قائمة الموقع

مكتوب: لا تحقرن ضعيفاً

2018-07-15T09:33:52+03:00
صورة تعبيرية
أ. علي جمال المنشاوي

الحمدلله رب العالمين بنعمته تتم الصالحات هو ولينا في الدنيا والآخرة نسأله أن يتوفانا مسلمين وأن يلحقنا بالصالحين ونصلي ونسلم على سيدنا محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل صلاة وأزكي تسليم، أما بعد...

يقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"(سورة الحجرات: آية 13)، لا شك أن المظهر الخارجي لأي إنسان يعطي الانطباع الأولي عن ذلك الشخص، فلربما ترى شخصاً قد لا يدل مظهره الخارجي على أنه من ذوي الهيئات، فتنظر إليه بعين الاحتقار بينما هو عند الله تعالى من أهل الصدق والولايات، فعَنْ أَبِي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ. (رواه مسلم)، ولربما ترى شخصاً قد اهتم بمظهره وهندامه فتنظر إليه بعين الاحترام، والإجلال، بينما هو في الحقيقة من أهل الدناءات، لذلك فإن الحكم جزما على الناس من مظهرهم الخارجي فقط يجانب الصواب لأن الحكم على الناس لا يكون إلا نتاجاً للاحتكاك بهم والتعامل معهم...

يقول الشاعر:

لا تحقرن ضعيفاً حين تنظره

 إن البعوض تدمي مقلة الأسد

كم من شرارة حقر حين تنظرها

 لربما أضرمت نار على بلد

وهذا المعنى هو الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته الكرام كما في غير موضع فعن سهل بن سعد الساعدي، قال: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟" قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْتَمَعَ، قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ، فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ، فَقَالَ: "مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟" قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْتَمَعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا". (رواه البخاري).

وعَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، ارْفَعْ بَصَرَكَ فَانْظُرْ أَرْفَعَ رَجُلٍ تَرَاهُ فِي الْمَسْجِدِ" قَالَ: فَنَظَرْتُ، فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ عَلَيْهِ حُلَّةٌ، قَالَ: فَقُلْتُ: هَذَا، قَالَ: فَقَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، ارْفَعْ بَصَرَكَ فَانْظُرْ أَوْضَعَ رَجُلٍ تَرَاهُ فِي الْمَسْجِدِ" قَالَ: فَنَظَرْتُ، فَإِذَا رَجُلٌ ضَعِيفٌ عَلَيْهِ أَخْلَاقٌ، قَالَ: فَقُلْتُ: هَذَا.

قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَهَذَا أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ قُرَابِ الْأَرْضِ مِثْلِ هَذَا." (رواه أحمد).

يؤخذ من هذين الحديثين فائدة عظيمة، وهي أن الرجل قد يكون ذا منزلة عالية في الدنيا، ولكنه ليس له قدر عند الله، وقد يكون في الدنيا ذا مرتبة منحطة، وليس له قيمة عند الناس، وهو عند الله خير من كثير ممن سواه.

لذلك أُأكد مرة أخرى على أن الحكم على الناس من مظهرهم الخارجي فقط يجانب الصواب لأن الحكم على الناس لا يكون إلا نتاجاً للاحتكاك بهم والتعامل معهم، فالملح والسكر كلاهما له نفس اللون ولكن التجربة هي التي تحدد الفرق بينهما.

وأختم مقالي ببعض النصائح في فنيات التعامل مع الآخرين حري بنا أن نحرص عليها:

  • التواضع والابتعاد عن الكبر والغرور.
  • حسن الظن بالآخرين.
  • السلام على من تعرف ومن لا تعرف بكل حرارة وصدق.
  • الحرص على الابتسامة في وجوه الآخرين، فالابتسامة تعرف طريقها إلى القلب.
  • احترام آراء الآخرين، وعدم تسفيه أقوالهم.
  • مناداة الناس بأحب الأسماء إليهم.
  • الاستماع للآخرين عندما يحدثونك؛ لأنهم بحاجة إلى تركيزك معهم لدقائق و ليس العمر كله.
  • تعمد توجيه النصيحة للآخرين على الانفراد وليس على الملأ.
  • الهدية لها وقع كبير على النفس فلا تغفل عنها، فالهدية المناسبة في الوقت المناسب تفعل ما لا يفعله غيرها.

رزقنا الله وإياكم حسن التفقه في الدين، وطيب الفهم له، وعز العمل به، وكرامة الإخلاص له.

اخبار ذات صلة