كشف عضو المكتب السياسي لحركة "الجهاد الإسلامي" محمد الهندي، تفاصيل المباحثات الجارية بشأن التهدئة، مؤكدًا أن ما يجري الحديث بشأنه هو هدوء ميداني يقابله هدوء وتحسينات للشعب الفلسطيني في غزة، بدون وجود أي ثمن سياسي أو اتفاقات مكتوبة وموقعة.
وذكر الهندي في حديث خاص بـ"الرسالة" أنّ الحوار في القاهرة يتطرق لمسألتين وهما "المصالحة والتهدئة، وهما قضيتان مرتبطتان، غير أن المصالحة تعترضها عقبات كثيرة وظروفها مختلفة وتحتاج لوقت طويل من النقاش؛ لذلك ذهب التركيز للبحث في التهدئة".
وقال "إن الحديث بشأن التهدئة له مفهومين، الأول يتمثل بالهدنة بمعنى الالتزام بفترة زمنية محددة، وهذا ثمنه مختلف ومدخله تحقيق المصالحة نظرًا للحاجة لوجود السلطة المعترف بها إقليميا ودوليا من أجل إدارة المشاريع المتعلقة بالمطار والميناء".
وأضاف: "طالما أن المصالحة ستأخذ وقت، فإن الأقرب بحثه هو تهدئة ميدانية بمعنى هدوء يقابله هدوء وتحسينات مرتبطة بحياة الناس، من خلال تنفيذ بعض المشاريع الصغيرة وإدخال البضائع ومواد البناء وانشاء مشاريع متعلقة بالصرف الصحي والكهرباء والمياه، واضافة للتحسينات المرتبطة بالاحتلال والتي جرى التفاهم عليها في اتفاق 2014 ولم ينفذها الاحتلال آنذاك".
وأوضح أن التحسينات الأخرى مرتبطة بمصر، نظرًا لوجود المعبر، مشيرًا إلى أن كل هذه القضايا لا تزال تحتاج لبعض الترتيبات".
وكشف أنه جرى التطرق للممر المائي ضمن المباحثات، "سمعنا وعودا كثيرة ما يهمنا ويعنينا هو التطبيق على الأرض وأن يلمسها الشعب الفلسطيني بشكل واقعي".
تهديدات فتح بفرض عقوبات على غزة غير جدية
وأضاف أن الاحتلال يتحدث عن موافقة من الناحية المبدئية لإنشاء الممر المائي، "لكن ليس هناك أي ثمن سياسي، وفلسطين ستظل كتلة واحدة"، موضحًا أن مصر هي المسؤول الأساسي عن التهدئة بالتوافق مع جهود أطراف أخرى كالأمم المتحدة وقطر في مجال التمويل.
ملف التهدئة فلسطيني بامتياز ولا علاقة لأحد به، ونحن نعرف أوضاع غزة
وردًا على سؤال فيما يتعلق بالتصريحات الإسرائيلية المترددة بشأن التهدئة وتلكؤ الاحتلال في التوصل لتفاهمات، أجاب: "في كل الأحوال سلاحنا بأيدينا والتهدئة تعني أن المقاومة سترد على أي اعتداء يتعرض له أبناء شعبنا، ونحن جاهزون للرد في حال تعرضنا لاي عدوان، وهذا ما يجب ان تعلمه كل الأطراف".
وأضاف: "حتى في حال توصلنا لتهدئة وإقامة المشاريع، فمن واجبنا كمقاومة ان نرد في أي لحظة يتعرض فيه شعبنا لعدوان(..) لسنا جمعية خيرية ونعرف دورنا وواجبنا المناط بنا تجاه شعبنا تماما، واذا ارتكب الاحتلال أي جريمة فإن التهدئة لن تمنعنا من الرد".
وتوقع أن تذهب الفصائل مجددًا إلى القاهرة مطلع الفترة القريبة القادمة، لافتًا إلى أن حركة فتح مشاركة في هذه المباحثات إلى جانب الفصائل الأخرى.
وبيّن أن معظم الأطراف لديها مصلحة بالتهدئة، موضحًا أن الاحتلال اتجه للتهدئة لاعتبارات عديدة، أهمها فشله في اخضاع غزة عبر الحروب والحصار، وفشل رهانه في انتفاضة الشعب ضد حماس، بل فاجأه بالانتفاضة ضده صوب المناطق الشرقية مناديًا بحقه في العودة؛ ليعيد بذلك الصراع الى مربعه الأول.
وفيما يتعلق بملف التبادل، أكدّ الهندي أن ملف الاسرى يبحث في مسار منفصل تماما، ومدخله الافراج عن الاسرى المحررين من صفقة "وفاء الاحرار" الذين أعيد اعتقالهم من الاحتلال مجددًا، متابعًا: "لا قيمة لأي عملية تبادل إذا كانت (إسرائيل) تعيد اعتقال من يتم الافراج عنهم، فحينها الملف برمته لن يكون له أي قيمة او صلاحيات".
وردًا على سؤال حول تحفظ بعض الفصائل على التفاهمات ورأي الأطراف الإقليمية والدولية منها، أجاب: "الملف فلسطيني بامتياز ولا علاقة لأحد به، ونحن نعرف أوضاع غزة، والجبهة الشعبية تخوفها نابع من وجود ثمن سياسي، وهذا ما أكدنا نفيه بشكل قاطع، وأكدّنا كذلك على ضرورة تحقيق المصالحة، لكن التحسينات لا تنتظر حتى تتم المصالحة، مع استمرارنا للعمل على تحقيقها".
المصالحة
وفي غضون ذلك، عرّج الهندي على ملف المصالحة، مشيرا إلى أنها تتعلق بشقين الأول بحث الخلاف الفني المتمثل بدمج الوزارات واستيعاب الموظفين وغيرها من الإجراءات الفنية، والشق الثاني تأسيس مرجعية وطنية فلسطينية.
وأوضح أن التركيز على الشق الأول ثبت انه يؤدي لمزيد من الشد الداخلي، فيما أن الشق الثاني المتمثل بإعادة بناء منظمة التحرير والذي جرى التوافق عليها عام 2005، بان يجري إعادة هيكلتها على أسس ديمقراطية وتوافقية، وجرى وضع آليات لتنفيذها من خلال تشكيل قيادة مؤقتة تضع القوانين واللوائح الداخلية للامناء العامون للفصائل وأعضاء اللجنة التنفيذية وأن يتم الدعوة للاجتماع بعد شهر منذ ذلك الوقت؛ لكنها لم تدع لهذه اللحظة.
مصطلح التمكين غير مقبول هدفه تعطيل المصالحة
وأكدّ أن إعادة تـأهيل المنظمة هي المدخل الحقيقي للمصالحة طبقًا لما جرى عليه التفاهم عام 2017، حيث جرى التوافق على تشكيل مجلس وطني توحيدي وتوافقي، ينتخب لجنة تنفيذية يناط بها رسم استراتيجية وطنية للمرحلة القادمة.
وذكر أن الفصائل تفاجأت من دعوة المجلس الوطني لاستكمال بعض المسائل الشكلية التي لا ترتبط اطلاقا باي شكل نضالي من مراحل شعبنا، وكان التفافًا على اتفاق بيروت، مستطردًا "حل القضايا الفنية دون التطرق لجوهر المسألة المتعلقة بإعادة اصلاح المنظمة لن يحل الازمة".
وأكدّ أن قرار المصالحة اليوم في ضوء هذه المعطيات المتعلقة بإعادة اصلاح المرجعية السياسية لم يعد قرارًا فلسطينيا فقط بل هو قرار إقليمي ولذلك تواجه هذا الكم من التعقيدات التي تحتاج لوقت لمعالجتها.
وأشار إلى أن خلاف فتح لم يعد مع حماس فقط بل تعداه ليصيب حلفاءها داخل المنظمة بل وحتى داخل بيتها، "هناك فرصة لحركة فتح في ظل وجود عباس، لكي تجلس على الطاولة وتحل المعضلات التي تواجه المشروع الوطني، والاتفاق على بناء استراتيجية موحدة، فبعد رحيله سيكون هناك مشاكل كثيرة".
العقوبات
وفيما يتعلق بتهديد فتح فرض عقوبات جديدة ضد قطاع غزة، أجاب: "هذه التهديدات غير جدية، فإن كانت الأطراف الأساسية من مصلحتها التهدئة فلا يستطيع احد في السلطة ان يتخذ قرارًا بفرض عقوبات جديدة".
وجدد تأكيده رفضه شروط فتح للمصالحة، "فمصطلح التمكين ما انزل الله به من سلطان، والمطلوب إما أن تأتي الحكومة لتستلم مهامها أو تشكل حكومة وحدة وطنية؛ واستغربنا أساسا من وجود هذا المصطلح في الاتفاق الذي وقع بين حماس وفتح في القاهرة مؤخرا".
الاتفاق على هدنة محددة بوقت غير ممكن في ضوء تعثر عملية المصالحة
وأضاف: "التمكين أن تأتي الوزارات لتمارس عملها في الأرض، وإن حدثت أي مشكلة فإن الفصائل موجودة وقادرة على حلها؛ لكن أن يتم رفع هذا المصطلح من أجل تعطيل المصالحة فهذا غير مقبول".
وأخيرًا، وفيما يتعلق بصحة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، أجاب: "صحته في تحسن ونسأل الله له العافية ليواصل معنا الطريق".