في الوقت الذي تدق فيه وزارة الصحة ناقوس الخطر لمشارفة الوقود اللازم لتشغيل مولدات مرافق الصحة على الانتهاء، تطلق مستشفيات الصحة النفسية، ومراكز الرعاية الأولية لصحة الطفل صافرات الخطر، حيث أن رصيدها من الأدوية الأساسية لصحة المرضى صفر.
الأدوية التي تفتقدها وزارة الصحة في مستشفياتها ومراكز الرعاية الأولية فيها أساسية ولا يمكن الاستغناء عنها، ولا تتواجد في صيدليات قطاع غزة، وفقدانها يعني تعرض المرضى الذين يتلقون هذه العلاجات إلى انتكاسات صحية خطيرة.
تخلف عقلي
الدكتورة مها العمامي مدير دائرة صحة الطفل في الرعاية الاولية في الصحة الفلسطينية أكدت
أن الدائرة تعاني من نقص شديد جداً في توفر الحليب المخصص للأطفال الذين يعانون من مرض التبول الفينولي، مما ينذر بخطورة شديدة على نموهم العقلي.
وقالت في حديث لـ "الرسالة": "أن هذا الداء يطلق عليه "Free Final Alanine" معدوم الأحماض الأمينية الموجود في البروتين الضرورية لنمو الطفل، وهو خلل وراثي، وينتج بسبب نقص في الإنزيم المسؤول عن تحويل الفينيل ألانين إلى تايروسين، وتراكمه في جسم الطفل يتسبب في درجات مختلفة من التخلف العقلي.
وأوضحت العمامي أن الحليب يعطى للطفل بعد تشخصيه في اليوم الثالث من ولادته، وهو مهم لكل الأطفال الذين يعانون من هذا المرض، مضيفةً أنه يزداد أهمية للأطفال في سن الثالثة، وهي فترة تكون الدماغ.
وأشارت إلى أنه منذ أن بدأ برنامج المسح على الأطفال حديثي الولادة في قطاع غزة، سجلت دائرة صحة الطفل وجود 221 حالة تعاني من هذا المرض، منهم 11 حالة أقل من عام، و28 حالة من الولادة حتى ثلاث سنوات، والباقي موزع على جميع الأعمار.
وحذرت مدير دائرة صحة الطفل من أن عدم إعطاء المرضى هذا الحليب يعني الحكم بالتخلف العقلي على الأطفال، موضحةً أنه لا بديل عنه.
ونوهت إلى أن مشكلة عدم توفر الحليب قديمة حديثة، تتمثل في إرسال كميات قليلة إلى قطاع غزة، ويتم ترشيد استخدامه للاستفادة من الكمية المتوفرة أكبر قدر ممكن، مضيفةً إلى أنهم يعانون الآن مأزقا كبيرا مع أهالي الأطفال لعدم التمكن من تقديم العلاج اللازم لهم.
وأضافت "يبلغ سعر العلبة الواحدة 85 دولارا، ويحتاج الطفل المريض لأربع علب شهرياً"، مناشدةً المسئولين تجنيب الجانب الصحي الأزمة السياسية حتى لا يذهب الجهد والرعاية للأطفال هباءً منثورا.
انتكاسات نفسية
مدير عام الإدارة العامة للصحة النفسية في وزارة الصحة د. يحيى خضر أكد أن معاناة الصحة النفسية تتفاقم منذ أكثر من أربعة أشهر، حيث تعاني ادارته من نقص شديد في الأدوية النفسية بشكل عام، ووصلت الذروة بانقطاع سبعة عشر صنفا من الأدوية الأساسية التي تعالج بعض الأمراض النفسية المتخصصة في بعض الأمراض.
وقال خضر في حديث لـ "الرسالة": "أبرز هذه العلاجات دواء "ليبونكس" المخصص للمرضى الذين يعانون من الفصام العقلي، والذين لا يحتاجون للبقاء في المستشفى بسبب استقرار حالتهم الصحية في البيوت مع انتظامهم على هذا العلاج، لكن بعد انقطاعه هناك بعض الحالات انتكست وعادت للمستشفى من جديد، والخطورة تكمن في أن العلاج لا يتوفر حاليا في وزارة الصحة أو مرافقها أو صيدليات القطاع".
ونوه إلى أن هناك سبع حالات تسبب فقدان العلاج في انتكاسة وضعها الصحي، وهناك عديد من العيادات النفسية بدأت تنذر بخطورة ظهور بعض الأعراض على الذين يعانون من الفصام العقلي، مضيفاً أن هناك 460 حالة في قطاع غزة.
وحذر من أن حدوث انتكاسة يعني فترة مكوث أطول في المستشفى، وتكلفة علاج باهظة على وزارة الصحة، وإشكاليات كبيرة ستواجه الأسرة بسبب إمكانية أن يكون سلوك المريض عدوانيا على نفسه أو الآخرين.