يبدو أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) باتت الشغل الشاغل للمسؤولين الإسرائيليين، إذ وضع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، إنهاء وجودها هدفًا، ما عبر عنه في أكثر من مناسبة، غير أن الخطوات التي يسعى رئيس بلدية الاحتلال في القدس، نير بركات، للقيام بها، قد تؤدي إلى وقف عمل الوكالة في القدس على اعتبارها "جهة أجنبية غير مرحب بها".
وكشف تقرير بثته شركة الأخبار الإسرائيلية (القناة الثانية سابقًا) الليلة الماضية، مخطط بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس، لسلب الوكالة جميع صلاحياتها وإنهاء عملها وإغلاق جميع مؤسساتها في المدينة المحتلة، بما في ذلك المدارس والعيادات ومراكز الخدمات المعنية بالأطفال، بالإضافة إلى سحب تعريف شعفاط كـ"مخيم للاجئين" ومصادرة جميع الأرض المقام عليها المخيم.
ويأتي ذلك في أعقاب وقف المساعدات المالية الأميركية المقدمة للوكالة الأممية التي يعمل فيها آلاف الفلسطينيين وتوفر خدمات صحية وتعليمية وتزود الغذاء لمعظم اللاجئين، وسط مساع أميركية إسرائيلية إلى تغيير تعريف اللاجئين الفلسطينيين، ليقتصر على الجيل الأول من اللاجئين الفلسطينيين الذين أخرجوا من بلداتهم الفلسطينية قسرًا عام 1948 دون الالتفات إلى الأجيال التالية التي أوصلت عدد اللاجئين إلى خمسة ملايين لاجئ في جميع أنحاء العالم.
يذكر أن بركات كان قد صرّح بداية أيلول/ سبتمبر الماضي، أنه سيدفع إلى طرد "أونروا" من المدينة المحتلة، وعبّر عن ذلك مؤخرًا في المؤتمر الذي عقدته "شركة الأخبار" بالقول إن "إزالة الأونروا ستقلص التحريض والإرهاب، وستحّسن الخدمات للسكان، وستزيد من أسرلة شرقي المدينة، وستساهم في السيادة الإسرائيلية ووحدة القدس"، مدعيًا أن "أونروا هي كيان أجنبي وغير ضروري فشل فشلًا ذريعًا، وأنا أعتزم إبعاده من القدس، كل جانب من أونروا يعاني من خلل وظيفي وفشل إداري".
وأشارت القناة الإسرائيلية إلى أن المحرك الرئيس للمخطط طويل الأمد الذي أطلقت عليه بلدية الاحتلال في القدس اسم "خطة العمل من أجل القضاء على مشكلة اللاجئين في المدينة"، يكمن في البيت الأبيض، إذ أنّ الخطوات التي اتخذها الرئيس الأميركي مؤخرًا بحق المدينة المحتلة الموجهة بصورة مباشرة ضد الفلسطينيين، شجّعت رئيس البلدية، بركات، الذي ينهي عمله قريبًا ولا يعتزم الترشح لفرة رئاسية ثانية، إلى المضي قدمًا في مواجهة الوكالة الدولية.
وتسعى البلدية لنقل الخدمات والمؤسسات التي تقدمها "أونروا"، للاجئين الفلسطينيين إلى يد ما وصفته القناة بـ"السيادة" وبالتالي إلى سلطة بلدية الاحتلال بالقدس، على اعتبار أن "نهج أونروا تجاه السكان كلاجئين يمنع نموهم ولم يعد ذا صلة، يجب وقف التعامل معهم كلاجئين، والنظر إليهم كسكان والعمل على إعادة تأهيلهم".
وسيتم عرض الخطة التي تمت صياغتها بالتنسيق مع الإدارة الأميركية، خلال الفترة القريبة المقبلة على الحكومة؛ التي من المتوقع أن تصادق عليها بشكل تلقائي، إذ ستصدر وزارة التعليم ووزارة الصحة أوامر فورية بإغلاق جميع المؤسسات التابعة لـ"أونروا"، في حين سيتم العمل على استيعاب الطلاب والمرضى في إطار المؤسسات التابعة لبلدية الاحتلال في القدس.
وعلى المدى البعيد، ستتم مصادرة جميع مباني "أونروا" في القدس، وتحويلها إلى مبان تابعة للبلدية، في حين سيتم إلغاء التعريف الرسمي لمخيم شعفاط كمخيم للاجئين وستعمل سلطات الاحتلال الإسرائيلية على مصادرة الأراضي المقام عليها لصالح "دولة" الاحتلال.
ومن المتوقع أن تؤثر إجراءات الاحتلال بشكل مباشر وأساسي على 1200 طالب في مدرستين للبنات وأخرى للبنين في شعفاط، وعلى 150 طالبًا وطالبة في مدرسة الوكالة الابتدائية في وادي الجوز، بالإضافة إلى مدرسة الوكالة الابتدائية للبنات في سلوان التي تضم حوالي 100 طالبة، ومدرستي الوكالة الابتدائية والثانوية للبنات في صور باهر التي تضمان نحو 350 طالبة.
ووفقًا لخطة بلدية الاحتلال، لن تسلم مراكز الخدمات الاجتماعية التابعة للوكالة، بما في ذلك المراكز الطبية ومراكز خدمات الرفاه الاجتماعي وجميع البنى التحتية التابعة لها من مخطط الاحتلال، حيث سيتم وقفها وإغلاقها ومصادرتها تباعًا، بما في ذلك المركز الطبي في مخيم شعفاط، الذي يقدم خدمات لعشرات النساء والأطفال وخدمات للصحة النفسية والعناية بالأسنان، بالإضافة إلى عشرات المراكز الرياضية، ومركز خدمات للمرأة.
عرب 48