قائمة الموقع

مكتوب: لماذا تفزع (إسرائيل) من دمقرطة العالم العربي؟

2018-09-16T14:37:46+03:00
صورة
د.صالح النعامي

من الأهمية بمكان التوقف عند الاستخلاصات التي ولجت إليها المؤتمرات والدراسات والأوراق التي نظمتها مراكز التفكير الصهيونية في تحذيراتها من إمكانية انفجار موجة ثانية من الثورات العربية.

وبخلاف حالة الإحباط التي تسود الأمة العربية، فإن محافل التقدير الإستراتيجي الصهيونية تنطلق من افتراض مفاده أن الثورات المضادة التي احتوت مفاعيل الثورات العربية غير قادرة على تأمين مكتسباتها، مما يفتح المجال أمام انفجار موجة تغيير ثوري قادمة.

ومن الواضح أن هذه التقديرات تبعث الرعب في نفوس صناع القرار في (تل أبيب)، على اعتبار أن تحقيق هذا السيناريو ينسف البيئة الإقليمية للكيان الصهيوني بشكل جذري.

وحسب الأدبيات الصهيونية فقد وفرت نظم الاستبداد بيئة مثالية لتمكين (إسرائيل) من تحقيق مصالحها في العلاقة مع العالم العربي؛ حيث انطلقت نخب الحكم في (تل أبيب) من افتراض مفاده أن هذه الأنظمة تكون مهتمة بالأساس بالحفاظ على استقرارها، أكثر من تبنيها أجندة قومية حقيقية يمكن أن يفضي تطبيقها للمس بهذا الاستقرار. 

 لقد ارتبط في ذهنية نخب الحكم الإسرائيلية أن تحولا ديموقراطيا حقيقيا في العالم العربي يحسن من فرص تحقيق العرب نهضة شاملة يمثل مرتكزا لتغيير موازين القوى القائمة حالياً التي تميل لصالح (إسرائيل).

وتدل الأدبيات الإسرائيلية على أن (إسرائيل) كانت مرتاحة تماما لدور الأنظمة الديكتاتورية في تآكل الطبقة الوسطى في العالم العربي، من منطلق الافتراض أن حضور قويا ومؤثرا لهذه الطبقة يقلص من ناحية فرص بقاء الاستبداد، ومن ناحية أخرى ويمثل أحد عوامل تحقيق النهضة.

ويقر الوزير الصهيوني السابق يوسي بيلين بأن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة كانت دوماً تفضل التعامل مع الأنظمة الديكتاتورية في العالم العربي، على اعتبار أن هذه الأنظمة تكون في العادة "براغماتية، تكتفي بدفع ضريبة كلامية في دعمها للفلسطينيين، لكنها في الخفاء لا تتردد في إقامة تحالفات مع (إسرائيل)، وذلك بعكس الأـنظمة الديمقراطية التي تخضع للرقابة وتكون مطالبة بأن تتخذ قراراتها على أساس شفاف".

 وبالإضافة إلى انطباعاته الشخصية من اللقاءات التي جمعته بعدد من الحكام العرب، فإن بيلين يستند إلى وثائق " ويكليكس" التي أظهرت بشكل واضح أن الأنظمة العربية، لم تلق في الواقع بالاً لمعاناة الفلسطينيين، ولم تأبه كثيراً بحل القضية الفلسطينية.

 ويقول جابي سيبوني، الباحث في "مركز أبحاث الأمن القومي" الصهيوني إن (إسرائيل) والولايات المتحدة كانتا مرتاحتين في التعامل مع نظم الاستبداد العربية على اعتبار أن "هذا الاستبداد خدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية".

إن إدراك (إسرائيل) لطابع العوائد الإستراتيجية التي تجنيها من نظم الاستبداد العربية لكونها تجمع بين الشمولية والرهان على عوائد العلاقة معها والولايات المتحدة، جعلها تبدي القلق الكبير عندما اندلعت ثورات الربيع وهددت بقاء هذه الأنظمة.

 وقد عبر جابي إشكنازي رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي عن المعضلة التي توشك أن تواجهها (إسرائيل)، عندما قال: "في كل ما يتعلق بالشرق الأوسط، فإن الاستقرار-بالنسبة لـ(إسرائيل) - أفضل من الديمقراطية".

وعندما حذرت (إسرائيل) من تبعات ثورات الربيع العربي على الاستقرار في المنطقة، فإن "الاستقرار" الذي عنته هو الذي يسمح لها بمواصلة التملص من استحقاقات أي تسوية سياسية للصراع مع الشعب الفلسطيني حتى في حدودها الدنيا بالنسبة للعرب والفلسطينيين.

وقد رأت (إسرائيل) في احتكار النخب العسكرية تحديدا الحكم في العالم العربي أحد هم ضمانات احترام نظم الحكم التزامها بالاتفاقات الموقعة مع (إسرائيل)، وضمان تطوير مسار العلاقات السرية مع الأنظمة التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع (تل أبيب).

 ولعل أبرز ما عبر عن هذا التوجه إعلان وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق بنيامين بن إليعازر بأن سيطرة الجيش على مقاليد الأمور في القاهرة "يمثل أحد أهم متطلبات الأمن القومي الإسرائيلي".

اخبار ذات صلة