لا يُشير الموقف الفتحاوي إلى جدية الحركة في التعاطي مع الطرح المصري الجديد لتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، لا سيما وأنها ما زالت تراوغ في القبول بهذا الطرح وتدفع بشروط قد تنسف تلك الجهود المصرية برمتها.
ورغم قبول حركة حماس وموافقتها على جميع بنود الورقة المصرية دون قيد أو شرط، بدا الموقف الفتحاوي أكثر تصلبا بعد طرح اشتراطات مختلفة في محاولة للتنصل من المبادرة المصرية.
وكان أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب اشترط تسلم حركته الملف الأمني كاملا والتمكين الشامل للحكومة من أجل القبول بالعودة لملف المصالحة، فيما اتهم مسؤول ملف المصالحة في "فتح" عزام الأحمد حركة "حماس" بأنها نشرت بنودا للطرح المصري لا أساس لها من الصحة، مشيرا إلى أن حركته ستسلم مصر تصورها النهائي وملاحظاتها على الورقة خلال يومين.
يذكر أن المخابرات المصرية قدمت ورقة لحركتي حماس وفتح يتم من خلالها تجاوز الخلافات، وتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية.
تضييع الوقت
ويرى السفير أمين يسري مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق والقيادي في الحزب الناصري، أن "التلكؤ وتضييع الوقت في الموافقة على الورقة المصرية من طرف حركة فتح يشير إلى عدم وجود رغبة لدى السلطة في مواجهة الاخطار المحدقة بالقضية في هذا التوقيت الحساس".
وأوضح يسري في حديث لـ "الرسالة نت" أن موافقة حركة حماس على الورقة المصرية يعبر "عن موقف وطني وعروبي وأخلاقي أصيل، ويدلل على صدقها في التوجه لإجراء المصالحة وإنهاء الانقسام، وان كانت السلطة حريصة على وطنها وفلسطينيتها فعليها أن تعمل في اتجاه الوحدة".
المربع المتصلب
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي د. تيسير محيسن أن موقف حركة فتح المتردد وبحثها عن ثغرات في الطرح المصري، وصولا إلى التشكيك في مصداقيته يعكس عدم جدية الحركة في التعاطي مع الجهود الرامية لتحقيق المصالحة.
ويوضح محيسن لـ "الرسالة نت" أن "فتح" مازالت تقف في نفس المربع المتصلب للمصالحة وتريد كل شيء دون إعطاء أي شيء وتتعامل مع المصالحة من منطلق الاستفراد وعدم الايمان بالشراكة الديمقراطية.
ويؤكد أن الكرة الآن في ملعب مصر، مستبعدا أن تقبل حماس بأي تفكيك أو إعادة النظر في بنود الورقة المصرية كونها تلبي مواقف الطرفين ومتوازنة إلى حد كبير في مسارها العملي بتحقيق المصالحة وطي الانقسام.
ويلفت محيسن إلى أن حركة فتح لا ترغب في صنع أي متغير على الخارطة السياسية الإنسانية حتى في جانب العقوبات المفروضة، فهي لا تبدي أي استجابة لرفعها كمقدمة حسن نية لإغلاق ملف الانقسام وهو ما ينم على عقلية متصلبة تهوي بالمصالحة إلى نقطة الصفر.
ونوه إلى أنه في حال فشلت تلك الجهود فعلى الراعي المصري أن يشرع في معالجة البعد الإنساني بقطاع غزة وحل مشاكل القطاع التي تنذر بكارثة إنسانية في ظل استمرار الحصار.
وفي نهاية المطاف فإن إفشال الطرح المصري لاستئناف المصالحة سيزيد من تعقيد المشهد الفلسطيني الداخلي ويعمق أزمة الثقة "المفقودة" بين مختلف الأطراف على الساحة.