لا تخطئ العين الحرب بالوكالة التي يتم شنها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، آخر معاقل المقاومة والصمود في وجه الاحتلال الإسرائيلي ومخططات تصفية القضية الفلسطينية.
وبعدما رفعت التجمعات الفلسطينية الأخرى الراية البيضاء ما زالت غزة ترفض الاستسلام وتصر على انتزاع حقوقها، لذا تتعرض لحرب ضروس من جميع الأطراف بالوكالة عن الاحتلال الإسرائيلي.
ففي حين يقف الاحتلال على حدود غزة يقتل بالرصاص والقصف تمارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا القتل بطريقة أخرى ضد أهالي غزة عبر الإجراءات التي اتخذتها وسياسة تقليص خدماتها المقدمة للاجئين منذ عدة أعوام وذلك بهدف انهاء عمليات الأونروا تدريجياً.
وربما الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الاونروا تعكس حقيقة أنها تحمل ابعادا سياسية وليست ازمة مالية، حيث أنها ليست المرة الأولى التي تعاني فيها الوكالة من عجز في الموازنة، وكان بإمكانها ان تبحث عن حلول أخرى او تجري إعادة نظر في مصروفاتها الضخمة بدلاً من اللجوء إلى الفصل التعسفي بحق موظفيها.
أحد أهم الأسئلة المطروحة عقب قرار فصل الوكالة فصل 125 موظفا من موظفيها المحسوبين على برنامج الطوارئ في غزة، وإحالة 570 موظف إلى دوام جزئي، وتحويل 270 موظفا على بقية البرامج حتى نهاية العام 2018 مع عدم وجود ضمانات للاستمرار بعد نهاية العام"، لماذا الإجراءات طالت فقط موظفي الوكالة بغزة في حين لم نشهد إجراءات مماثلة في أي من أماكن عمل الوكالة الخمس، ما يؤكد ان الوكالة تلعب دورا يتماشى مع الإدارة الأمريكية التي تهيمن على الأمم المتحدة وترغب في تمرير صفقة القرن التي تبدأ من غزة.
وتزداد المخاوف من القرارات القادمة حيث بدأت تتسرب أنباء تتحدث عن طلب الوكالة من وزير التربية والتعليم في الضفة صبري صيدم ان تستلم وزارته مدارس الاونروا في غزة على ان يمولها البنك الدولي الا انه رفض.
ويتضح من هذه التسريبات ان الاونروا التي أنشأت بقرار من الأمم المتحدة التي اعترفت بـ(إسرائيل)، تمارس اليوم حربا بالوكالة عن الأمم المتحدة والدول الكبرى التي تدعم الاحتلال ووجوده وتحديداً الولايات المتحدة.
ومن ناحية أخرى لا يمكن الفصل بين إجراءات الأونروا ضد غزة تحديداً وبين قرار الولايات المتحدة تقليص المساعدات المالية المقدم لها والحديث عن تقرير أميركي أمنى يقول ان عدد اللاجئين الفلسطينيين في العالم 20 ألفا فقط وهم من تبقى من الذين هجروا قسراً في العام 1948، أما أبناؤهم واحفادهم فليسوا لاجئين، وهذا ما يؤكد حقيقة المساعي الامريكية لإنهاء عمل الأونروا بهدف تصفية قضية اللاجئين التي تعتبر جوهر الصراع في القضية الفلسطينية.
قرارات الوكالة قوبلت بحالة من الغليان في صفوف موظفيها والشارع الغزي اجمالا، ومن المتوقع ان تتصاعد الاحتجاجات ضد هذه القرارات، في الوقت الذي تحدث فيه موظف كبير من (أونروا)، إن الوكالة قد تعلق عملها في قطاع غزة في حال استمرار الاحتجاجات على قراراتها بتسريح عشرات الموظفين بسبب أزمتها المالية.
وذكر المصدر في إدارة أونروا في غزة طالبًا عدم ذكر اسمه إنّه "في حال تدهورت الأوضاع أكثر، وتكرر عدم تمكين الموظفين من الدخول إلى مكاتبهم فإن أونروا ستعلق عملها في قطاع غزة".
وجاء تحذير المصدر عقب احتجاجات لمئات الموظفين في أونروا داخل مقرها الرئيسي وسط مدينة غزة، تضمنت طرد الموظفين من مكاتبهم وسط إرباك كبير على خلفية الاحتجاجات بشأن الإجراءات ضد الموظفين.
والأخطر انه لم نسمع أي موقف من السلطة الفلسطينية حتى الان على قرارات الأونروا، ومن الصعب ان ينتظر أهالي غزة ان تتدخل السلطة لمواجهة قراراتها، وهي نفسها تمارس سياسة التجويع ضد الغزيين منذ أكثر من عام ونصف من خلال العقوبات التي تفرضها على غزة.