مكتوب: الكساد الاقتصادي يواصل اجتياح أسواق قطاع غزة

ارشيفية
ارشيفية

الرسالة-محمد شاهين

يأخذ منحنى الكساد الاقتصادي داخل أسواق قطاع غزة شكلاً تصاعدياً خطيراً، منذ إقحام رئيس السلطة محمود عباس نفسه شريكاً أساسياً في الحصار "الإسرائيلي" المستمر منذ 12 عاماً على غزة، بفرضه إجراءات ظالمة منذ أبريل العام الماضي، بدأها بخصومات مالية ازدادت نسبتها عن 50% على رواتب 65 ألفا من موظفيه وأحال أكثر من نصفهم للتقاعد القسري.

وزادت عقوبات عباس طين الحصار "الإسرائيلي" بلة على التجار الغزيين، إذ تسببت في انعدام القدرة الشرائية إلى أكثر من النصف على السلع الغذائية الأساسية، بينما يعيش بقية تجار السلع غير الأساسية (كالملابس، والأدوات المنزلية، والمواشي، وغيرها) حرب البقاء، بعد تكبدهم خسائر مالية فادحة.

واقع مظلم

في جولة "للرسالة" داخل أسواق قطاع غزة، كان التذمر على لسان المواطنين قبل التجار والباعة، بعد تكبيل الظروف الاقتصادية قدرتهم الشرائية، بينما ينشغل الباعة بترقب أخبار الرواتب أكثر من انشغالهم في البيع.

يختصر محمود النجار حالته التي تنطبق على عدد كبير من المواطنين بحديثه مع "الرسالة" بالقول "كنت أنزل على السوق اتسوق لأسرتي كافة الاحتياجات بقيمة 600 شيكل مرتين خلال الشهر، بعد خصومات "عباس" صرت اشتري طبخات للأسبوع بقيمة 70 شيكل وأروح".

ويضيف المعيل لـ 3 أبناء في حديثه مع "الرسالة"، " حتى أبنائي باتوا يذهبون لمدارسهم من دون مصروف يومي، بعد عجزي عن توفيره لهم، إذ بلغت خصومات راتبي قرابة الـ 70% بعد احالتي إلى التقاعد القسري، ومع خصم البنك أقساط القرض الشهرية يتبقى لي 300 شيكل فقطـ، بالكاد تكفي لتوفير طعام أسرتي خلال أيام الشهر".

أما بائع الخضراوات محمد صلاح، فيوضح أنه بات يجلب ربع كمية متطلبات أسرته قبل عقوبات السلطة، ويقول "زبائني الدائمون الذين اعتادوا على زيارتي، انخفضت نسبة قدرتهم الشرائية بشكل كبير جداً، الأمر الذي انعكس على ظروفي الاقتصادية بالسلب".

عروض الأسعار للترغيب

دخلت محال بيع الدواجن الكبيرة، خلال الفترة الماضية منافسة واسعة لوحظت على مواقع التواصل الاجتماعي بعرض أسعار اللحوم البيضاء لأقل سعر ممكن، بهدف ترغيب المواطنين على الشراء، في ظل انخفاض سعر الدواجن الأساسي بسبب ضعف القدرة الشرائية.

يوضح عماد البشير تاجر لحوم، أنه اندفع لتخفيض بيع اللحوم البيضاء داخل متجره، لأقل سعر ممكن، نظراً للظروف الاقتصادية التي يعيشها أهالي قطاع غزة، وانعدام القدرة الشرائية بشكلٍ ملحوظ، إذ بات يتخذ من عروض تخفيض الأسعار وسيلة لجذب أكبر كمية من الزبائن.

ويبين التاجر في حديثه مع "الرسالة"، أنه يضع هوامش ربح منخفضة جداً خلال هذه العروض وصلت لأقل من 90% خلال البيع الاعتيادي، كما أن بعض الأصناف لا نحقق أي أرباح من بيعها، بهدف التخفيف عن أهالي قطاع غزة الذين يعانون من ظروف مادية متدهورة للغاية تجبرهم على العزوف عن شرائها طيلة أيام الأسبوع.

ويؤكد أن بقية الأصناف غير الضرورية داخل متجره تعيش حالة من الكساد غير المسبوق، ويحاول أيضاً خفض أسعارها بقدر الإمكان إلا أنها تبقى مرتبطة بسعر الاستيراد المرتفع، ما جعله يسعى إلى البقاء داخل السوق، وعدم الخروج بخسائر مالية فادحة.

تخفيضات لا تجدي نفعاً

تاجر الأحذية جهاد مجدي، لا يخفي أنه يتلقى خسائر مالية تزداد عن الـ 50$ يومياً، بسبب ضعف الأسواق، إذ انتقلت القدرة الشرائية للمواطنين من الضعف إلى شبه الانعدام، ويقول "للرسالة"، "بت أعول فقط على موسم عيد الفطر لتعويض الخسائر التي تلحق بي، نتيجة الظروف الاقتصادية التي يمر بها أهالي قطاع غزة"".

ويشير الذي يفتح متجراً في سوق الرمال بمدينة غزة، إلى أنه اضطر لتخفيض سعر معظم الأحذية ليقارب تكلفة الاستيراد، ولم يسبق له أنه قام بمثل هذه الخطوات، ومع ذلك لم تتحسن نسبة المبيعات، نتيجة شل حركة المتسوقين".

ويؤكد التجار أنه في حال استمرت الظروف الاقتصادية على حالها، فالأمر سينتهي به لإغلاق محله ومصدر رزقه بشكلٍ كامل، قبل أن تتراكم الديون على كاهله بصورة لا يطيقها.

البث المباشر