قائمة الموقع

مقال: قناص الحدود.. سهام الموت لحصد أرواح المحتلين

2018-07-30T08:06:19+03:00
الكاتب

بثبات منقطع النظير، يقف " قناص الحدود" منتظرا الجنود الصهاينة الذين دنسوا بلاده واستهدفوا أبناء شعبه العزل في مسيرات العودة من خلف سواترهم، ينتظرهم حتى يغادروا عرباتهم العسكرية أو يطلوا من فوق ساتر يختبئون خلفه، وفي هدوء الأسد قبل الانقضاض على فريسته يصوب بندقيته من مسافة بعيدة، ويطلق رصاصة واحدة تحمل معها الموت المؤكد للجندي المحتل، حين بدأت بالكتابة تذكرت أحد المشاهد التي قرأتها في رواية "القناص" للكاتب المقدوني بلايز مينيفسكى، حين يقول للكاتب: "إنك ككاتب تحب زخرفة الأمور، وإضافة الكثير من التفاصيل الخيالية للحقائق، أنت محق في شيء واحد فقط، هو مهارتي العالية في التصويب، لم أفشل أبدًا في إصابة أي هدف محدد، ولذلك لا أريدك أن تقلق أبدًا. لن تخطئك رصاصتي. ستضربك في غمضة عين، بهدوء وسلاسة. بخفة، كما الفراشة لن تشعر بشيء أعتقد بأنك سترى ستارة حمراء تنزل أمام عينيك، يعقبها ظهور كلمة "النهاية"". فقناص الحدود لا تخطئ رصاصته.

سلاح القنص يعتبر مؤثراً جداً في المعارك العسكرية المتداخلة والمشتبكة، وبالتحديد حرب العصابات عند الالتحام، وله مفعول مؤثر في الكثير من المعارك والعمليات والمفاصل في التاريخ العسكري القديم والحديث، فسلاح القنص تُنفذ من خلاله عمليات محكمة ودقيقة تستطيع التخلص من الخصم المستهدف من غير آثار جانبية؛ فعملية القنص تستهدف أشخاصا محددين يمكن تمييزهم عن غيرهم، بخلاف الأساليب العسكرية القاتلة الأخرى غير الدقيقة فتقتل وتصيب عددا كبيرا قد لا تحتاج لقتله أو إصابته.

قنص جنود الاحتلال على حدود قطاع غزة، يعزز من إدخال سلاح القنص بهذه المهارة والدقة كأداة بيد المقاومة، ويعتبر تطورا نوعيا لردع الاحتلال من خلال تنفيذ قاعدة الدم بالدم وأن جزاء الاحتلال من نفس عمله، ويعطي فرصة للرد على تجاوزات الاحتلال بقنص العزل من المدنيين في مسيرات العودة بالقدر ذاته، فقد كان واضحاً من خلال عملية القنص التي نفذت مؤخرا أن المقاومة الفلسطينية باتت تمتلك أسلحة قنص أكثر تطورا ودقة من تلك التي كانت تمتلكها في مواجهات سابقة، وأن لديها رماة ماهرين يجيدون إصابة الهدف بدقة عالية، كما تثبت مقاطع الفيديو التي تنشرها المقاومة عن انتشار الجنود، ومهماتهم على الحدود، وتحديد رتبهم، وأنهم في مرمى سلاح قناصها، أنها باتت تمتلك وحدات استطلاع ومراقبة على مدار الساعة وأن عملية القنص الأخيرة كانت محددة الهدف ضد المسؤول عن توجيه وإعطاء الأوامر لوحدات القنص الصهيونية.

هذا يدل على أن قناصة المقاومة ذوو مستوى عال من التدريب يستخدم البيئة المحيطة به للاختفاء، وقد يعمل بمفرده أو مع فريق لا يزيد عن 2 من القناصة والاستطلاع، ويستطيع العمل بمفرده لساعات طوال. ومن مهامه استهداف قناصة العدو التي تستهدف العزل والمدنيين في مسيرات العودة، ويعتبرون الأخطر في الميدان.

عملية القنص الأخيرة ستدخل جنود الاحتلال في المواقع المحاذية لقطاع غزة في حالة من الخوف الدائم على حياتهم تحسبا من استهدافهم من قبل قناصة المقاومة في غزة. وهذا ما كان واضحاً في الجمعة الأخيرة من مسيرات العودة واختفاء جنود الاحتلال عن الأنظار.

كما أثبتت عمليات القنص القدرة على تجاوز المعلومات التي كانت لدى أجهزة الاستخبارات العسكرية، وهو إنجاز فلسطيني يمسّ قدرة الجيش الإسرائيلي على ردع المقاومة. أضف إلى ذلك إن عدم توفر المعلومات حول قناص المقاومة يقلص من قدرة الجيش على جباية الثمن منه؛ مما قد يستوجب على الجيش تغيير أنماط الخدمة العسكرية لدى قادته وجنوده على حدود غزة؛ لذا على العدو الصهيوني أن يعي أن أساليب المقاومة المسلحة متعددة وتستخدمها المقاومة حسب الحاجة والظرف والإمكانيات المتاحة.

اخبار ذات صلة