قائمة الموقع

مكتوب: فتيات "الخان الأحمر": "لن نغفر التخاذل"!

2018-07-14T06:43:51+03:00
خلال قمع الاحتلال لأهالي الخان الأحمر
غزة- ياسمين عنبر

وحدها "سماح السلوادي" المقدسية من ركضت حافية الأقدام باتجاه المجند تريد تخليص أحد أقربائها من بين يديه، هي من تعرف جيداً معنى البلاد، من تستيقظ في الخامسة صباحاً لا لتصلي فقط بل لتبدأ حياةً كاملة، وترعى الأغنام برفقة والدها حتى حفظت دهاليز الخان وعدد رماله.

فقط هي من تدرك أن البلاد والحجاب قضية واحدة، وربما أملت أن تثأر البلاد لأجلها لكن حظها كان ناقصاً تماماً كالبلاد التي كتب عليها أن تكون جزءا منها.

ابنة الخان الأحمر، فتاة القدس.. من صرخت "وامعتصماه" فارتد صدى صوتها في جوفها حين جرَّها الجندي خالعًا حجابها ولا مغيث لصرخاتها لأن المعتصم داخل العرب والمسلمين قد "مات".

المقدسية "سماح" التي لم تستطع التعبير عما يختلج صدرها فبقيت خلال حديثها مع "الرسالة" تتساءل مستنكرة: "كيف هنت عليهم وأنا بتمردغ بالأرض؟ كيف هان عليهم أعراض بنات القدس..؟".

كانت العشرينية "السلوادي" تتجهز لزراعة الورد على أطراف مزرعة والدها الفلاح المقدسي اليبوسي، حين تم إعلان الخان الأحمر منطقة عسكرية مغلقة وإبلاغ الجميع بقرار إخلاء المكان بحضور قناصل وممثلي بلجيكا السويد إنجلترا فرنسا سويسرا ايرلندا فنلندا والنرويج.

"جن جنوني.. حلفت لو على جثتي ما بتهجر من الخان الأحمر، صرخت، دافعت، قاتلت"، وبنبرة حزينة تكمل: "لكن وحدي.. كنت وحدي فلم يلتفت أحد إلى صرخاتي".

فتيات الخان الأحمر أثبتن أن النساء شقائق الرجال، أنهن كتفًا بكتف، فحين يتعلق الأمر بالقدس فإنهن ينحين الأنوثة والرقة جانبًا، تقول "سماح": "الضفة لن يفصل شمالها عن جنوبها والقدس لن تقسم".

بينما كانت أختها "سما" ذات السبعة أعوام تبكي، وحين سؤالها من المحيطين بها عن سبب البكاء أجابت ببراءة: "كيف بدي أروح عالمدرسة.. كيف بدي اتعلم لو هدموها".

وتسعى سلطات الاحتلال إلى هدم تجمع الخان الأحمر بهدف إفساح المجال لتوسيع البناء الاستعماري غير القانوني في القدس الشرقية المحتلة، واستكمال مخطط عزل القدس وفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها.

"وإذا قلعوا شجرة بنزرع عشرة" هكذا كان يهتف كبار السن في الخان الأحمر، بينما انتشرت عبارات الصمود على مقاعد صخرية مثل: "مش متزحرح قاعد فيها"، "صامدين"، "لن نهجر"، "القدس لن تقسم".

وما بين خذلان العالم لفتيات الخان الأحمر وحزن الصغار على مناطق لعبهم ومدارسهم، أرسل والد الشهيد مصعب التميمي رسالة مؤلمة لفتيات الخان بدأها بـ "الله يسامحك يا عمي قومي البسي حجابك".

متابعًا قوله لها: "احنا متنا من زمان يا عمي، من يوم ما السجون مليانة حرائر احنا متنا مع أصابع يد اسراء الجعابيص ومع قلم الأسيرة استبرق التميمي وصفعة عهد التميمي.. قومي عمي احنا ميتين، وازا دكة النعش تحركت احنا بنتحرك".

الكاتب القصصي "زياد خداش" قال عن المدرسة المبنية من الإطارات في الخان الأحمر بغرفة مديرها وصفوفها وسقوفها وجدرانها وملعبها: "بعد أسابيع لن تكون هناك مدرسة... ستتدحرج سقوفها وجدرانها على سفح الجبل، وستستقر في الوادي".

وأكمل:" لكن ضحكات الطلاب وأسئلتهم الصادقة والصريحة وأقلامهم وأصواتهم ودفاتر رسمهم ستبقى في مكان ما على الجبل، تخرج في الليل للمحتلين جنودًا، صارخة في خوفهم: "ولدت هنا أحلام صغيرة من الصعب اقتلاعها".

اخبار ذات صلة