فاز مرشح "الاتحاد الوطني الكردستاني"، السياسي المخضرم برهم صالح، مساء اليوم الثلاثاء، بمنصب رئاسة الجمهورية العراقية، وذلك في جولة ثانية من التصويت احتاجها البرلمان العراقي، لحسم هذا الفوز، ما أدى إلى انسحاب مرشح حزب "الديمقراطي الكردستاني"، فؤاد حسين، ورفض رئاسة البرلمان لهذا الانسحاب.
وأجرى البرلمان العراقي مساء اليوم، جولة تصويت ثانية، بعد فشل حصول أي مرشح على ثلثي أصوات البرلمان من الجولة الأولى، التي تقدم فيها برهم صالح على منافسه، فؤاد حسين، بفارقٍ كبير.
وكان مصدر برلماني مطلع قد أكد لـ"العربي الجديد" أن 254 نائباً حضروا الجلسة المسائية، مشيراً إلى أن نواباً عن "الديمقراطي الكردستاني" برئاسة مسعود البارزاني، وتحالف نوري المالكي - هادي العامري (البناء) قاطعوا الجلسة.
واضطر البرلمان العراقي، مرتين اليوم ، لتأخير عقد جلسته، التي كانت مقررة في الساعة الواحدة ظهراً ، لاختيار الرئيس العراقي الجديد، بسبب الخلافات العميقة بشأن مرشح رئاسة الجمهورية.
وازدادت حدة الخلافات ظهراً بين جبهة مرشح "الديمقراطي الكردستاني"، المدعوم من تحالف المالكي – العامري من جهة، والجبهة الأخرى الداعمة لتولي مرشح "الاتحاد الكردستاني" للمنصب، ما أدى إلى عدم اكتمال النصاب في الساعة الواحدة، ما دفع رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، إلى تأجيل عقدها للمساء.
يذكر أنه جرى عرفاً منح منصب رئيس الجمهورية العراقية للمكون الكردي في البلاد، ضمن عملية المحاصصة الطائفية والعرقية التي اعتمدها الأميركيون في العراق عقب الاحتلال في عام 2003، والتي لا تزال متّبعة.
ولا يترتب على منصب رئاسة الجمهورية العراقية أي صلاحيات تنفيذية، إذ يحصر الدستور العراقي كافة الصلاحيات في يد رئيس الوزراء. وللعلم، فإن مديراً عاماً في أي وزارة عراقية يملك صلاحيات تفوق بكثير تلك التي يملكها رئيس الجمهورية، إلا أن المنصب يعدُّ فخرياً، وله ثلاثة نواب، لا سلطة أو صلاحيات لهم أيضاً.
من هو رئيس العراق الجديد؟
يعدُّ برهم صالح (من مواليد السليمانية 1960 - 58 عاماً)، من أبرز الشخصيات السياسية الكردية، ضمن معسكر السليمانية، وشغل مناصب عدة داخل "الاتحاد الوطني الكردستاني"، أبرزها كان مساعداً لزعيمه السابق جلال الطالباني، كما تولى مناصب عدة في الحكومة العراقية بعد الاحتلال الأميركي.
ويحمل صالح شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة كارديف الإنكليزية، وشهادة الدكتوراه في الإحصاء والتطبيقات الهندسية في الكمبيوتر من جامعة ليفربول. عمل مستشاراً هندسياً في المملكة المتحدة. متزوج ولديه طفلان.
انضم صالح إلى صفوف "الاتحاد الوطني الكردستاني" في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، حيث تدرّج إلى أن أصبح عضواً في تنظيمات أوروبا للحزب، ثم مسؤولاً في مكتب العلاقات الخارجية في "الاتحاد" في لندن.
ترأس صالح حكومة إقليم كردستان بين عامي 2001 و2004، وعمل وزيراً للتخطيط في الحكومة العراقية الانتقالية عام 2005، ثم نائباً لرئيس الوزراء خلال حكومة نوري المالكي الأولى.
أسّس صالح الجامعة الأميركية في السليمانية، وشغل منصب رئيس مجلس أمناء الجامعة، وله نشاطات ثقافية إلى جانب نشاطه السياسي، وله بصمات واضحة في إقناع جامعات أوروبية بتقديم منح للطلاب الأكراد للدراسة فيها.
ويعتبر الرجل أول سياسي كردي يقدم دعوات علنية لباحثين إسرائيليين ضمن مؤتمرات أقيمت في الجامعة الأميركية بالسليمانية.
رشّح نفسه لمنصب رئاسة الجمهورية عام 2014، إلى جانب الرئيس الحالي فؤاد معصوم، لكنه لم يحصل على تأييد القوى الكردية في الإقليم.
انشق عن حزب "الاتحاد" عام 2016، بعد خلافات حادة نشبت مع جناح كوسرت رسول، عقب مرض جلال الطالباني وسفره الطويل إلى ألمانيا، وأسس حزب "تحالف من أجل الديمقراطية" الذي فاز أخيراً بمقعدين داخل البرلمان العراقي.
يصفه مقربون بمتقلب المزاج وسريع التغيير في المواقف التي يتبناها، وهو ما تأكد بعد عودته إلى حزب "الاتحاد" الذي ترشح عبره لرئاسة الجمهورية، ما جعل أعضاء حزبه (تحالف من أجل الديمقراطية)، وهم في الغالب المنشقون معه من "الاتحاد"، يحتارون فيما إذا كان عليهم أن يعودوا هم أيضاً إلى "الاتحاد" أو يبقوا في حزبهم الجديد.
وعن برهم صالح، يقول أحد أعضاء "الاتحاد الكردستاني"، إن لديه "نرجسية عالية، وهو ما جعله في صدام مستمر مع البارزانيين في أربيل، إذ أنه يجد في نفسه السياسي المتعلم مقابل الكردي القبلي المتعصب"، في إشارة إلى مسعود البارزاني.
وصدرت عن صالح مواقف وتصريحات عدة، فُهمت على أنها مغازلة لإيران، من أبرزها مهاجمته القوى والأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة لأنقرة، واعتبارها إرهابية، ومنح طهران الحق في ضربها، إضافة إلى رفضه تنظيم استفتاء كردستان، ومهاجمة مسعود البارزاني.
(العربي الجديد)