زار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس دولة قطر بالتزامن مع وجود المبعوث الاممي نيكولاي ميلادينوف ومسؤول (إسرائيلي) كبير، لبحث التوصل إلى تهدئة في قطاع غزة، وتحسين الوضع الاقتصادي لأهالي القطاع.
وتأتي الزيارة في توقيت حرج في ظل الانباء المتسارعة عن إمكانية التوصل لاتفاق تسوية في قطاع غزة الامر الذي أغضب أبو مازن وسارع مع باقي قيادات فتح إلى مهاجمة الاتفاق وحركة حماس متهمين إياها بفصل غزة عن الضفة.
وتتزايد مخاوف رئيس السلطة المتعنت اتجاه المصالحة من إمكانية اجراء صفقة في غزة تنهي الحصار وترفع سطوته عنه عبر تجاوز دور السلطة، في الوقت الذي قال مسؤول حمساوي بأن حركته و(إسرائيل) قد يتوصلان لاتفاق نهاية الشهر الحالي، بما فيها صفقة "تبادل الأسرى"، وتلك قد تكون المفاجأة حيث كانت حماس ترفض الربط بين التهدئة وصفقة الأسرى.
الكاتب حسن عصفور قال عن الزيارة " الدوحة تعود لممارسة وظيفتها، فتستقبل وفدا أمنيا إسرائيليا في زيارة غير معلنة، بعد أن أصبح هناك ضرورة للحصول على تأييد للصفقة المركبة المقبلة، الخاصة بالتهدئة وصفقة ترامب".
ويتابع في مقال له بأنها استدعت عباس، لبحث الصفقات، وليكف عن "الصراخ الرفضي"، ويعيد التفكير بكيفية تمرير ما سيكون. ويبدو أن عباس وقبل الوصول الى الدوحة؛ أصدر تعليماته لكل الناطقين بالتوقف عن مهاجمة صفقة التهدئة.
حماس أعلنت أنها ستقدم رؤيتها الجديدة الى مصر، لكنها ألمحت الى قطر من باب خفي لتؤكد دورها الخدماتي في الحراك. وفتح أجبرت على تغيير موقفها الإعلامي بشكل مثير للسخرية من صفقة التهدئة.
ولا يمكن اغفال التوقيت التي تأتي فيها الزيارة واهميته خاصة في ظل التوتر الواضح للعلاقات بين عباس ومصر، فهو يرى ان الأخيرة تسعى لتقوية حركة حماس في غزة على حساب سلطته كما انها تتجاهل دوره وتعمل بالتنسيق مع باقي الأطراف خلاف رغبته وبتجاوز واضح له.
ويسعى عباس من خلال زيارته الى تعطيل الدور القطري التمويلي لأي اتفاق قد يحدث في غزة، ومحاولة الضغط على حماس لعدم الذهاب نحو هدنة طويلة الأمد.
من ناحية أخرى فإن قطر ستحاول اقناع أبو مازن الذي يحمل الجنسية القطرية وتربطه علاقات قوية وثقة متبادلة بالنظام هناك بان يكون جزءا من أي اتفاق قادم من خلال تمرير ملف المصالحة وإعادة السلطة للقطاع من خلال تليين مواقفه المتصلبة وشروطه اتجاه هذا الملف، لكن حتى الان تبدو فرص استجابته ضعيفة بالنظر الى التجارب والمحاولات السابقة.
والاهم ان عباس يلجأ لقطر لاستفزاز الجانب المصري بعدما بات يرى في مصر جهة تعمل ضد مصالحه، وخاصة بعدما كشف ياسر عثمان، رئيس مكتب مصر السابق لدى السلطة الفلسطينية، أنَّ الأخيرة كانت مصدر معلوماته، بشأن مشاركة حماس في الهجوم على السجون المصرية في العام 2011.
ويقول أسامة عثمان الكاتب في العربي الجديد أن هذا الإعلان لا يخلو من دلالات على ما قد تتجه إليه علاقات القاهرة برام الله، حيث تضمَّنت أقوال عثمان ما يمكن أن يُعَدّ إعادة اعتبار لحركة حماس التي سبق أنْ شيطنها نظامُ السيسي، رسميا وإعلاميا. والآن، يقول "عثمان" إنّ هذه الحركة فصيل سياسي كبير.
ويعتبر أن هذه المواقف مقدمة لـ "تطبيع" القاهرة العلاقات مع حماس، بإسقاط تلك التهمة قضائيا عنها، وكأن السبب فيها هو المعلومات الصادرة من مصادر السلطة، حيث يجري حاليا تطوُّرٌ تمليه اعتباراتٌ سياسية، تنسجم مع طبيعة المرحلة التي يحاول السيسي أن يظهر فيها كأنه لاعبٌ إقليميٌّ إيجابيّ. ذلك يلزمه، بالضرورة، علاقات جيدة مع حماس.