قائد الطوفان قائد الطوفان

مكتوب: بعد 25 عامًا على أوسلو.. السلام بات مستحيلا

صورة
صورة

غزة- شيماء مرزوق

في صيف 1993.. وقع الفلسطينيون على اتفاق أوسلو ووقعوا جميعاً وطواعية في حفرة كبيرة، بدت في ذلك الوقت كمساحة واسعة بعد إعادة انتشار جيش الاحتلال منها وإعطاء بعض الحريات للفلسطينيين المتعطشين للحرية والاستقلال.

بنت السلطة المؤسسات والوزارات، لكن شيئا فشيئاً بدأت تعلو الأسوار وتنتهك الحريات وتسحق تلك المؤسسات، حتى استوعبوا انهم وقعوا في حفرة عميقة يدورون في محيطها.

25 عاماً على اتفاق أوسلو الذي أحدث تحولاً دراماتيكياً في مسار القضية الفلسطينية، نظراً للأخطاء والتداعيات الكارثية التي طرأت على القضية في العقدين السابقين.

وربما أكبر خطيئة تسببت بها أوسلو أو ما وصفه ياسر عرفات في ذلك الوقت بأنه "سلام الشجعان" بانه جعل السلام على الأرض الفلسطينية مستحيلاً.

ولطالما دافع فريق أوسلو عن الاتفاق لتبريره بالقول إنه جاء نتيجة اختلال توازن القوى الدولية، وانهيار الاتحاد السوفياتي، وحرب الخليج، وخروج المنظمة من لبنان، وضعف العمل العربي المشترك، إلى غيرها من الأحداث الإقليمية والدولية التي توضع في مقام الأسباب القاهرة التي أدت إلى توقيع المنظمة مكرهة على الاتفاق، وفقاً لسعيد الحاج الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني.

حيث يؤكد الحاج في مقال له أن بعض الشخصيات الشيوعية بدأت اللقاءات مع بعض القوى الصهيونية باكراً جداً، في ستينيات القرن الماضي، ثم لحقتها بعض القوى اليسارية بعد سنوات. كما أن طرح البرامج المرحلية لمنظمة التحرير المعتمد على "النقاط العشر" كان في عام 1974، في تزامن مع قمة الرباط التي اعترفت بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني.

 وبينما يوثق عام 1979 لأول "لقاء رسمي" بين الفلسطينيين والصهاينة، فقد نقل عن الراحل عرفات أنه طلب في ذلك العام قناة سرية للتواصل مع قادة الكيان.

ثم أعلنت عام 1988 الدولة الفلسطينية ونبذ أبو عمار "الإرهاب والعنف" في حديثه في الأمم المتحدة، حتى وصلنا إلى مؤتمر مدريد عام 1991، وكانت كلها خطوات تمهيدية حتى وصلنا اتفاقية أوسلو عام 1993.

وما يؤكد سعي قيادة المنظمة في ذلك الوقت للوصول إلى اتفاق مع الجانب (الإسرائيلي) ما ردده الصهاينة في أكثر من مناسبة أنهم كانوا "يفاوضون أنفسهم"، كدليل على غياب جو "المعارك التفاوضية" المعروف دولياً، وضعف وفد المنظمة وقبوله ما يطرحه الطرف الآخر، كما ذكر "يوإل زينغر" الذي طرح على الوفد الفلسطيني 100 سؤال مكتوب، ثم قال في تقريره لقيادته بعد أن قرأ الإجابات: "سنكون أغبياء إن لم نوقع مع هؤلاء اتفاقاً".

ويمكن تلخيص أبرز البنود التي ساهمت في جعل الاتفاق ذا اثار كارثية على الشعب الفلسطيني في الاتي:

- الكارثة الكبرى في الاتفاق كانت الاعتراف الصريح من المنظمة بدولة الكيان دون أن يعترف الأخير بالشعب الفلسطيني أو حقوقه وحقه في تقرير مصيره، وهذا شكل ضربة للنضال الفلسطيني لسببين، الأول انه تنازل صريح وموقع عن 78% من أرض فلسطين للصهاينة، والثاني انه شكل ضربة قاضية للرواية التاريخية الفلسطينية ومنح اليهود الحق في الوجود وإقامة دولتهم على ارض فلسطين.

- تضمن الاتفاق نصاً يجرم المقاومة الفلسطينية رغم انها حق للشعوب المحتلة كفلته كل القوانين والمواثيق الدولية، ونص على التنسيق الأمني.

- أحال الاتفاق كل الإشكاليات والعقبات التي تعيق الاتفاق الى عملية التفاوض.

- الاتفاق بشكل ثنائي ورعاية أمريكية منفردة أفقد القضية الفلسطينية بعدها العربي والإقليمي، وبات العرب على استعداد لقبول أي حل يقبل به الفلسطينيون ويهرولون نحو التطبيع مع الاحتلال.

- تم استبعاد القدس واللاجئين من المفاوضات وهي قضايا رئيسية تشكل جوهر الصراع.

- لم تنص الاتفاقية على سقف زمني لقيام الدولة، بل نصت على انتهاء فترة الحكم الذاتي بعد 5 سنوات، وربط الدولة والحل النهائي المفاوضات.

- لم تصر المنظمة على انهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وإطلاق سراح الاسرى قبل التوقيع بل ربط كل التفاصيل بالتفاوض.

- حول الاتفاق العلاقة بين الفلسطينيين والاحتلال من عداء واحتلال ومقاومة إلى تعاون اقتصادي وشراكة أمنية، وصور القضية على أنها نزاع بين دولتين متجاورتين.

- الاتفاقية أخرجت حركة فتح فعليا من دائرة المقاومة مع الاحتلال واسست لحالة الانقسام الفلسطيني.

- الاتفاق أمن البيئة المناسبة لتعزيز وتمدد الاستيطان الذي ابتلع الضفة وبعدما كان عدد المستوطنين قبل الاتفاق 100 ألف مستوطن باتوا اليوم قرابة 850 ألفا.

- عزز أوسلو التبعية الاقتصادية والأمنية للاحتلال ومهد للتطبيع العربي مع الاحتلال.

البث المباشر