في نهاية شهر أغسطس من كل عام يغزو السلطعون "الجلمبات"، شاطئ البحر ليحل ضيفاً لذيذاً على موائد الغزيين، بعد اصطياده من قبل بسطاء الصيادين الذين يحاولون استثمار موسمه الذي يستمر لقرابة الشهرين لتحسين ظروفهم المعيشية.
على شاطئ بحر السودانية شمال قطاع غزة تقضي عائلة الصياد (عبد الحليم حسن45 عاماً) وقتها في عملية اصطياد "الجلمبات"، التي تحتاج إلى وقت طويل في تسليكها من شباك الصيد، وإعادة تأهيل شباكها التي تهترئ بصورة سريعة نتيجة مقاومة السلطعونات.
يحكي حسن "للرسالة"، أنهم ينتظروا مجيء موسم الجلمبات الذي يبدأ فعلياً في شهر سبتمبر ويبدأ بالتضاؤل مع نهاية تشرين الأول، ليتخذوا منه مصدراً للرزق بعد اصطيادهم أكبر كمية ممكنة منه من خلال نصب شباك صيد يزيد طولها عن الـ 1000 متر بشكلٍ عرضي داخل شاطئ البحر لمدة يوم كامل.
يبين صاحب البشرة السمراء، أنه وزوجته وابناه (محمد ومنار)، يوزعون على أنفسهم مهام الصيد والتسليك وتخييط الشباك، ليخففوا عن أنفسهم مشقة الصيد التي تحتاج لبذل جهد كبير أكثر من المهارة، إذ ينشغل أبناؤه في نصب الشباك في المياه وإعادة إخراجها، بينما ينشغل وزوجته في تسليكها من الشباك.
اقبال واسع
أما بيعها، فيوضح محمد (22 عاماً) الذي اقتطعنا من وقته جزءًا يسيراً، أنه لا يبيع إلا بنظام الحجز كونها تشهد إقبالاً واسعاً من المواطنين الذين يبدئون بحجز الكميات التي يريدوها من خلال الاتصال على هاتفه قبل يوم أو يومين، ويبلغ سعرها (30 شيكل) للبكسة الواحدة التي تحتوي على قرابة 8 كيلو جرامات.
ويشعل المواطن علاء الخطيب (27 عاماً)، وثلاثة من أصدقائه الذين التقهم الرسالة، موقدا من الفحم على شاطئ البحر، ليشوي "الجلمبات" بعد شرائه "بكسة" كاملة من أحد الصيادين، ويوضح انه في كل عام ينتظر هذا "الموسم" بفارغ الصبر، ليأكل إحدى وجباته المفضلة ذات الفوائد الصحية العالية.
وينتقي الخطيب الجلمبات من أحد الصيادين الذين يثق بهم منذ 7 أعوام بعد صيدها بشباك مخصصة لها، إذ يحرص على شراء (البكسة) ذات الحجم الكبير والتي لا تزال فيها السلطعونات على قيد الحياة لتبقى طازجة ومحتفظة بمذاقها الطيب.
ويفضل الخطيب وأصدقاؤه أن تكون البكسة ممتلئة بأنثى السلطعونات أكثر من الذكور، إذ تتميز بمذاق أطيب ولحم أوفر، بينما يحرص على شرائها من بسطاء الصيادين الذين يقصدون صيدها بشكلٍ متعمد، في حين يبتعد عن شرائها من قوارب الجر واللوكس كونها تفقد قيمتها بعد بقائها على متن القوارب لفترة زمنية طويلة.
فوائد ذهبية
وعن طرق طهيها يشرح الشيف أحمد نصار "للرسالة"، بأنها تطهى بأربع طرق أساسية، وتقدم للزبائن كوجبة شهية غنية بالفوائد الغذائية، فبعض الزبائن يطلبها مع الشوربة، وبعضهم مشوية على الفرن او على الفحم او مسلوقة بالبخار، كما يمكن قليها بالزيت النباتي.
وينصح الطبيب محمد النجار بتناول سلطعونات البحر، ويعدد فوائدها "للرسالة"، إذ تحتوي على فيتامين B12، الذي يعمل على انتاج خلايا الدم الحمراء في الجسم، ويعزز صحة الدماغ، ويقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والاوعية الدموية.
كما يحتوي على كمية عالية من الأحماض الدهنية (أوميغا 3)، التي تساعد أيضاً في الحماية من أمراض القلب، وتحتوي على معادن السيلينوم والنحاس، والفوسفور الذي يعتبر من أكثر المعادن للمحافظة على صحة العظام والانسان، كما أنها تحتوي على البروتين الذي يعتبر مهما لبناء العضلات والأنسجة والمهم لعملية التمثيل الغذائي في الجسم.