قائمة الموقع

مكتوب: الطفل الغرابلي.. "عامود البيت" الذي فقدته عائلته

2018-07-10T09:01:37+03:00
جنازة الشهيد الفتى محمود الغرابلي
غزة- محمد عطا الله

لم يكن يعلم الشهيد الفتى محمود الغرابلي أن مشاركته في جمعة "مليونية العودة" ستكون الأولى والأخيرة بعد أن اختطفته رصاصة قناص غادرة فور وصوله لمخيمات مسيرة العودة على الحدود الشرقية لمدينة غزة في الرابع عشر من مايو الماضي.

غادر الطفل الذي لم يتجاوز الخامسة عشر من عمره وبقيت الدموع حبيسة أعين والده ووالدته وعائلته التي كانت تتكئ عليه كعمود فقري يُعيل البيت بأكمله؛ في ظل الوضع الاقتصادي المتردي التي تعيشه العائلة عقب إصابة رب الأٌسرة وعدم قدرته على العمل.

تآكل جدران منزله الصغير تعكس حالة الفقر الذي أجبر الشهيد الطفل على ترك مدرسته خلال دراسته بالصف الرابع الابتدائي ليلتحق في أحد محلات بيع الملابس، محاولا سد رمق أشقائه الصغار.

" عمره ما فكر بالذهاب أو لمّح لنا بأنه سيخرج للمشاركة في مسيرة العودة، وهي أول وأخر مرة يروح فيه"، تقول والدته أم محمد معبرة عن صدمتها من هول ما حل بها بعد أن فقدت "يدها اليمين" على حد وصفها لـ "الرسالة".

ولم تدري أم محمد أن ابنها الذي يتوسط أخويه وشقيقتين وقد اعتاد على المزاح كل يوم معها بالدعاء لها "الله يأخذنا على الجنة يا ماما" أنه ينوي الرحيل فعليا ليسبقها شهيدا، وتبقى تتجرع مرارة الفقدان.

وعلى غير العادة فإن الاتصال الأخير لمحمود مع والدته جاء قبل مشاركته في المسيرة دون علمها ليوصيها على أشقائه، لتفُجع بعدها بخبر إصابته بجراح حرجة في رأسه أجبرته على المكوث في العناية المكثفة بمستشفى الشفاء 52 يوما قبل أن يرتقي شهيدا.

قرابة شهرين تجرعت أم محمد الوجع المصحوب بالدعاء لحبيبها محمود بالتعافي والشفاء؛ رغم عدم إفاقته من حالة الغيبوبة التي دخل بها فور إصابته، ولكنه "قلب الأم التي لم يهدأ" على حد تعبيرها.

وبصوت نحيب يملأه الحزن والحسرة تضيف " محمود كان نفسه يتزوج ويساعدنا أكثر ويتمنى يسكنا في بيت أكبر وهو الوحيد من أخوته إلى تحمل المسؤولية من بدري واشتغل حتى يطعمي أخواته".

"وردة مفتحة قطفها غدر الاحتلال" هكذا وصف جد الشهيد محمود رحيل ابن ابنه الذي كان يصفه دائما بـ "عمود البيت" في نشاطه وتحركه.

وترك رحيل محمد فراغا كبيرا لدى جده الستيني أبو ماهر الذي تمنى أن يودعه قبل استشهاده على خلاف ما اعتاد عليه يوميا في رؤيته قبل ذهابه للعمل.

ولا يزال جد محمود يعيش حالة من الصدمة والذهول برحيل "طفله المُدلل" بعد أن قضت رصاصة قناص إسرائيلي على حلم عائلته بأكملها بغدر طفلها.

اخبار ذات صلة