جددت الولايات المتحدة قصفها الجبهة الفلسطينية مستهدفة هذه المرة القلعة الأخيرة التي تحصن فيها اللاجئ الفلسطيني ممثلة بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الانروا" ما يهدد بطاقة الهوية للنكبة والتغريبة الفلسطينية وهي "كرت المؤن".
في الإطار السياسي والقانوني يمنح كرت المؤن صفة اللاجئ للفلسطيني، بموجبه يحمل رقم دولي يحمي هويته ويحفظ حضوره في ذاكرة العالم، بأنه صاحب قضية، ولديه حق في العودة واسترداد الأرض المغتصبة والتعويض.
في البعد الاقتصادي والمعيشي فقد كان كرت المؤمن على مدار 70 عاما بمثابة بوليصة تأمين لحياة مئات الاف الأسر المستورة من اللاجئين، وشكل حالة اسناد لمثلهم من الاسر الفلسطينية التي لم تحمل نفس الصفة.
مقر التموين التابع لوكالة الغوث كان دائما ملاذ اللاجئ، يصطف الجميع سواسية تحت العلم الأزرق: الغني والفقير.. المتعلم والجاهل اليساري واليميني، العلماني والإسلامي، الفتحاوي والحمساوي، كلهم يقفون بتقدير أمام كيس الطحين و"صرة " المساعدات، بزيتها ولحمها، بحليبها وعدسها.
في النظام السياسي هناك سلطات تتثمل بـ: سلطة الرئيس، المجلس التشريعي، الحكومة، هنا يمكن إضافة سلطة الأونروا.. حيث يعتبر مفوض عام الأونروا بالنسبة لكثير من اللاجئين رئيسا دوليا له مكانته في جيوبهم وأمعائهم.
على مدار السنوات الأخيرة تقلبت قيمة كرت المؤن مثل الدولار واليورو بحسب الظروف الاقتصادية والسياسية في المنطقة.. فقد ارتفعت قيمته خلال الحصار ووصل ذروته في ذروة العدوان على غزة، الا انه بات يفقد قيمته الاغاثية في العام الاخير ومرشحا لمزيد من الهبوط على ضوء الخطوات والتهديدات الامريكية الأخيرة.
كثيرون في مخيمات اللجوء داخل فلسطين وخارجها يعتمدون على مساعدات الأونروا في حياتهم وعلاجهم وتعليمهم وعملهم، فهي بالنسبة لهم لم تكن سنداً في المحنة الأولى فحسب، بل كانت عوناً دائماً في مواسم الضيق المتصلة.
في الماضي كان كيس الطحين يستر الفلسطيني جسدا وأمعائا حيث يتحول من كيس الى شورت لطفل يجري في وحل المخيم مكتوب عليه :"ليس للبيع او المبادلة، ثم يهتف الطفل مع اقرانه:" ما بنبيعك فلسطين بالبسكوت والسردين" فهل يحمي اللاجئ اليوم كرت التموين؟