قائمة الموقع

مكتوب: أمريكا تروّض العرب والاحتلال يراهن على الموقف الفلسطيني

2018-06-26T08:10:46+03:00
صورة ارشفية
محمد بلّور-الرسالة نت

إنهم لا يفرجون عن فحوى ما يدور خلف الأبواب المغلقة، لقاءات الوفود الأمريكية من الدرجة الأولى والثانية مع قيادات دول عربية مؤثرة في ملف فلسطين فقط تعلن كلمات منمّقة ومجاملات سياسية حول انفراجة اقتصادية وأزمة انسانية وصفقة القرن مبهمة الملامح.

منذ أسبوع نشهد حراكاً دبلوماسياً وسياسياً بين الأمريكان والمثلث العربي (مصر-الأردن-السعودية) الذي يتجهّز بدوره للعب دور إن لم يكن اختياراً لبعضهم كان قسرياً لتمر الحلقة الأولى من المسلسل الكبير الذي يسعى فيه (ترامب) لتسكين أعقد ملفات الشرق الأوسط ولن يستطيع.

أخطر المشاهد هو فصل غزة عن الضفة المحتلة والقضاء على حلم دولة فلسطينية عاصمتها القدس وهذا ما تترجمه الجهود السياسية للتعامل مع ملف غزة من جهة إنسانية وإسناد الأمريكان لـ(إسرائيل) في السيطرة على القدس وطرح أشكال وهمية لحكم إداري في الضفة قضمت فيه (إسرائيل) ثلثيها تحت سيطرة الإدارة المدنية.

وكشفت صحيفة "معاريف" العبرية الجمعة، عن لقاء سري، جمع رئيس الوزراء الإسرائيلي، (بنيامين نتنياهو)، بولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، خلال زيارته الأخيرة للأردن، يوم الاثنين الماضي.

ومساء الجمعة التقى (نتنياهو، بكبير مستشاري الرئيس الأميركي وصهره، جاريد كوشنر، ومبعوث الرئيس الأميركي الخاص لعملية التسوية في الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، في القدس المحتلة، عصر اليوم، الجمعة.

(كوشنير وغرينبلانت) أجريا مباحثات ولقاءات (إسرائيل) وقطر والسعودية ومصر والأردن وقد بدأنا نسمع أن الإدارة الأميركيّة تسعى إلى جمع أكثر من نصف مليار دولار من دول الخليج العربيّ من أجل المضيّ في مشروعات لإعادة إعمار قطاع غزّة، لكنها ستكون في سيناء المصرية.

ترويض

على غرار المثل العربي (كون نسيب ولا تكون قريب) يعتمد (ترامب) الرئيس الأمريكي على (كوشنير) ومن بعده مبعوثه (غرينبلانت) الصديق المخلص في ترتيب الأوراق بين العرب و(إسرائيل) غير عابئاً بمغادرة ومعارضة مسئولين لسياسته في البيت الأبيض ومجازفاته غير المحسوبة ولا المنطقية مع الملفات المعقّدة.

في الأيام الماضية اضطرب استقرار المملكة الأردنية الهاشمية من بوابة الاقتصاد وقد وقع ما جرى حسب مراقبين للمشهد السياسي عندما حرّك الأمريكان حجراً على رقعة الشرق الأوسط للضغط على ملكها في ملف الوصاية على مقدسات القدس المحتلة إرضاءً لـ(إسرائيل).

ويؤكد محمد مصلح الباحث في الشئون الإسرائيلية أن الأمريكان رغم كل ما يفعلوه من ضغط من الصعب حل قضية فلسطين بهذه الرؤية كما أن (إسرائيل) قفزت عن مبدأ حل الدولة الفلسطينية الحقيقية في ظل هيمنة اليمين.

ويذكر مصلح بالمشروع السياسي أيام الرئيسين (بيغن-السادات) قبل قرابة نصف قرن حين كانوا يطرحون حكما إداريا للفلسطينيين ورؤية لتوسعة وحياة اقتصادية في سيناء لكن المشروع لم ير النور وهو اليوم يعود من نافذة جديدة.

أكثر الملفات تعقيداً في جوهر القضية هو ملف القدس والذي كان المحرّك الأول خلف اضطراب الأردن فالوصاية الأردنية على المقدسات قديمة ومهمة والاحتلال يسعى للسيطرة المطلقة على القدس والهيمنة الكاملة على البلدة القديمة وهو ما أزعج الأردن وحرك وفود دبلوماسية نحوها مؤخراً.

ويقول مصلح إن النقاش الآن يحاول القفز عن القدس وقد حاول (نتنياهو) تخفيف حدّة الغضب الأردني حين ألمح أن وصاية الأردن كما هي على المقدسات في وقت يحاول فيه الأمريكان تجنيد الموقف الأردني الرسمي إلى جانب مشروعهم الشرق أوسطي.

وتشمل خطة (ترامب) عرض قرية أبو ديس عاصمة للسلطة الفلسطينية عوضًا عن القدس، مقابل الانسحاب الإسرائيلي من عدة قرى من بلدات شمالي وشرقي القدس المقدسة، فيما تبقى البلدة القديمة تحت سيطرة الاحتلال.

ويقول عبد الستار قاسم المحلل السياسي "للرسالة"، إن هدف الأمريكان مؤخراً ضمان موقف (السعودية-مصر-الأردن-الإمارات) يجتهدون لاقناع الأطراف الفلسطينية وقد نجحوا قديماً في اتفاق (أوسلو) 1993 وتلبية شروط أمريكا (1975) في خلافات الإقليم يومها وهم الآن يحاولون تشكيل رأي عام عربي.

وتابع:" الدول العربية ورطت الفلسطينيين في أوسلو حتى قبلنا شروط الاحتلال ونحن اليوم في ضائقة والعرب نفضوا يدهم من القضية وقيادة السلطة الفلسطينيين قبلت بكل المحرمات قديماً وقد تتمنع في البداية وتقول لعم حتى تتحول إلى نعم".

غزة والضفة

أن تريد فعل شيء أمر وأن تحاول إثبات شيء أمر آخر فملف غزة الآن يسعى الأمريكان والاحتلال لفصله عن الضفة المحتلة ويناقشون مرحلة متقدمة من رؤية للحياة اليومية فيها بينما تنال مخططات الاستيطان المتنامية في الضفة والقدس أكثر من (65%) حسب مخطط قانون التسوية الأخير.

ويقول المحلل مصلح، إنهم يناقشون الحلول الإنسانية وإنشاء مشاريع بتمويل عربي حسب تقديرات بمئات ملايين الدولارات وإنشاء ميناء ومطار ومشاريع اقتصادية بسيناء والطرف المباشر في ذلك مصر التي تتولى إدارة الأمر دائماً مع حماس بغزة.

الضفة ليست في المستقبل أفضل حالاً فرغم أن الحياة الاقتصادية أفضل نسبياً إلا أن جزء كبير منها أضحى تحت سيادة الاحتلال المطلقة وكذلك الحدود مع الأردن والقدس بينما تركوا للسلطة كانتونات منعزلة ينظمها حكم إداري مختصر.

ويتقاسم الاحتلال آراؤه حول الضفة حسب متابعة المحلل مصلح إلى تبادل أرض كرأي (ليبرمان) أو مواطنة إسرائيلية كرأي (بينيت) وآخرون يروجون لفكرة التهجير(الترانسفير) وقد يصلون لتوليفة تجمع كل ما سبق حيث أن (نتنياهو) يراهن عموماً على الموقف الفلسطيني قبل الانتقال للخطوة الثانية من مخططه مع الأمريكان.

أما المحلل قاسم فيرى أن تمسك غزة بسلاح المقاومة سيغري الاحتلال لفصلها أكثر عن الضفة وأن تطور المقاومة حسب الميدان والأداء بعد حرب (2014) أضعف الحل العسكري الشامل ضد غزة أما الضفة المحتلة فإن السيطرة على حدودها واستقرار الأردن يضمن منطقة عازلة عن العراق وعمق.

ولا يمكن تجاهل قوة حماس بغزة التي تشهد حراكاً مستمراً في مسيرة العودة وتحتفظ رغم حصارها المشدد وأزماتها العميقة بملف جنود الاحتلال وقواعد اشتباك جديدة وهي تحكم الميدان بغزة ما يجعلها جزءًا مع الفصائل من أي رؤية سياسية برعاية مصرية.

ورغم أن رئاسة السلطة الفلسطينية تبدي رفضاً لما يطرح أمريكياً-إسرائيلياً خوفاً من ضياع كامل حلم الدولة إلا أن الانقسام والعقوبات التي فرضتها على غزة يضعف موقف السلطة الفلسطينية في مواجهة المشروع الأمريكي-الإسرائيلي في صفقة القرن التي تحمل مجازفات كبيرة ومن العسير نجاحها رغم قتامة المشهد السياسي من حول فلسطين.

اخبار ذات صلة