قائمة الموقع

مقال: انتفاضة الأقصى ومسيرات العودة

2018-10-01T05:26:32+03:00
الكاتب
إبراهيم المدهون

نعيش الذكرى الثامنة عشرة لاندلاع انتفاضة الأقصى التي غيرت وجه القضية الفلسطينية. وكانت حلقةً هامةً في تاريخ نضال شعبنا وكفاحه ضد المحتل الصهيوني، وفيها اتحدت قوى وفصائل المقاومة والقطاعات المختلفة تحت رايةٍ واحدةٍ وعنوانٍ صريح، وقدمت خلالها نماذج فريدة مدهشة بعطائها وصمودها وإبداعها، وظهرت بطولات حية سجلها التاريخ، وودعنا خير قادتنا وجنودنا في قوافل من الشهداء تترى.

 بدأت الانتفاضة كثورة شعبية برعايةٍ رسميةٍ وباتفاق مكونات الفلسطينيين فدعموها وساندوها بأطيافهم المختلفة، وفي البداية ظنناها محدودةً كهبة النفق وجبل أبو غنيم سرعان ما تنطفئ بقرار رسمي لاستثمارها بالتفاوض، إلا أنها كانت ككرة الثلج المتدحرجة فكبرت يوماً بعد يوم، وكان للإعلام المحلي والعربي والدولي وانتشار الفضائيات وطغيانها، وبداية ظهور الانترنت الأثر الكبير في تعاظمها وريادتها، حيث بُثت الأحداث بصورة مباشرة، وظهرت الرموز الوطنية تباعاً وبشكل يومي للرأي العام فنقلوا المعاناة وعززوا صمود شعبنا وتحدثوا حول رسالاتها وغاياتها.

ما ميز هذه الانتفاضة مشاركة الكل الفلسطيني إن كان بالداخل أو الخارج، وعلى كامل بقاع أرض الوطن بمن فيهم فلسطينيو 48 الذين أبدعوا بانطلاقتها وقدموا الشهداء وتفانوا بدعمها ثقافياً وإعلامياً، ومعنوياً ومادياً، مما أكمل المشهد والطاقات وحقق الكثير من الانتصارات على المستويات المختلفة.

كما أنها تحولت من انتفاضةٍ شعبيةٍ بالحجر والمقلاع رموزها أطفال الحجارة محمد الدرة وفارس عودة، إلى انتفاضةٍ مسلحةٍ داخل الأراضي المحتلة عام 67 يتم فيها اصطياد المستوطنين وجنود وحراس المستوطنات، ومن ثم انتقلت لانتفاضةٍ شاملةٍ وصلت لأن تضرب العمق الإسرائيلي في يافا وحيفا و(تل أبيب) بعمليات فدائية نوعية.

هذه الانتفاضة كبدت الاحتلال الإسرائيلي نسبةً كبيرةً من القتلى والجرحى لم يتكبدها من قبل، وكسرت قواعد الأمن والاطمئنان لديه وحطمت نظرية أمنه الداخلي وتجنيب الجبهة الداخلية الإسرائيلية نار الحروب، فنُقلت المعارك إلى العمق الصهيوني في القدس المحتلة و(تل أبيب) وحيفا ويافا وصفد.

وعلى الرغم من أن المحتل أوغل كثيراً بدماء شعبنا وقتل الآلاف من الأطفال والنساء والرجال إلا أن نسبة القتلى كانت متقاربة 1 إلى 2 أو و1 إلى 3، وهي أكبر نسبة تتجرعها (إسرائيل) في جميع حروبها.

إن الانتفاضة هي الوضع الطبيعي لشعبنا ما دمنا تحت الاحتلال، فبرغم الآلام والجراح وما نعانيه من جرائم إسرائيلية ضد شعبنا إلا أن أفضل أحوالنا كشعب وقضية كانت خلال ثوراتنا وانتفاضتنا، وكنا نشاهد القادة العظام من مختلف الاتجاهات والتوجهات في الضفة الغربية وقطاع غزة والمثلث والجليل ومخيمات لبنان وسوريا والأردن يدهم موحدة وقراراتهم مجتمعة وهدفهم واضح وجلي ومتفق عليه، وما عرفنا الصراع والانقسام والمشاكل الاقتصادية والهوان والأزمات إلا بعد خفوت صوت الانتفاضة.

واليوم نعيش مسيرات العودة والتي فيها من البطولة والفداء ما فيها، وهي نموذج عظيم من التضحية والفداء تعزز أننا شعب لا نهزم، ننتصر أو نستمر من غير تراجع، فمسيرات العودة أنبل ظاهرة فلسطينية في العقد الأخير، وما شهداؤها إلا وردا تفتح في بساتين الأمل والتحرير، ومهما كانت صعبة وقاسية إلا أن طريقنا الشائك والدامي قدرنا في ظل احتلال مجرم.

اخبار ذات صلة