مارست قيادات في حركة فتح والسلطة "البلطجة السياسية"، عبر هجومها علي رئيس المجلس التشريعي عزيز دويك، وذلك على إثر تصريح اعلامي-مُحرف نُسب له-حول دوره في رئاسة السلطة حال غياب الرئيس محمود عباس.
وحسب الدستور الفلسطيني يتولى رئيس المجلس التشريعي رئاسة السلطة لمدة 60 يوماً إذا غاب الرئيس، لحين انتخاب رئيسا جديدا، كما حصل عقب وفاة الرئيس الراحل أبو عمار.
قفز عن الدستور
وحاول النائب الفتحاوي عبد الله عبد الله كغيره من قيادات فتح والسلطة، القفز على الدستور الفلسطيني حول أحقية رئيس المجلس التشريعي في رئاسة السلطة في حال غياب "الرئيس"، مشيراً إلى أن الساحة الفلسطينية لا تحتمل المزيد من المناكفات والإرباك أكثر مما هو حاصل عليه الآن.
وصرح عبد الله لـ"الرسالة" أنه ليس من حق دويك رئاسة السلطة بعد "الرئيس"، بحكم أن المجلس التشريعي معطل منذ سنوات، مردفاً " الدستور لا ينُتقي انتقاءً، والتشريعي مُجمد منذ السابع عشر من مارس 2007 ".
وزعم عبد الله، أن كتلة حماس البرلمانية رفضت آنذاك أن تستجيب للتقليد المعهود بأن يصدر "الرئيس" مرسوم افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة، منوهاً الى أن عباس استجاب بتأجيل دورة التشريعي -عام 2007- بناءً علي طلب قيادات الفصائل لإتاحة الفرصة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، ومن ثم أصدر المرسوم ولكن حماس رفضت الحضور، علي حد قوله.
وحول توقعاته لما بعد "الرئيس" والبديل، اكتفى عبد الله بالقول "أعتقد عندنا مؤسسات وكل مؤسسة لها نظامها الداخلي وقوانينها التي تسير بها، وأنا لا أرى إشكالية في هذا الأمر"، مضيفاً " الحلول ليست معقدة وعلينا أن نركز ونقدر الموقف بعناية".
واعتبر عبد الله أن الحل لكل الأزمات الفلسطينية يأتي بإنهاء الانقسام، وأن المسئولية الوطنية تقتضي التوحد خلف "القيادة الفلسطينية"، منوهاً إلى أن هناك تقليدا في دول العالم، وهو عندما تتعرض الدولة لخطر خارجي فإن أول شيء يتم فعله "تُلغي المعارضة وتلتحم مع القيادة السياسية حتى يخرج صوت واحد ولا يكون له أي صوت موازٍ أو غيره"، حسب وجهة نظره.
من عطّل التشريعي!؟
وبالمقابل، لم يشأ النائب عن حركة حماس يحيى موسى، مجاراة قيادات فتح والسلطة في الرد على هجومهم "غير المبرر" علي رئيس المجلس التشريعي "المنتخب"، مكتفياً بالتساؤل" من الذي يعطل التشريعي؟، ولماذا لا يدعو عباس لاجتماع التشريعي!؟".
وأوضح موسى لـ"الرسالة" أنه جري أكثر من مرة الاتفاق علي مواعيد للدعوة للاجتماع، لكن عباس أخذ مفتاح التشريعي لكي لا يعمل مطلقا، مؤكداً أن محاولات تعطيل التشريعي خلال الـ 11 عاما الماضية، تم من طرفين، الأول الاحتلال الذي كان يغيب نوابه عبر اعتقالهم وعلي رأسهم رئيس المجلس، والثاني عباس الذي يمتنع عن دعوة التشريعي للانعقاد".
وأردف موسى "بدلاً أن يسير عباس اتجاه القانون، أصبح من حين لآخر يخرج بمراسيم رئاسية تقضي على التشريعي وإمكانية قيامه من خلال المحكمة الدستورية والتخطيط لاستيلاء المجلس المركزي على صلاحيات التشريعي".
ويري موسى أن كل الإدارة العامة للسلطة تقوم على الاستقواء والبلطجة واختراق القانون والاستخفاف بالشعب والفصائل، مبيناً أن ما يقوم به عباس عبارة عن اختطاف لمؤسسات السلطة والانقلاب عليها، ولذلك فإن كل الحالة الفلسطينية أصبحت تستلزم إجماعا وطنيا لتغيير هذا الواقع.
وشكك موسى في أن حركة فتح هي التي تحكم الحالة الفلسطينية، عاداً أن الأخيرة مُفترى عليها من قبل عباس وعصابته الذين يستخدمون اسمها ويقربون لها من كان خادماً لمصالحهم، بينما أصبح "تنظيم فتح" يُعاني التقسيم وقطع الرواتب والفصل من الحركة ليس أكثر.
واستدرك موسى "حركة فتح حرة في رئيسها التنظيمي، لكن ما يتعلق بمنظمة التحرير هذه مسئولية الوطن كله، وما يتعلق بالسلطة فآليتها الانتخابات العامة"، داعياً إلى انتخابات فورية عامة تجدد المؤسسات وتعيد الأمر إلى الشعب بما فيها الرئاسة والتشريعي والمجلس الوطني.
وأردف "سلوك السلطة قائم على البلطجة، وليس هناك أساس قانوني لسلطة عباس ولا حكومته(..) ووفق الدستور لا يحق لهم أن يمارسوا السلطة وأن يتحكموا بصرف المال العام وغيره"، مضيفاً "المؤهل الوحيد الذي يُبقي السلطة قائمة، هو التنسيق الأمني والتعاون مع مخططات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني".
التشريعي "ولاية ممتدة"
ومن ناحية تحليلية، فقد أكد الكاتب والمحلل السياسي محمود العجرمي " أن دويك يمتلك الشرعية الدستورية الكاملة لكي يكون خلفاً للرئيس في حال غيابه"، مضيفاً "دويك مدجج بقوانين وقرارات شرعية وطنية فلسطينية، وافقت عليها فتح".
وذكر العجرمي لـ"الرسالة" أن الأمر يتعدى الرغبة الشخصية لدويك -كما جري النقل عنه- لأن القضية أكبر من الرغبات الشخصية وهي تأكيد علي حق طبيعي منحه الشعب لمجلسه التشريعي بأغلبية تعطيه الحق الكامل ليكون "الرئيس" كما يؤكد على ذلك القانون الأساسي أو الدستور المؤقت.
وأكد العجرمي على أنه من المفترض مواجهة ما اسماها "البلطجة السياسية" الحاصلة في التعدي على الدستور والقانون، مشدداً على أن طرح أي بديل من قبل المجلس الوطني "قمة البلطجة"، حيث أن الأخير مجلس غير شرعي ولا يمثل الأغلبية للشعب الفلسطيني وإنما يمثل أقلية، وجاء عقده مناقضاً للاتفاقات التي وقعت في القاهرة والشاطئ وبيروت.
وأوضح أن "التشريعي صاحب ولاية ممتدة، فالرئيس يمكن أن يموت ويخون ويتم محاسبته، وكذلك الأمر بالنسبة للحكومة يمكن سحب الثقة منها، ولكن التشريعي يبقى في موقعه حتى يسلم مهامه لبرلمان آخر".
وتساءل العجرمي في نهاية حديثه "ما علاقة فتح كفصيل في أن تتحدث عن البدائل ومن يأتي ويذهب، وما علاقة قيادة فتح في أن تناقش وضع غزة مع لجنتها التنفيذية التي شكلوها هم؟؟"، لافتاً إلى أن فتح تجاوزت نفسها وتاريخها، ومن يتقلدون مناصبها الآن اختطفوا الحركة ويؤدون دوراً وظيفياً مع الاحتلال "، على حد تعبيره.