النار وسيطرتها عليها على مدار خمس ساعات من عملية الاطلاق المنظم، مع عدم وجود أي اضطراب تقريباً . كما لم تكن هناك تقارير عن اصابة أي من فرق الاطلاق ، وهي علامة أخرى على أن المقاومة قللت من خسائرها إلى الصفر.

وختم التقرير بالقول ، هناك نقطة أخرى. الجيش الإسرائيلي  يقوم ببناء حاجز في غزة ضد الأنفاق واذا كانت المقاومة تبني خط دفاعي على حدود غزة مترابط يتم التحكم فيها عن بعد، فإن ذلك قد يكون إشارة إلى أن المقاومة تعد لحرب استنزاف مع إسرائيل.

وهنا اعيد التذكير بأن استراتيجية الصد والمنع (الدفاع الثابت) هي جزء من استراتيجيات القتال التي تتبناها المقاومة الفلسطينية فالدفاع عبارة عن كل إجراء عملي ينفذ عبر استثمار كافة الوسائل والإمكانات الموجودة، بهدف التصدي للعدو، والحيلولة دون استمراره في تقدمه، وتدمير قواته المهاجمة، وهو نوع من الأعمال القتالية الرئيسة يتم اللجوء إليه للاحتفاظ بالأرض، وصد العدو وإيقاع أكبر خسائر ممكنة به وتهيئة الشروط الملائمة للانتقال إلى الهجوم .

ويمكن حصر الهدف والغاية من استراتيجية الدفاع الثابت بالآتي:

  • تدمير قوات العدو أو الإيقاع بها.
  • منع العدو من الدخول إلى منطقة حيوية في قطاع غزة.
  • تقليل قدرات وإمكانات العدو الهجومية.
  • إيجاد الظروف المناسبة للعمليات الهجومية.
  • الاقتصاد بالقوى في منطقة ما، بغية استخدام قوات كافية في مكان آخر

وتبرز مزايا خط الدفاع عن قطاع غزة في أوقات الحرب والمواجهة من خلال الآتي:

  • إمكانية المدافع اختيار الأرض الصالحة للدفاع واستغلال حسناتها وتحسينها وتجهيزها هندسياً.
  • القدرة على الرماية.
  • مشاهدة ومعرفة ميدان المعركة.
  • قدرة المدافع على تحريك قواته من اتجاه لآخر.
  • قدرة المدافع على استخدام قواته ومعداته بكفاءة.
  • القدرة على خداع العدو بإجراءات الخفاء والتمويه.
  • معرفة / فهم العدو.
  • الحشد في الأماكن والأوقات الحرجة .

المقاومة الفلسطينية في غزة تنظم معركة الدفاع عن القطاع بتنفيذ أنماط القتال وتكتيكاتها في عمليات الصد والمنع، وتتميز عمليات الصد والمنع بعنصرين أساسيين؛ الأول الثبات في المعركة والصمود الواعي العقلاني في الميدان، والثاني تجنب عمليات التهلكة من غير رؤية واضحة، فأهداف “إسرائيل” واضحة في ذهن قيادة المقاومة، وبمقتضى هذا الوضوح تحدد المقاومة أهدافها في الميدان وتعتمد الأساليب التي تحقق ذلك .

 

 

اخبار ذات صلة