باتت أسواق قطاع غزة خالية من الأسماك الطازجة، بعد قرار الاحتلال بتخفيض مساحة الصيد من 9 إلى 3 أميال بحرية فقط، في مساحة لا تتواجد فيها الأسماك.
ويفضّل الصيادون البقاء في منازلهم على الإبحار في هذه المسافة التي تخسرهم الوقود والجهد دون وجود أسماك فيها.
والمار على "حسبة" ميناء غزة خلال الأيام الحالية يراها شبه خالية من الصيادين، في مشهد نادرا ما نراه.
وضمن العقوبات الاقتصادية الأخيرة على القطاع، خفّضت سلطات الاحتلال مساحة الصيد وأغلقت معبر "كرم أبو سالم" في وقت سمحت فيه بإدخال الضروريات فقط.
صيادون دون عمل
بدوره، أعرب الصياد محمد أبو ريالة عن تذمره من تقليص مساحة الصيد، مؤكدا أنه القرار بمثابة منع الصيد نهائيا.
وقال أبو ريالة لـ"الرسالة": "لا نضطر للإبحار، فثلاثة أميال بحرية لا يوجد بها أسماك، والاحتلال يهدف من التقليص زيادة التضييق على الغزيين وحرمانهم من الأسماك".
وبسبب قلة الأسماك في الأسواق، ارتفع أسعار الطازجة منها لندرتها، وهو ما زاد الاقبال على المجمد.
وأوضح أبو ريالة أن الصياد الذي يحاول الإبحار لأكثر من ثلاثة أميال يتعرض لإطلاق نار مباشر من الاحتلال، وهو ما يعرض حياته للخطر ويدفعه للعودة مجددا للشاطئ.
وتساءل عن السبب المفاجئ للاحتلال بتقليص المساحة، مؤكدا أن التسعة أميال التي أقرها الاحتلال سابقا بالكاد تكفي الصياد وبحاجة لتوسيع أكبر حيث تتواجد الأسماك.
وتمنى أبو ريالة أن تعود مساحة الصيد لسابق عهدها، وخصوصا مع اقتراب موسم الصيد الثاني الذي ينتظره جميع الصيادين بعد شهر ونصف.
في حين يرى الصياد مؤمن أبو عميرة أن الاحتلال يسارع دوما لتنفيذ أي قرار يتخذه على الصيادين، في أي خطوة ينوي اتخاذها ضد القطاع.
ودعا أبو عميرة المؤسسات الزراعية والمعنية بحقوق الصيادين لضرورة إلزام الاحتلال على احترام ما نصت عليه اتفاقية الصيد بالسماح للصيادين بالإبحار 12 ميلا بحريا.
وتخلت (إسرائيل) عن تفاهمات "اتفاقية أوسلو" فيما يتعلق بمساحة الصيد البالغة 12 ميلا بحريا (الميل البحري يساوي 1.88 كم) وقلصته إلى 6 أميال وأقل من ذلك عقب اندلاع انتفاضة الأقصى نهاية أيلول/ سبتمبر عام 2000.
وكغيره من الصيادين، أضحى أبو عميرة دون عمل بعد قرار الاحتلال، مشيرا إلى أنهم بانتظار ارجاع مساحة الصيد كما السابق.
ويضع بعض الصيادين شباكهم لساعات عديدة في المياه، وكثيرا ما يخرجونها خالية من الأسماك، إلا أنهم يكررون المحاولات أملا منهم في جلب قوت أطفالهم.
من جهته، قال زكريا بكر مسؤول لجان الصيادين في اتحاد العمل الزراعي، إن قرار الاحتلال بتقليص مساحة الصيد البحري "سياسي" ويهدف منه التضييق على الغزيين وزيادة نسبة الفقر والعاطلين عن العمل.
وأوضح بكر في حديث لـ "الرسالة" أن القرار أنتج مشاكل اقتصادية واجتماعية، ووضع الكثير من الصيادين في خانة الفقراء العاجزين عن تأمين قوتهم اليومي.
ولفت إلى دخل الصياد قبل القرار كان شبه معدوم، وبعد القرار "أطلق الاحتلال رصاصة الرحمة على أرزاق الصيادين".
ودعا بكر، المؤسسات الدولية، لإنهاء معاناة الصيادين والضغط على الاحتلال لإعادة المساحة المعهودة قبل بدء موسم الصيد.
ويشار إلى أن عدد الصيادين في قطاع غزة، يبلغ قرابة 3700 صياد، يملكون نحو 700 مركب، فيما يعتاش من هذه المهنة ما يقرب من سبعين ألف مواطن.
وفي الوضع الطبيعي، يحتاج قطاع الصيد لحوالي 50 ألف لتر من المحروقات يوميا، ليستمر الموسم بالعمل دون معيقات، في واحدة من أكثر المعوقات التي تقلق الصيادين في ظل عدم توافر المحروقات باستمرار.
وفي المقابل، ازداد اقبال المواطنين على الأسماك المجمدة المستوردة، في ظل افتقار الأسواق الغزية للطازجة وهو ما زاد مبيعات تجار المجمدات خلال الأيام الجارية.