لاقينا اهتماما حقوقيا عالميا بانتهاكات الاحتلال بحق الفلسطينيينقال صلاح عبد العاطي عضو اللجنة القانونية والتواصل الدولي للهيئة الوطنية العُليا لمسيرة العودة وكسر الحصار إن اللجنة سلمت مكتب المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية ملفا كاملا حول انتهاكات الاحتلال بحق مسيرة العودة على مدار الأشهر الماضية، فيما اجتمعت اللجنة بعشرات الشخصيات والمؤسسات الحقوقية في أوروبا.
وأضاف عبد العاطي الذي أنهى جولة خارجية لمتابعة ملف انتهاكات الاحتلال أنه جرى تهيئة الرأي العام الحقوقي على مستوى الشخصيات والمؤسسات الحقوقية للمساهمة في فضح انتهاكات الاحتلال بحق مسيرات العودة، وملاحقة قادة الاحتلال على جرائمهم بحق الفلسطينيين في غزة والضفة والقدس على مدار السنوات الماضية.
وأوضح الناشط الحقوقي في حوار مع "الرسالة" عبر الهاتف خلال طريق عودته لغزة أن اللجنة تتوقع فتح تحقيق أولي من قبل المدعية العامة خلال الفترة القريبة المقبلة، ببدء الاستماع للشهود والضحايا المسجلين في الملف، من شهداء وجرحى، وتشمل أطفال ونساء وشيوخ، بالإضافة إلى الطواقم الصحفية والطبية التي تعرضت للانتهاكات خلال عملها المصاحب لنشاطات مسيرات العودة.
سلمنا مكتب المدعية العامة ملفا كاملا حول انتهاكات الاحتلال
وأكد أن اللجنة جهزت تقريرًا حقوقيًا حول طبيعة التحركات السلمية للمسيرات، وتقارير متخصصة حول جرائم الاحتلال بحق الاطفال والصحفيين والطواقم الطبية، ومذكرة إحاطة وبلاغات ورسالة تم تسليمهم جميعا من جانب اللجنة إلى مكتب الادعاء العام في محكمة الجنايات الدولية، بالإضافة لتفاصيل كافة الانتهاكات التي تعرضت لها المسيرات.
وتشهد المناطق الشرقية لمحافظات قطاع غزة تظاهرات شعبية سلمية حاشدة منذ 30 مارس الماضي؛ للمطالبة بحق العودة وكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة، لكن جنود الاحتلال ارتكبوا جرائم بحق المتظاهرين السلميين بعدما أطلقوا عليهم الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع ما أسفر عن ارتقاء 168 شهيدا وإصابة أكثر من 16 ألف متظاهر.
وأشار إلى أن اللجنة اجتمعت بعشرات الشخصيات الحقوقية والمؤسسات المعنية بحقوق الإنسان، ومن أهمها هيئة المحكمة الجنائية، ومكتب المدعية العامة، ومجلس حقوق الإنسان، واللجنة المختصة في جامعة الدول العربية، وعدد من المؤسسات الأوروبية المختصة بهذا الشأن، من أجل التحضير لعقد مؤتمر دولي لفضح انتهاكات الاحتلال بحق الفلسطينيين، سواءً المتعلقة بمسيرات العودة، او الاستيطان، او تهويد القدس، بالإضافة لملف الأسرى.
وبيّن أن التحضيرات للمؤتمر الدولي المزمع عقده في غضون الشهرين المقبلين تجري على قدم وساق، بمشاركة دولية وإقليمية وعربية واسعة النطاق، وهذا ما أكد عليه جميع من التقت بهم اللجنة خلال جولتها الخارجية على مدار الفترة الماضية.
وعن جهود السلطة في المجال القانوني لإدانة الاحتلال، قال الدكتور عبد العاطي إن الجهود ضعيفة للغاية نتيجة عدم وجود قرار ديبلوماسي لدى السلطة بالسعي لفضح جرائم الاحتلال، والتصعيد القانوني في المؤسسات الدولية في مواجهة الاحتلال، داعيا إياها إلى ضرورة تغيير هذا المنهج، بالسعي الحقيقي إلى فضح جرائم الاحتلال في كافة المحافل الدولية.
جهد السلطة في الملف القانوني ضعيف ودون خطة
وأضاف أن الجهود التي تقوم بها اللجنة مستقلة ونابعة من حالة الاجتماع الوطني حول مسيرات العودة، في ظل حالة الترهل القائمة في النظام السياسي الفلسطيني، وسياسة الإقصاء والتفرد بالقرار الفلسطيني من قبل قيادة السلطة، وهذا ما يستدعي زيادة الاهتمام بجهود اللجنة القانونية المنبثقة عن الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة.
وفي المقابل، شدد عبد العاطي على وجود حالة انزعاج غير مسبوقة لدى الاحتلال الإسرائيلي من الجهود المتنامية في المؤسسات الحقوقية الدولية ضده، في الملفات المتعلقة بالانتهاكات، مشيرا إلى أن ذلك يستدعي اهتماما عالي المستوى من كافة الأطراف الفلسطينية، مع تنحية الخلافات الداخلية في هذا الموقف المهم لصالح الفلسطينيين الذين تعرضوا للانتهاكات على مدار السنوات الماضية، خصوصا في الحروب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة.
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد قدم "احتجاجا شديد اللهجة" إلى إدارة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، ضد قضاة ينظرون في الشكاوى الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي حول الحرب العدوانية التي شنها على قطاع غزة عام 2014، والبناء الاستيطاني غير القانوني في الضفة الغربية، بحسب ما جاء في القناة العاشرة الإسرائيلية، أول امس الثلاثاء، إثر حملة أطلقتها المحكمة للتواصل مع ما تسميه "ضحايا الأوضاع في فلسطين" بهدف جمع الأدلة في إطار التحقيق المسبق في "الشكاوى الفلسطينية حول جرائم حرب إسرائيلية"، ما أثار غضب القيادة السياسية في إسرائيل.
وشدد عبد العاطي على أن النقطة الأهم لاستمرار الحراك القانوني بهذا الزخم، الحفاظ على سلمية مسيرات العودة، والحيلولة دون تحقيق الاحتلال لهدفه بعسكرة المسيرات، من خلال التصعيد المتبادل مع المقاومة الفلسطينية بغزة، وهذا ما يريده الاحتلال لتغيير المناخ العام في أوروبا والمؤسسات الحقوقية، في ظل حالة الرفض الواسع لتعامل الاحتلال مع المسيرات على مدار الأشهر الخمسة الماضية.
وبيّن ان الجهود يجب أن تتظافر في هذا الوقت قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذا الأمر يتعلق بالسلطة، من خلال السعي على أرضية الانتهاكات الإسرائيلية من أجل إيجاد مشروع قانون لمقاطعة الاحتلال الإسرائيلية عقابا على انتهاكاته بحق الفلسطينيين في شتى المناطق والملفات، مؤكدا أن هذا الاتجاه يلقى اهتماما دوليا وإقليميا وعربيا.
وأشار عضو اللجنة القانونية والتواصل الدولي بمسيرات العودة إلى أنه جرى اللقاء بعدد كبير من البرلمانيين الأوروبيين، والشخصيات الحكومية، التي أكدت دعمها لأي خطوات في المجال القانوني، عبر حث حكوماتها على التصويت لصالح الفلسطينيين ضد انتهاكات الاحتلال، مؤكدا في الوقت ذاته ان هذه الجهود بحاجة إلى تحرك فلسطيني رسمي من قبل السلطة الفلسطينية، وهذا ما لا تظهر بوادره حتى هذه اللحظة.