لم تجرِ العادة كما سابقتها في بيت المواطن (أحمد مصطفى)، الذي اعتاد خلال أيام عيد الأضحى المبارك على استقبال كميات وافرة من لحوم الأضاحي من الأقارب والجيران والجمعيات الخيرية كونه يعيل عشرة من الأبناء ويعيش ظروفاً مالية صعبة.
يحكي "للرسالة نت"، أن أسرته عاشت خيبة أمل بعد انقضاء العيد، كونها علقت أمالها في طهي الوجبات التي تحرمها الظروف الاقتصادية الصعبة من توفيرها طيلة أيام العام وتنتظر عيد الأضحى لتناولها ومنها (الكباب الطازج المشوي، والمنسف والمفتول وغيرها).
ويبين صاحب الـ 54 عاماً، أن ثلاجته استقبلت 3 كيلو من اللحوم فقط، بينما كانت تستقبل في الأعوام السابقة ما يزيد عن الـ 20 كيلو جرام، ما اضطره لشراء لحوم مثلجة (رخيصة الثمن) ليكمل وجبة غذاء لعائلته التي كانت تنتظر عيد الأضحى بلهفة.
وتسببت الظروف الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة والتي سبقت عيد الأضحى المبارك، في عزوف مئات الأسر عن شراء الأضحية هذا العام، بعد أن شارك رئيس السلطة محمود عباس في تشديد الحصار على الغزيين، وفرض إجراءات عقابية ظالمة كان أبرزها خصم ما يزيد عن 50 % من رواتب موظفي حكومة رام الله.
فرحة منقوصة
ويقول المواطن محمد صلاح 50 عاماً، إنه "لم يشعر بفرحة العيد بعد عدم مقدرته على شراء أضحية كما كل عام، نظراً للظروف الاقتصادية التي عاشها بسبب تقليص راتبه من قبل حكومة رامي الحمدلله لأكثر من النصف".
ويضيف صلاح في حديثه مع "الرسالة نت"، "أن هذا العام الأول منذ عشرين عاماً الذي ينقطع فيه عن الأضحية، بسبب الظروف الصعبة التي عاشها، ما جعل أجواء العيد باهتة وفرحته منقوصة لدى الأطفال الذين كرروا السؤال عن خروف العيد.
من جانبه يكشف الجزار نضال قاسم أنه لم يذبح سوى عجلاً واحداً في أول أيام عيد الأضحى المبارك وبقي طيلة الأيام متفرغاً، في حين كانت تزيد ذبائحه في الأعوام السابقة عن 5 ذبائح، ما جعله يعيش حالة من الإحباط بعد عدم مقدرته على توفير مردود مالي يبلغ الـ 100 شيكل على كل أضحية بالإضافة إلى قطع من اللحم يعود بها إلى عائلته.
ويعزي قاسم "للرسالة نت" السبب إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطنون، موضحاً أنه تواصل مع الذين اعتاد الذبح لهم في كل عام، وأبلغوه عدم مقدرتهم على شراء الأضاحي هذا العام.
انعدام القدرة الشرائية
وبدروه كشف مدير الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة طاهر أبو حمد في حديث سابق مع "الرسالة"، أن هذا العام شهد تراجعاً كبيراً في شراء مواشي (الأضاحي)، حيث وصلت كمية الشراء إلى 8 آلاف رأس من الماشية، وأقل من 20 ألف رأس من الأغنام، بينما كانت تزيد عن 14 ألف رأس من (الأبقار)، وأكثر من 30 ألف من الأغنام.
وأكد أبو حمد أن هذا العام يعتبر الأسوأ في سوق المواشي بغزة، حيث كانت الحركة ضعيفة جداً مقارنة بالأعوام السابقة، وبلغت كمية الاستيراد في العام الماضي نحو 25 ألف رأس من الماشية، بينما تقلصت هذا العام إلى اقل من 16 ألف رأس فقط.
وبالإضافة إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي تثقل على قطاع غزة، يوضح أبو حمد أن أزمة التيار الكهربائي ساهمت في تخفيض نسبة الأضاحي بشكلٍ كبير، حيث تؤثر بالسلب على وسائل حفظ اللحوم ما جعل الغزيون يتخوفون من فسادها وتسبب ذلك في احجامهم عن شرائها.
وفي حديث مقتضب "للرسالة نت" مع زكريا النجار تاجر المواشي، كشف أنه خلال هذ العيد لم تتجاوز مبيعاته الـ 40 رأسا من الماشية وكانت تزيد عن الـ 100 في الأعوام السابقة، مبيناً أنه توقع الانخفاض في المبيعات نظراً للظروف الاقتصادية التي عاشها قطاع غزة، ما جعله يتجنب شراء كميات كبيرة منها حتى لا يمنى بخسائر فادحة.