يستعد الآلاف من الغزيين للزحف يوم الجمعة المقبل إلى السياج الأمني الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948 كما اعتادوا في الشهور الأخيرة، لكن هذه المرة قد تكون مختلفة فالمسيرة عنوانها "جمعة الـ100 يوم على المسيرة ودعما ووفاء لأهلنا بالخان الأحمر في القدس".
الوضع يبدو مختلفا، فبعد مائة يوم من المسيرة السلمية التي انطلقت نهاية مارس الماضي، وسقط العشرات من الشهداء والجرحى إلا أن عزيمة المشاركين تزداد يوما بعد آخر، مع تطوير أساليب تظاهرهم السلمي.
حاولت المسيرة السلمية منذ انطلاقها لفت الأنظار صوبها فتحدثت مختلف وسائل الاعلام الغربية عنها، فهي أعادت القضية الفلسطينية إلى الصدارة بعدما أثرت المتغيرات الاقليمية عليها، فقد كشفت المسيرة حجم الوحدة الوطنية في الميدان وأثبتت نجاحها في تحريك عجلة الاهتمام الدولي بالقضية.
وقبل أيام قليلة، دعت الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار، المواطنين الفلسطينيين للمشاركة في فعاليات الجمعة المقبلة من المسيرة، تحت عنوان "جمعة الـ 100 يوم على انطلاق مسيرات العودة " ودعمًا للخان الأحمر.
وقالت إنّ "الحصار على غزة حصار ظالم وغير شرعي ومجرم كل من فرضه أو أعلن عنه أو تجاهل آثاره الكارثية على الشعب".
وأضافت الهيئة أنّ "تحرير الأسرى من ركائز مشروعنا الوطني"، متابعة "نقول لكل من تساوره نفسه أنه لا تقايض برفع الحصار ولا حل لها إلا عبر صفقة تبادل على غرار صفقة وفاء الأحرار والصفقات المشرفة".
وشددت على أنّ كل فصائل شعبنا وقواه الوطنية والمجتمعية ترفض ما يسمى "صفقة القرن" أو أي شيء ينتقص من حقوقنا الثابتة على رأسها وحدة أرضنا وحقنا الثابت بالعودة والقدس عاصمة موحدة.
الحشد والاهتمام الكبير في مسيرة العودة الكبرى يدفع للتساؤل إن كانت حققت اهدافها التي كانت ترجوها، قبل أن تحشد من جديد لجمعة المائة يوم.
يقول الكاتب أكرم رضوان في مقال له أن المسيرة الشعبية أثبتت أن شعبنا لن يُعدم وسائل المقاومة المختلفة، حيث يمكن صناعة وسائل بسيطة وبدائية ولكن مفعولها قوي ومؤلم للاحتلال، كالطائرات الورقية.
وتطرق رضوان إلى أن هناك بعض العثرات والأخطاء على المستويين الإداري والميداني، ويرى أن الحراك اقتصر على قطاع غزة فقط، وليس كما كان متوقعا أو مخططا له بأن يشمل الضفة وفلسطين الـ48 ومخيمات الشتات في دول الجوار؛ في زحف مليوني نحو الحدود مع دولة الاحتلال، مما أضغف تأثيره، كون القطاع مصنف عالميا بأنه بؤرة صراع ومنطقة ساخنة على الدوام، وكذلك لم ينجح الحراك في استنهاض الشعوب العربية والإسلامية بالشكل المطلوب.
كما لفت إلى أن العنوان الرئيس للمسيرة هو عودة اللاجئين الفعلية إلى أراضيهم، وإن بصفتها الرمزية في الوقت الحالي، لذلك سميت بـ"مسيرة العودة الكبرى"، وإن كان لا يعيب المسيرة أن يكون ضمن أهدافها السياسية رفع الحصار عن قطاع غزة، ولكن الملاحظ أن هدف العودة بدأ يخفت مع الوقت ليتصدر العنوان الآخر "كسر الحصار.
ويتحدث عن الحضور الإعلامي لاسيما الأجنبي فيقول:" هو أكبر استثمار ونجاح للحراك؛ لأنه يسهم في حشد الرأي العام الدولي لمصلحة الحق الفلسطيني وإظهار بشاعة الاحتلال الذي يستهدف حراكا سلميا يقتل مدنيين يطالبون بحقهم في العودة، غير أن الإعلام الإسرائيلي استطاع أن يسوّق هذه المسيرات دوليا كأنها ناتجة عن ضغط معيشي، وليست إرادة شعبية، وأنها مسيّسة لصالح حماس من خلال هوية بعض الشهداء، لذلك وجدنا أن ما يطرح من مبادرات مؤخرا تتحدث عن تحسين الأوضاع الإنسانية فقط".
وفي ذات السياق يقول حسام الدجني المختص في الشأن السياسي:" لا يمكن الحديث عما حققته المسيرة خلال المائة يوم في تقييم عابر، فلابد من تقييم موضوعي يتم من خلاله قراءة الأيام السابقة وتحديد ما حققته من المكاسب والخسائر المادية والبشرية ليتم تفاديها في الأيام المقبلة".
وبحسب متابعته يوضح "للرسالة" أن ما حققته مسيرة العودة يمكن القول أنها حققت بعض الاهداف المرجوة، لاسيما وانها أعادت القضية الفلسطينية للمشهد السياسي ووضعتها على الأجندة الدولية، وعملت على تحريك الوعي الوطني في ظل عملية كي الوعي التي تنتهجها (إسرائيل) ضد المقاومة".
وفيما يتعلق بالعنوان الذي حملته مسيرة العودة حينما انطلقت بكسر الحصار، يرى أنها لم تحققه عمليا بل أعادت خطابه من جديد، لذا تحتاج المسيرة إلى تقييم حقيقي من كل الأطراف الوطنية.
ويعقب الدجني على أن المسيرة اقتصرت فعالياتها فقط يوم الجمعة بالقول" الواقع لا يسمح بذلك لاسيما وأن القطاع الصحي لا يمكنه أعداد كبيرة من المصابين".