لأكثر من مرة هددت جهات دولية ذات ثقل في الملف الفلسطيني السلطة الفلسطينية باستثنائها من أي جهود مقبلة في ملف التهدئة والمصالحة في حال استمرار موقفها الرافض للجهود المبذولة والاستمرار في التضيق على قطاع غزة.
آخر تلك التهديدات كان على لسان المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، الذي حذر خلالها السلطة الفلسطينية بأنها "إن لم تقم بخطوات إيجابية تجاه المباحثات التي تجريها السلطات المصرية مع فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة فإن هناك من سيملأ الفراغ".
وقال غرينبلات في بيان نشرته الخارجية الأمريكية على موقعها الإلكتروني، إن "الإدارة الأمريكية تدعم الجهود المصرية للتوصل إلى اتفاق تهدئة بين (إسرائيل) والفلسطينيين"، بالإضافة لـ "تحقيق شروط عودة السلطة إلى غزة".
وأضاف أن "السلطة الفلسطينية ينبغي أن تكون جزءا من الحل في قطاع غزة، وتتحمل مسؤوليتها، أو أن هناك من سيملأ الفراغ".
وتؤكد الشواهد على الأرض أن السلطة الفلسطينية مصرة على موقفها الرافض للمصالحة وللتهدئة وهو ما ظهر في تسريبات الاجتماعات ما بين السلطة الفلسطينية والمخابرات المصرية برام الله مطلع الأسبوع حيث أكدت مصادر مطلعة أن اللقاء كان باهتا ولم يحمل أي جديد.
ورأى مراقبون أن "زيارة الوفد الأمني لرام الله تعد محاولة مصرية أخيرة وإصراراً على عدم إغلاق باب جهود المصالحة وتحقيق الوحدة، بالإضافة لتحقيق تهدئة بمشاركة من السلطة وضغوط كبيرة ستمارسها القاهرة على السلطة الفلسطينية لتغيير مواقفها"، معتبرين أن فشل الزيارة يعني أنه لا خيارات سوى الذهاب لتهدئة دون مشاركة السلطة الفلسطينية.
وترغب أطراف دولية، على رأسها الولايات المتحدة والأمم المتحدة، في إتمام مصالحة تفضي إلى "تمكين" الحكومة الفلسطينية في غزة لتقوم بالإشراف على خطة إنقاذها من الانهيار عبر مشروعات تنموية وإنسانية.
وبما أن السلطة المشرف والمتحكم بالكثير من الأمور الإدارية والمفصلية فإن ذلك يمكنها من امتلاك أوراق قوة يسهل من خلالها وضع شروط قد تكون صعبة وتعقد المسألة، بالإضافة لإمكانية تهديدها بورقة التنسيق الأمني في الضفة الغربية، فيما يحتاج التخلي عنها عملية إدارية من قبل الأمريكان للتعويض عن دورها.
وبناء على ما سبق فإن الأطراف الأخرى المطلوب منها القيام بأدوار بديلة في حال تراجعت السلطة وتحديدا مصر وقطر، وفي ذات الوقت فإن البديل لن يكون بالأمر السهل كونه سيمثل فصلا إداريا لغزة.
ويشير مراقبون إلى أن المعضلة التي تواجه مبادرات الحل هي إيجاد طرف ثالث ينوب عن السلطة، معتبرين أن السلطة تستغل هذه الورقة وتمارس الضغوط من خلالها.
في المقابل لم يكن غرينبلات وحده من هدد السلطة الفلسطينية بل أن مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ميلادينوف قد تحدث في اجتماعاته بغزة عن إمكانية تنفيذ عدة مشاريع دون وجود السلطة.
ونقل مصدر مطلع "للرسالة" إن ميلادينوف كرر خلال اجتماعه بقيادات من حماس لأكثر من مرة إمكانية تجاوز دور السلطة في غزة في حال استمر تعنتها.
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف قال إن تصريحات المبعوث الأمريكي موجهة للسلطة في ظل تعنتها باتجاه التهدئة والمصالحة، مشيرا إلى أن الحديث ليس جديدا لكن عباس لايزال يصر على موقفه.
ويؤكد الصواف أن مندوب الأمم المتحدة ميلادينوف أبدى ذات الموقف بأن السلطة إن لم تأت سيمضون في تنفيذ المشاريع المتعلقة بإعادة الحياة للقطاع منفردين، متمنيا ان تكون الوحدة هي العنوان لكن في حال إصرار أبو مازن على عزل نفسه وفرض شروطه فبإمكان الدول ان تنفذ ما تريد منفردة.
وبين أن حماس وفصائل المقاومة لا تمانع ذلك في سبيل التخفيف عن قطاع غزة كون الهدف لديها رفع الحصار والتخفيف عن سكان القطاع.