ينظر الفلسطينيون بغزة إلى إدخال الغاز المصري للقطاع كخطوة أولى في تخفيف الأزمة التي يعانون منها بسبب قلة الكميات الواردة من الاحتلال الإسرائيلي، والتي توقفت بشكل كامل بفعل قرار الاحتلال منع إدخال المحروقات والغاز ضمن محاولات الضغط لإيقاف البالونات الحارقة، فيما تتلقاها السلطة كضربة جديدة للمقاصة.
وكانت مصادر مطلعة قد كشفت لـ"الرسالة" في وقت سابق عن تسهيلات جديدة وعد بها المسؤولون المصريون لقطاع غزة، خلال الفترة القادمة، ضمن الرؤية المصرية لتخفيف الاوضاع الانسانية في القطاع، تزامنًا مع الجهود التي تبذلها القاهرة لإتمام المصالحة.
وبيّنت المصادر لـ"الرسالة" إنه جرى الموافقة على ادخال غاز الطهي للمرة الأولى من مصر إلى قطاع غزة. وقال المصدر، إنه سيتم ادخال ما يقارب 250 طنا يوميًا، لسد احتياجات القطاع اليومية والتي تقدر بـ500 طن يوميا.
ويأتي الإعلان عن ذلك في الوقت الذي تشهد مفاوضات متقدمة للتوصل إلى "تهدئة" بين فصائل المقاومة الفلسطينية بغزة و(إسرائيل) بموجب وساطة أممية ومصرية، حيث تعد هذه هي المرة الأولى على الإطلاق، التي تورد فيها مصر الغاز المنزلي لقطاع غزة.
وفي تفاصيل ما جرى، قالت وزارة المالية في قطاع غزة إنه ومن خلال التفاهمات مع الجانب المصري سيتم إدخال غاز الطهي لأول مرة عن طريق معبر رفح التجاري، وهو ما يخفف جزئيًا عن المواطنين في ظل العجز في كميات الغاز بالقطاع الذي يقدر ب 2000 طن شهرياً.
وأشارت الوزارة في بيان لها إلى أن أسعار الغاز المورد من مصر لغزة يختلف عن سعر اسطوانة الغاز التي تُباع للشعب المصري داخل الجمهورية (المدعوم)، مؤكدةً أن الهدف الأساسي لإدخال الغاز هو سد النقص والعجز في الكميات الموردة من الاحتلال الإسرائيلي، في ظل إغلاق الاحتلال لمعبر كرم أبو سالم، وليس إنهاءً كاملًا للأزمة.
وأضافت الوزارة "يتم شراء الغاز من مصر بالسعر الدولي، مضافًا إليه تكاليف النقل والتأمين وصولًا لقطاع غزة""، مشيرةً إلى أن تكلفة الاسطوانة على الهيئة العامة للبترول تصل بنحو (46) شيكلًا، مضافًا إليه إجمالي ربح شركة توزيع الغاز (8) شواكل، وربح موزع الغاز(5) شيكل، ليصل إجمالي سعر الأسطوانة للمستهلك (60) شيكلًا.
وقالت "هامش الإيراد للحكومة عن كل أسطوانة غاز تقريبًا (3) شواكل، شاملة المصاريف الادارية والفنية، كذلك المتابعة والمراقبة وتوزيع الحصص على المحطات، فيما قدرت وزارة المالية حاجة القطاع من الغاز (8000) طن شهريًا، ومن المتوقع دخول (2000) طن شهريًا من الغاز المصري ومتوسط ما يدخل من معبر كرم أبو سالم من (5000 إلى6000) طن شهريًا، ليصبح العجز من (2000 الى 3000) طن شهريًا.
ومما يجب ذكره أن بدء إخال كميات من الغاز المصري لغزة في هذه الآونة يعتبر فترة تجريبية إلى حين الانتهاء من الإجراءات الفنية اللازمة لإدخال الغاز بشكل يومي، كما الحال مع بقية المحروقات المصرية التي تصل غزة منذ عام تقريبا بشكل يومي، لصالح محطة توليد الكهرباء الوحيدة بغزة، ومحطات القطاع الخاص.
وفي التعقيب على ذلك، قال الدكتور سمير أبو مدللة المختص في الشؤون الاقتصادية إن إدخال الغاز المصري لقطاع غزة عبر معبر رفح يمثل خطوة مهمة ضمن المبادرة المصرية الساعية لتخفيف الأزمة الإنسانية التي يعيشها القطاع منذ 12 عاما، ومثّل ملف أزمة الغاز جزءاً مهما منها، لعدم توافر الكميات اللازمة لسد احتياجات المواطنين على مدار السنوات الماضية.
وأضاف الدكتور بجامعة الأزهر أبو مدللة في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن لهذه الخطوة تأثيرات متعددة أهمها تخفيف ازمة الغاز بقطاع غزة الذي يحتاج لـ600 طن يوميا، بالإضافة إلى تعزيز ميزانية الحكومة بغزة، في مقابل التأثير السلبي على المقاصة التي يجبيها الاحتلال لصالح السلطة على معبر كرم أبو سالم، إذ أن إدخال البضائع والمحروقات لغزة من معبر رفح دون المرور على أجهزة السلطة ينقص من حجم المقاصة بشكل مباشر.
وأشار إلى أن هذه الخطوة لها أهمية فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاقات الموقعة بين السلطة ومصر والأردن وعدة دول في مجال الغاز والمحروقات، حيث أن الاحتلال يعطل هذه الاتفاقات، ويستمر في تنفيذ اتفاقية باريس المجحفة بحق الاقتصاد الفلسطيني.
وأوضح أن توسيع العمل على معبر رفح في الشق التجاري يمثل انفكاكا جزئيا عن الاحتلال الإسرائيلي وتحكمه في حركة البضائع من وإلى غزة، حيث أن الاحتلال يقدم المزاعم الأمنية على الاحتياجات الإنسانية في غزة طوال السنوات الماضية، ومن ضمنها سياسة منع البضائع "ثنائية الاستخدام".
وفي نهاية المطاف، يتأثر الوضع الإنساني والاقتصادي في قطاع غزة بشكل طردي مع حجم التسهيلات المصرية المقدمة عبر معبر رفح، وهذا يستدعي اهتماما مصريا أكبر خلال المرحلة المقبلة، بما يخفف الأزمة الإنسانية المتفاقمة بغزة.