قائد الطوفان قائد الطوفان

مكتوب: بعد إغلاق كرم أبو سالم... عنق الزجاجة يضيق على غزة

كرم أبو سالم
كرم أبو سالم

محمد بلّور-الرسالة

تحولت مجالس الغزيين كلها في ساعات المساء من الحديث عن أزمة الكهرباء والرواتب إلى أزمة إغلاق معبر كرم أبو سالم رئة غزة الوحيدة التي تتنفس منه جزءً من حاجاتها الإنسانية.

تتسارع قفزات الحصار حول غزة، فصناع القرار لدى الاحتلال يشدون الوثاق بتزامن مرتب سلفاً مثل إغلاق معابر غزة دفعةً واحدة.

وكان الاحتلال قرر يوم الاثنين إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري حتى إشعار آخر وذلك بعد أيام من منع معظم السلع والخدمات من الدخول عدا المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والابقار والاعلاف.

واقع الحياة بغزة يعتمد في حياته التجارية على معبر كرم أبو سالم الذي أبقاه الاحتلال كبد الاقتصاد الوحيد لغزة، بعد أن قلّص مساحة الصيد.

عدوان اقتصادي

انقرضت منافذ الحياة من غزة إلى العالم مع مرور الزمن ومع مجيء الاحتلال عام (1967) طوّقها بعدة معابر أحكم أمنه عليها أحياناً وتراخى نادراً حتى تدحرجت السياسة بغزة ووصلت لمعبر وحيد للسلع (كرم أبو سالم) وآخر يفتح لبعض الأفراد معبر (بيت حانون).

وكان عدد الشاحنات الواردة لغزة هبط بشكل حادّ فمنذ عام كان عددها (600-800) يوميا، ومع بداية الركود واشتداد الازمة قبل عام وعدة أشهر وصل إلى (300-400) لكن هبط قبل أيام لأقل من (171) شاحنة تحمل معظمها سلع المؤسسات الإنسانية.

ويقرأ د.إبراهيم حبيب الخبير في الشئون الأمنية إغلاق معبر كرم أبو سالم بأنها محاولة ضغط على المقاومة حتى تتوقف البالونات والطائرات الورقية وهي خطوة ستتلوها خطوات الضغط من أجل وقف مسيرة العودة على الحدود.

ويضيف:"الأدوات الاقتصادية مارسها الاستعمار والاحتلال تاريخياً للتأثير على حركات التحرر والمقاومة وانتزاع تنازلات، والاحتلال بدأ مسلسل ضغوط اقتصادية فبعد احتلال 1967 منع غزة والضفة من التواصل مع العالم إلا بواسطته".

وعلّق الناطق باسم حركة حماس، فوزي برهوم في بيان صحفي قائلا": "إغلاق الاحتلال الإسرائيلي معبر كرم أبو سالم وحرمان غزة من أبسط مستلزمات ومتطلبات الحياة جريمة ضد الإنسانية تضاف إلى جرائمه بحق الشعب الفلسطيني وأهلنا في القطاع وجرأه عليها الصمت الإقليمي والدولي ".

ويقول عمر شعبان الخبير الاقتصادي إن إغلاق كرم أبو سالم مصدر مرور معظم السلع لغزة يعمّق أزمة البطالة وحالة الركود في ظل تراجع القوة الشرائية.

أطلال القطاع الخاص المتبقية ستغادر قريباً بلا رجعة مع منع تصدير سلع الزراعة والأقمشة التي جاهدت للبقاء، ومنع استيراد السلع الصناعية سيطال مشتقات الوقود مما يمنح غزة القدرة على العيش أيام قلائل حسب توقع الخبير شعبان.

الأمن والسياسة

ويعد التحكم والسيطرة الاقتصادية بوابة الجهد الأمني والاستخباري ومحطةً سياسية يستخدمها الاحتلال من قديم الزمان بحق غزة التي تكافح من أجل الحياة، وفي حال استمر إغلاق كرم أبو سالم سيفرغ بعد أيام أسطوانات الغاز من مطابخ غزة وسيكشف عن أزمة وقود بدأت تظهر جزئياً.

ويؤكد د. إبراهيم حبيب الخبير الأمني أن التحكم الاقتصادي يخدم أمن الاحتلال وهو مخالف لاتفاقية باريس الاقتصادية رغم عيوبها، والتي كانت سببا في هيمنة الاحتلال على الاقتصاد الفلسطيني حتى أضحى يجبي الضرائب ويتحكم في نسبها توريدها للسلطة حسب مصلحته وديونه المستحقة عليها.

ويرى عمر شعبان الخبير الاقتصادي أن اغلاق معبر كرم أبو سالم لن يمنح غزة فرصة العيش سوى أيام معدودة وأن المعبر شهد في سنوات الانتفاضة والحروب عدة إغلاقات لكن الحالة المادية والاقتصادية لسكان غزة كانت أفضل داعياً القوى الفلسطينية أن تلتفت للمطالب الإنسانية وفهم أبعاد ما يجري.

ورغم أن الاحتلال برّر مراراً إغلاق معبر كرم أبو سالم سابقاً بذريعة دخول مواد وسلع تستخدمها المقاومة وتهدد أمنه إلا أن تواصل مسيرة العودة واقتراب تشكيل مشهد سياسي جديد يقف على رأس جملة الأسباب التي أوصد معها الاحتلال بوابة غزة التجارية الوحيدة.

البث المباشر