قائمة الموقع

مكتوب: صفقة القرن: أسقطها عباس أم هي أسقطته!

2018-07-30T12:59:49+03:00
عماد عفانة
كتب: عماد عفانة

تنتاب الناظر للوحة السياسية السريالية التي رسمها عباس بريشته البيضاء التي تتوسط خطين أزرقين على مدار 48 سنة من عمره الممتد إلى الرابعة والثمانين، وذلك لحجم المتناقضات بين الأقوال والمواقف التي تعتري حياة هذا الرجل.

فمن جهة، عباس مع إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير لتبقى المظلة الفلسطينية والممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ولكن من جهة أخرى هو ذاته يساهم في سيطرة السلطة التي يقودها بنفسه على مفاصل المنظمة، رغم أن الكثير من مفاصل السلطة تخضع لسيطرة الاحتلال، وبالتالي السيطرة على منظمة التحرير وإن بشكل غير مباشر.

ومن جهة أخرى يعلن عباس جهارا نهارا أنه ضد صفقة القرن، لكنه في ذات الوقت يمارس كل ما من شأنه المساعدة على تمرير هذه الصفقة، سواء بالتصريح الشهير الذي أدلى به وهو جالس قبالة الرئيس الأمريكي ترامب، أو بممارسة كل الضغوط الاقتصادية الممكنة لمحاصرة وتركيع الشعب في قطاع غزة بهدف إزالة كل الموانع أمام تطبيق الصفقة التي تعد بتوفير الأموال والمشاريع والاعمار مقابل التنازل عن ما تبقى من الوطن الذي سلم عباس نفسه 78% منه للعدو في أوسلو 1993.

وإلا ماذا يعني خصم من 30-50 في المائة من رواتب موظفي السلطة في غزة، ليسقطوا في حفرة الفقر والعوز.

وماذا يعني تقليص 50 ميغا وات من كهرباء غزة ليعيشوا في الظلام والشلل.

وإلا ماذا يعني منع 90% من التحويلات المرضية لأهالي قطاع غزة، إمعانا في الاذلال والمعاناة.

هذا عدا عن سن قانون استثنائي للتقاعد لإحالة آلاف الموظفين إليه، وقطع كافة اتصالات حكومة التوافق مع الوزارات في غزة، وإيقاف الموازنات التشغيلية لها، مع التهديد بالوقف الكامل لرواتب الموظفين.

يبدو أن عباس يسير بخطى ثابتة لتنفيذ الخطة ذات المراحل المتعددة لتطبيق الصفقة.

فلربما نشهد في قابل الأيام تنفيذا لتهديد عباس القديم الجديد بإعلان غزة اقليما متمردا، مع ما يتطلبه ذلك من إيقاف عمل البنوك والشركات الكبرى والتحويلات المالية، يرافقه اعلان حماس حركة إرهابية -تسعى أمريكا لسن قانون بذلك- وهو ما يدندن عليه اعلام السلطة وتلفازها الرسمي صباح مساء.

وإلا فماذا يعني مطالبة المبعوث الأممي ميلادينوف لدعوة جهات غربية لإدارة غزة في ظل حالة الاستعصاء التي تنذر بحالة الانهيار التي يحذر منها ميلادينوف كل يوم.

ألا يعني هذا فصل غزة عن الضفة كليا، أليس هذا ما تسعى إليه صفقة القرن ويمهد له عباس بإجراءاته العقيمة تحت ستار عميق من الادعاء برفض الصفقة.

فليس عبثا إقرار قانون القومية الصهيوني في هذا التوقيت الذي يحمل معه نذر حملة تهجير قسري على غرار حملة التهجير التي رافقت النكبة سنة 48، تبدأ بحملة الجنسية المزدوجة، ولا تنتهي بنفي الرافضين للتعايش مع العدو لإقليم غزة المتمرد، مع منح قادة السلطة ورموزها ومن يرغب في البقاء الجنسية الصهيونية.

وإلا فليوضح لنا العقلاء سببا واحدا لامتناع اللجنة التنفيذية للمنظمة عن تعليق الاعتراف بـ(إسرائيل) إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران، كما نص قرار المجلس المركزي المنعقد في دورته الـ 28 في 14 و15 يناير/كانون الثاني الماضي في مقر المقاطعة برام الله...!

ولماذا لم تنه السلطة عمليا الفترة الانتقالية التي نص عليها اتفاق أوسلو وما نتج عنه وعن غيره من الاتفاقيات من التزامات على الفلسطينيين التي لم تعد قائمة، إضافة إلى الانتقال من مرحلة الحكم الذاتي إلى مرحلة الدولة تحت الاحتلال التي تناضل من أجل استقلالها، كما نص على ذلك قرار المجلس المركزي ذاته...!

ولماذا لم توقف السلطة التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني رغم قرار المجلس المركزي بوقف كافة أشكال التنسيق الأمني وهو قرار مشابه لما اتخذ في مارس/ آذار 2015 ولم ينفذ الأمران للآن، عدا عن رفض أباطرة السلطة وحيتانها الانفكاك من التبعية الاقتصادية للاحتلال التي أنتجتها اتفاقية باريس الاقتصادية!

إضافة إلى ذلك همشت السلطة اعلان المركزي الفلسطيني تبنيه لحركة مقاطعة (إسرائيل) محلياً ودولياً، مع الدعوة لفرض عقوبات على دولة الاحتلال لوقف انتهاكاتها، واستمرار العمل من أجل دفع المزيد من الدول في العالم لمقاطعة المستوطنات الإسرائيلية، بل وما تمارسه السلطة على الأرض معاكس لذلك تماماً!

ألم يلزم قرار المجلس المركزي السلطة بتفعيل قرار قمة عمّان في 1980 الذي يلزم الدول العربية بقطع علاقاتها مع أي دولة تعترف بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل) وتنقل سفارتها إلى المدينة المحتلة، فلماذا لم تنفذ السلطة القرار حتى الان؟

من الواضح أن صفقة القرن التي بدأها عباس بتوقيع اتفاق أوسلو 1993 هي من أسقط عباس في وحلها، وها هو يحاول جر الشعب للسقوط معه في الهاوية.

 

اخبار ذات صلة