كشفت مصادر دبلوماسية مصرية عن بذل مساعٍ لعقد لقاء رباعي عربي على مستوى القمة، بين مصر والسعودية والأردن والسلطة الفلسطينية، سيسبقه لقاء تحضيري على مستوى وزراء الخارجية ومديري الاستخبارات، لبلورة موقف موحد وتصورات واضحة إزاء الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية، والمعروفة باسم "صفقة القرن"، وذلك على خلفية اللقاءات التي جمعت بين المسؤولين الأميركيين والمصريين والسعوديين أخيراً، وكذلك الزيارة القصيرة التي أجراها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للسعودية الأسبوع الماضي، ولقائه بالملك سلمان بن عبدالعزيز.
وأوضحت المصادر المصرية أن هناك ترحيباً مبدئياً من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، بهذه المساعي، لكن ليس من المضمون أن يكون هذا اللقاء معلناً لوسائل الإعلام، فالأهم بالنسبة لمصر والسعودية "كشف جميع المخاوف والحديث الواضح عن المحاذير والأفكار القابلة للتطبيق والضمانات المطلوبة للتعاطي بإيجابية مع المقترحات الأميركية، أو إعلان رفضها نهائياً، انتظاراً لما ستسفر عنه الانتخابات الأميركية النصفية المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل لرصد حجم الخسارة التي سيمنى بها مرشحو الرئيس دونالد ترامب وحزبه".
وبحسب المصادر، فإن الضغوط الأميركية المتواصلة على القاهرة والرياض للمضي قدماً في الصفقة، رغم بعض التحفظات المصرية والسعودية، والرفض الأردني والفلسطيني، وانشغال مصر تحديداً بالوساطة بين حركة "حماس" وإسرائيل من جهة، والفصائل الفلسطينية من جهة ثانية، أدت إلى خلق توجه لدى الإدارة المصرية بضرورة حسم الموقف من الصفقة بأسرع وقت ممكن، والتعامل مع ما سيترتب على هذا الموقف لاحقاً، وخصوصاً أن الموقف المصري من الصفقة مرتبط بملفات أخرى، على رأسها المساعدات العسكرية الأميركية لمصر، والحرب على الإرهاب في شمال شرق سيناء، وهذا الملف الأخير يشهد تدخلاً مباشراً، عسكرياً واستراتيجياً، من إسرائيل والولايات المتحدة.
وأشارت المصادر إلى أن اللقاء التحضيري بين الوزراء في الدول الأربع قد يعقد بعد الإعلان رسمياً عن الهدنة في غزة، والتي لا تزال تشهد عراقيل جدية، بحسب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، على خلفية استمرار الخلاف حول ملف تبادل الأسرى والجثامين، وكذلك حول مدة الهدنة، إذ تريدها إسرائيل لمدة عام واحد، بينما ترغب "حماس" والفصائل الأخرى بمدها إلى 5 أعوام. وذكرت المصادر المصرية أن دائرة السيسي تعتبر الهدنة المرجوة، وما سيصاحبها من إجراءات تنموية (بأموال خليجية) في قطاع غزة لتخفيف الأعباء عن مواطني القطاع، اختباراً عملياً لمدى جدية الإسرائيليين والأميركيين في تنفيذ مقترحات "صفقة القرن"، إذ طالب السيسي، عبر وزير خارجيته سامح شكري، الإدارة الأميركية بتقديم مساعدات مالية ولوجستية للقطاع، وكذلك دعم مصر في تلبية الطلب الفلسطيني لمضاعفة صادراتها الكهربائية للقطاع، إلا أن مساعدي ترامب لم يتعهدوا بأي شيء، وتحدثوا فقط عن دعمهم لمشاريع البنك الدولي المزمع تدشينها في القطاع، والتي من المرجو أن توفر 4400 فرصة عمل، وهو رقم شحيح في نظر مصر و"حماس".
وكانت مصادر مصرية اطلعت على نشاط شكري، خلال زيارته الرسمية إلى واشنطن، في وقت سابق هذا الشهر، قد قالت، إن شكري نقل إلى مساعدي ترامب تحذيرات السيسي من فشل المقترحات والصفقة بصورتها النهائية على ضوء إهمالها 4 عناصر أساسية، أولها مدى ضمان واشنطن لتعامل إسرائيل إيجابياً مع الصفقة ووفائها بالالتزامات التي ستترتب عليها، وثانيها حجم الدعم الأميركي والخليجي الذي ستتلقاه مصر والأردن، وكذلك التي سيتم ضخها في غزة تحديداً، وثالثها مدى استعداد واشنطن لتقديم دعم مالي ولوجستي وعسكري لمصر لتطهير شمال شرق سيناء، ورابعها غموض المقترحات الأميركية حول إدارة ملف الأمن في قطاع غزة خلال الفترة الانتقالية التي ستفصل بين بدء تنفيذ الصفقة وإقامة الدولة الفلسطينية.
وكان السيسي قد وصف، في المؤتمر السادس للشباب بجامعة القاهرة نهاية يوليو/ تموز الماضي، "صفقة القرن" بأنها "تعبير إعلامي أكثر من كونها اتفاقاً سياسياً"، مشيراً، بعبارات قريبة من التنصل من الصفقة، إلى أن مصر "تمارس بهدوء دوراً تحاول أن يكون إيجابياً لإيجاد مخرج مقنع لحل القضية الفلسطينية"، وذلك بعد عام ونصف العام تقريباً من إعلان تأييده المطلق للصفقة خلال زيارته لترامب في إبريل/ نيسان 2017.
العربي الجديد