لا يختلف اثنان حين الحديث عن نتائج اتفاقية أوسلو على القضية الفلسطينية بأنها كارثية، ولم تخدم سوى الاحتلال الإسرائيلي ومشاريعه الاستيطانية في فلسطين، ولا يخفي على أحد ممارسات الاحتلال اليومية من تصفية للقضية الفلسطينية كنتاج لاتفاق أوسلو.
تسرعت القيادة الفلسطينية في الوقوع في فخ "أوسلو"، في محاولة لاستعجال قطف ثمار الانتفاضة الأولى، والتي لم تكن قد انتهت بعد، وأوقعت القضية الفلسطينية في مأزق كبير لا يزال من الصعب الخروج منه
سذاجة السلام
خبير القانون الدولي ورئيس المؤتمر الشعبي الفلسطيني أنيس قاسم أوضح أن اتفاقية أوسلو هي الوليد الطبيعي لمنهج محمود عباس، الذي لعب دوراً بارزاً في صياغة برنامج النقاط العشر في العام 1974، وانتهى به المطاف إلى اتفاقية أوسلو، التي تعبر عن فلسفته.
وقال في حديث لـ "الرسالة": "جاءت اتفاقية أوسلو لتثبت سذاجة طرح محمود عباس، وهي في الواقع وثيقة استسلام للاحتلال الإسرائيلي، لأن الذي صاغ الاتفاقيات هو الجانب الإسرائيلي، ولم يكن للجانب الفلسطيني أي دور مادي أو جذري في هذه الاتفاقيات، وانما اكتفت بدور شكلي في تصحيح بعض الكلمات.
وعلى الرغم من أن الاتفاقية صياغة إسرائيلية، وتعبر عن استسلام فلسطيني، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي خرقها ولم يلتزم بها، حسب قاسم الذي قال إن خروقات حكومة الاحتلال تثبت أن كلمة السلام مع "إسرائيل" هي عملية عبثية بالمطلق، وأي طرح لمفاوضات سياسية مع "إسرائيل" تعبر عن سذاجة، وعدم فهم لطبيعة المشروع الصهيوني.
ونوه إلى أن قانون القومية الأخير الذي صدر عن الكنيست الإسرائيلي جاء ليغلق الباب على هذا الاستسلام، والذي ينص على أن "إسرائيل" أقيمت على أرض "إسرائيل" التاريخية حسب زعمهم، وما يتم الآن من استباحة مطلقة للأرض الفلسطينية والمقدسات هو تتويج لوثيقة الاستسلام أوسلو.
خيبة كبيرة
الكاتب والاستشاري الإعلامي حسام شاكر أكد أن اتفاقية أوسلو أنتجت واقعاً من الارتهان الحقيقي للقرار الفلسطيني بشكل غير مسبوق، ليس للقرار الإقليمي العربي كما كان يقال في السابق، وإنما ارتهان للاحتلال الإسرائيلي ولرعاة التفاوض التي تمثله الإدارة الأمريكية، وللمانحين في قوت العيش.
وقال في حديث لـ "الرسالة": "الاتفاق أوجد قيادة محاصرة ضمن شروط المرحلة، عليها التزامات أمنية تسميها التنسيق الأمني، وهذا أدى إلى تغيير الجوهر في الخطاب الفلسطيني، والتغيير في معطيات التداول السياسي، حيث أصبح الجمهور الفلسطيني مقسماً جغرافيا بشكل مشرعن".
وأوضح شاكر أن الذين أبرموا اتفاق أسلو ليسوا فخورين بها على الملأ، ولا يرفعون صوتهم بأنهم حققوا انتصاراً كبيراً كما كان سابقاً وقت التوقيع، والتي قدمت للفلسطينيين حينها بخطاب دعائي يعدهم الكثير، مثل الاستقلال أو بتحقيق المشروع الوطني وغيرها.
ونوه إلى أن رئيس السلطة محمود عباس الذي قُدّم على أنه مهندس أوسلو عندما ترشح للانتخابات الرئاسية عام 2005، لم يكن قد تباهى ببرنامجه الانتخابي بأوسلو، وهذا يدلل أن الاتفاقية أخفقت، ولا أحد ممكن أن يكسب شعبية في انتخابات أو يراهن عليها من خلال التباهي بها.
وبين الكاتب أنه ورغم تملص الاحتلال من التزاماته باتفاقية أوسلو، لكن الشعب الفلسطيني لا يستطيع أن يتخلص منها، لأن هناك طبقة مرتبطة بالوضع الحالي، ودخل الفلسطينيون في مصيدة بموجب الاتفاقية، وفتحت أبواب التطبيع مع المحتل، مشيراً إلى أن الفكاك منها يحتاج إلى ثورة فلسطينية داخلية.