15 دقيقة فقط مع طبيب مقدسي، ستدرك خلالها حجم لهفته لإبصاره غزة، وستدرك أيضًا أن جرح رصاصة يتركها قناص إسرائيلي في ساق طفلٍ شارك في مسيرات العودة ستقتل حلمًا وتبقي الروح بلا نبض!
"أنا مواليد القدس أنا ابن القدس " صاحب تعريفه بنفسه تكرارًا، تكرار يفيد التوكيد على حب القدس والانتماء لها لأنها العاصمة الأبدية هنا.
تباعًا عرفنا الدكتور جمال حجازي استشاري جراحة الأوعية الدموية والقسطرة الطرفية خلال سياق حديثه "للرسالة" على هامش المؤتمر الثامن للباطنة الذي يشرف عليه مستشفى ناصر الطبي بالتعاون مع ووزارة الصحة.
الهدف الإعاقة!
الجراح المقدسي يزور قطاع غزة كل عام تقريبًا مع مجموعة أطباء من أجل حقوق الانسان، يتابع بعض الحالات ويشارك في عمليات جراحية، ما عرفناه أكثر أن إصابات مسيرات العودة كانت حرجة جدًا والرصاص مدمر!
يقول: "شاركت في الجراحات الطارئة خلال مسيرة العودة منذ بداياتها آذار الماضي، طبيعة الإصابات متعمدة وليست بسيطة"، وأضاف: " معظمها في مناطق غير قاتلة ولكن الهدف منها الإعاقة، بعتبرها أقسى من القتل لأن الجريح يمسي حيًا بإعاقة".
ويرى بأن الاصابات بالرصاص المدمر "المتفجر"، تأثيرها الموضعي الحالي عبارة عن فتحة صغيرة ولكن عندما تخرج تقوم بتدمير كامل للنسيج العضلي وتهتك العظام، إضافة الى التأثير الحراري خلال 24 ساعة وقد يستمر الى عدة أيام.
أغلب الحالات التي تابعها الدكتور جمال كانت في السيقان، مؤكدًا أن ساق أو قدم المصاب تصبح بعد أيام بلا وظيفة، منبهًا الى أن رصاصة إسرائيلية واحدة تقضي على حلم انسان عمره 18 سنة غالبًا، هذا الانسان الذي يعاني من البطالة بدرجة كبيرة، قد تصبح بنسبة 100 % في حال فقد أطرافه السفلية.
حصار علمي!
"نحاول باستمرار المجيء هنا لأننا نعلم الوضع الصحي السيئ جدًا في غزة من ناحية عدم وجود الأدوات والمستلزمات الطبية نتيجة الحصار من البر والبحر والجو"، يقول طبيب الأوعية ثم يوضح بأن النقص كان ملحوظًا على مستوى المضادات الحيوية والمحاليل الطبية الملحية وخيطان الجراحية كذلك، التي تستنزف طيلة الأحداث على الحدود الشرقية.
يتواجد الطبيب جمال في "مؤتمر الباطنة" البعيد عن تخصصه في جراحة الأوعية، لكنه حريص على التواجد كما أبدى "للرسالة"، معربًا عن فخره بالطاقم الطبي في غزة، فبالرغم من الحصار العلمي المفروض يستطيع عقد مؤتمر لا يقل جودة عن أي مؤتمر في العالم بالإمكانيات البسيطة في المجال الصحي.
ويرى أن الأمر لا يتعلق بنوعية الإصابة فقط، فإذا لم يعطَ الجريح العلاج المناسب سيتحول الجرح الى جرح غير معقم "مجرثم"، وتدريجيًا يؤدي الالتهاب الى فقد القدم تدريجيًا إذا لم يجد نظاما علاجيا متكاملا مكثفا.
ونبه خلال الدقائق التي قابلناه خلالها على هامش المؤتمر الى أن الجريح في غزة يفتقد الى إعادة تأهيله بعد اجراء عمليات جراحية له كتثبيت الكسر أو ترميم الأوعية الدموية، داعيًا الى الاكتراث للضرر الواقع على الأعصاب في الساق المؤدي الى صعوبة حركة الطرف أو فقدان الحركة بشكل كامل.
ضرورة وجود مستشفى تأهيلي في مدينة ساخنة الأحداث كغزة كانت من وصايا الطبيب جمال
قبل أن يعود للمشاركة في جلسة المؤتمر قبل عودته للقدس، وختم بالقول:" أتمنى العافية لجميع الجرحى، كل جريح هو ابن من أبناء الوطن، هو عزيز علينا قبل عائلته".