تناولنا في المقال الماضي أبرز الرسائل الخاصة بمسار المصالحة الفلسطينية التي أراد قائد حماس في غزة إيصالها خلال لقائه مع الكتاب والمحللين وأكد عليها في لقاء آخر عقده مع النخب الشبابية بغزة.
الملف الثاني الذي تحدث فيه السنوار ملف التهدئة، فما هي أبرز الرسائل التي حرص السنوار على إيصالها؟ وما هي الجهات التي استهدفها؟
الرسالة الأولى موجهة للشعب الفلسطيني وهي أن حماس كحركة مقاومة هي واعية وتدرك البيئة الإقليمية والدولية المحيطة بالشعب الفلسطيني وتعتمد المقاومة استراتيجية ثابتة في صراعها مع العدو وفي نفس الوقت تلجأ لتكتيك التهدئة الذي يأخذ صبغة عملياتية ميدانية لها علاقة بتثبيت قواعد اشتباك وكسر الحصار عن غزة الذي هو أحد أوجه العدوان دون أي صبغة سياسية.
الرسالة الثانية موجهة للعدو وفحواها أن وقف إطلاق النار وتثبيت قواعد الاشتباك معادلة ميدانية ولكنها لا تكفي لتثبيت وقف إطلاق النار وعدم انهيار التهدئة، فالحصار واستمرار المعاناة في غزة، يعني عدم التزام الاحتلال باستحقاقات تفاهمات وقف إطلاق النار بعد عدوان 2014 وعليه فإن استمرار التهدئة مرهون بكسر الحصار بشكل أساسي. وفي حال استمر الحصار فإن التهدئة في مهب الريح.
الرسالة الثالثة موجهة للسلطة الفلسطينية بأن المصالحة لا زالت خيارا استراتيجيا لحركة حماس لكنها لن تبقى أسيرة داخل أسوار المصالحة إلى الأبد خاصة مع وصول الوضع داخل قطاع غزة في ظل الحصار والعقوبات المفروضة بقرار من أبو مازن إلى حافة الانهيار...
وعليه يؤكد السنوار أن مسار كسر الحصار عن غزة يسير بالتوازي مع مسار المصالحة مع حركة فتح/أبو مازن دون أن يعطل أحدهما الآخر.
الرسالة الأخيرة موجهة للفصائل والقوى الوطنية وهي أن حماس لن تصل إلى أي تفاهمات مع اي طرف دون توافق فلسطيني وأن اي تفاهم يؤدي إلى كسر الحصار عن غزة كليا أو جزئيا لن يكون مقابله دفع اثمان سياسية.
لا شك أن رئيس حركة حماس في غزة أدرك حجم محاولات التشويه والشيطنة التي مارستها أطراف عديدة مما استدعى قيامه شخصيا بإيصال تلك الرسائل وهو لم يكتف باللقاءات العامة ولكنه عقد عدة لقاءات مع الفصائل استمرارا للنهج الذي اتخذه حركة حماس في تكثيف التنسيق والتواصل مع القوى الفلسطينية وهو ما يحسب للحركة.
المطلوب من حماس بعد هذا الجهد استثمار كل نقاط القوة والحد من نقاط الضعف على طريق تثبيت ما هو استراتيجي وإنجاز الأهداف المرحلية دون دفع اثمان سياسية.