قائمة الموقع

مكتوب: الغرب وتركيا في ظل أردوغان

2018-07-08T08:37:05+03:00
عماد عفانة
كتب: عماد عفانة

كيف ينظر الغرب إلى تركيا بعد فوز أردوغان بولاية رئاسية ثانية مع صلاحيات موسعة، وهل ستنحو العلاقة إلى مزيد من الانفتاح ام إلى تضارب المصالح.

لا شك أن لتركيا شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة،

فتركيا موجودة في حلف الأطلسي، وموجودة في قلب أوروبا، وموجودة في قلب موسكو عبر صفقات سلاح وخطوط غاز، وهي كدولة ذات سيادة ومستقلة وموجودة في قطر وفي سوريا.

 تركيا موجودة في قلب الشرق الأوسط، تركيا دولة امبراطورية ذات ديمقراطية عميقة موجودة في عدد من القارات نفوذا وتأثيرا.

الإسلام يتمدد عبر جاليات تركيا المتنامية في أوروبا، وستبقى العلاقات التركية الأوروبية متشنجة ما لم تدخل الاتحاد الأوروبي الذي تضع بريطانيا وفرنسا فيتوا على دخولها فيه.

لكن أوروبا بحاجة الى تركيا ولا تستطيع الاستغناء عنها كجسر بين الشرق والغرب.

كما ليس من الوارد خروج تركيا من حلف الأطلسي مهما عقدت من صفقات سلاح مع روسيا والدليل أن الصفقات والتنسيق مع حلف الناتو بما يخص دخول قواتها الى سوريا في منبج وغيرها.

مستقبل علاقات تركيا مع وأوروبا عميقة جدا حتى وان اختلفت المصالح، فالاستثمار الألماني والفرنسي في تركيا كبير جدا، وهم غير مستعدين للتضحية بها من اجل الخلاف السياسي حول هذه القضية او تلك، فالعالم تحكمه المصالح ولا تفرقه الآراء.

تركيا مرتاحة داخل حلف الأطلسي وستبقى في هذه العضوية لان خروجها منه يعني بالضرورة ان تدخل حلف روسيا او تنشئ لها حلفا مستقلا وتركيا ليست في وراد فعل ذلك في ظل ظروف اختلال موازين القوى وإعادة رسم خرائط المنطقة.

تركيا في طريقها لتصبح دولة عظمى اقتصاديا وعسكريا في ظل ولوج الشرق الأوسط في جملة من المشاكل الكبيرة في ظل تزحزح الحدود وتلاشي دول.

ما زال الناتو مهم لأوروبا وما زال معنيا بوجود تركيا المتقدمة اقتصاديا وعسكريا وذات كتلة بشرية محترمة فيه، ولا تستطيع ان تنفصل أوروبا عن أمريكا في هذا الموضوع فأمريكا وأوروبا في سلة واحدة في نظرتها الى تركيا ولا نستطيع اسقاط أي خلاف سياسي حول قضية هنا او هناك على المصالح الاستراتيجية بين تلك الأطراف المتحالفة.

وصفقة صواريخ الاس 400 الروسية لن تؤثر على صفقة الطائرات الامريكية لان تركيا لا تأخذ هذه الطائرات مجانا بل تدفع اثمانا باهظا لها، عدا عن ذلك تركيا تشتري هذه الطائرات التي شاركت في انتاجها وهذا من حقها قانونيا وسياسيا.

تركيا بشرائها منظومات روسية لا تبحث عن بديل لأمريكا بل تبحث عن تحصين نفسها وعن التنوع الذي يحصنها من الابتزاز الغربي.

تركيا بحاجة لتعزيز قدرات دفاعاتها الجوية وما لم تحصل عليها من أمريكا فمن حق تركيا الحصول عليها من الصين أو روسيا أو غيرها الامر الذي لا يعني معاداة أمريكا التي عليها ان تحترم السياسة الخارجية لدولة كبيرة مثل تركيا.

قد يكون لقمة ترامب بوتين القادمة تأثيرات على العلاقة الروسية التركية خصوصا في الملف السوري ومساحة الحركة المتوفرة لها في الساحة السورية.

إذا كان من تأثير إيجابي لهذه القمة على تركيا التي تعول على خدمة العلاقة مع واشنطن وليس على حساب هذه العلاقة.

مصالح تركيا الاستراتيجية في الملف الكردي شمال سوريا، وتركيا تتطلع أن تأخذ القمة قرار بتوسيع نفوذ النظام في شمال سوريا مما سيسرع في انسحاب الاتراك مع شمال سوريا.

 تركيا ستكون سعيدة بهكذا اتفاق لو تم ما سينهي الكابوس التركي حول إقامة دولة للأكراد في الشمال السوري ما كان يهدد بقضم جزء من الأراضي التركية الامر الذي تحارب تركيا دون حدوثه.

من الواضح انه بعد فوز أردوغان فان أمريكا وتركيا بحاجة الى التحدث مع بعضهما بشكل أوسع، فأمريكا وروسيا عملاقان كبيران ولهما مصلحة مشتركة في جني الأرباح من تركيا التي تتطلع لأن تكبر بهما وليس على حسابهما في هذه المرحلة.

وامريكا تفهم تركيا بشكل جيد وتفهم قيم التحالف مع تركيا لـ 75 عاما وتفهم عمق ديمقراطيتها ومعاملتها الجيدة للاجئين كحائط صد عن أوروبا.

فليس من الدبلوماسية القاء المحاضرات على الطرف الاخر وحتى ولو كانت من قوة عظمى كأمريكا على دولة عريقة كتركيا.

تركيا لديها تعاون عسكري كبير مع الولايات المتحدة، على سبيل المثال لدى الاتراك مسؤوليات امنية في حماية مطار كابول، كما لديها قاعدة انجرليك التي تقدم خدمات استراتيجية لأمريكان في المنطقة.

تركيا لن يتم خدمة مصالحها بارتباطها مع روسيا وإيران فإيران رفضت الطلب التركي بالعمل معها في جبل عفرين على سبيل المثال، وروسيا وإيران لم يعطوا تركيا أي دور في عملية السلام داخل سوريا، فتركيا تبحث عن فرصة في العمل بشكل أكبر داخل سوريا وهي فرصة لن تحصل عليها الا بنفوذ أمريكي غربي.

في ظل ولاية أردوغان الثانية من المتوقع ان تسير الأمور بين تركيا وواشنطن بما يخص الملف الفلسطيني ونقل السفارة الى القدس، فتركيا الى جانب أكثر من 120 دولة وقفت ضد القرار الامريكي بنقل السفارة وهذا لا يعني معاداة أمريكا، لان هذا القرار مخالف لقرارات الأمم المتحدة من جانب ومخالف لالتزامات دولية بان لا تنقل السفارات الى القدس كأرض محتلة، فهذا الملف سيبقى مفتوحا ليس مع تركيا فقط بل مع 120 دولة أخرى.

كلي ثقة أن أردوغان الذي يسير بتركيا وسط حقل من الألغام سيتمكن من الخروج بتركيا اكثر قوة واستقرار

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00