براءة الأطفال تغيب وسط زحام التكنولوجيا

الرسالة نت - سمر عليوة

اهتم الإسلام بالأطفال ورغب في إنجابهم وأسس لهم أحكاماً تنظم حياتهم وتوفر لهم الأمن والرعاية والحماية والحياة الكريمة مع أسرهم ، لأنهم مستقبل البشرية ومصدر قوتها الحقيقية وعزتها، لكن ما يحدث في العالم يتناقض مع تعاليم ديننا الحنيف، حيث أن الكثير من الأطفال يتعرضون للانتهاكات الجسيمة نتيجة التفكك الأسري في أغلب تلك المجتمعات وانتشار ظاهرة الصراعات المسلحة والحروب والاحتلال إضافة إلى التقدم التكنولوجي الذي فتح المجال إلى افتقاد البراءة عند الأطفال.

غياب البراءة

"الرسالة نت" التقت والدة الطفلة ريما الأغا "7سنوات" لتسألها كيف ترى الفرق بين جيل اليوم والأمس  فأجابت بأن أبناء اليوم يختلفوا تماماً عن جيل الماضي، قائلةً : ريما ابنتي الوحيدة ولا اشعر بأنها طفلة ، فمنذ صغرها وتصرفاتها اكبر من سنها، فهي تحب مشاركتي الحديث عن مواضيع تخص الكبار، ولا ترغب بمجالسة من هن في سنها بحجة أنهن صغار فصديقاتها يكبرونها سناً .

و أضافت : ريما كانت شقية جداً منذ صغرها، وعلامات البنت الذكية  ظهرت عليها، لذا لم يشعر أقربائي وصديقاتي بصغرها فكانوا يتحدثون إليها كالكبار، وكانت تبادلهم الحديث بأكثر مما يتوقعون.

رصدت "الرسالة نت" مشهداً فكاهياً دار بين الحجة أم سليم الزعيم و حفيدها عمر الذي يبلغ من العمر 3 سنوات ، فقال لجدته : لماذا يا جدتى لا تعرفين استخدام الكمبيوتر ، ثم ضحك وتابع: "أنتو  دقة قديمة ما بتعرفوا بالتكنولوجيا"، فاجابته جدته بالقول: كلامك صحيح فنحن من أصبحنا نتعلم منكم. 

الحجة الزعيم تحدثت عن استغرابها من  تصرفات أحفادها ولا تشعر بأنهم صغار بل كبار فهم يعرفون الكبيرة والصغيرة، قائلة:  علامات الطفولة لا تبدو ظاهرة على أبناء اليوم كما كانت قديماً ، متمنية أن يرجع زمن الماضي لتشعر ببراءة ونعومة الأطفال .

في حين، أشارت أم أحمد مرتجى إلى أن طفلها غيث "5أعوام" لم يكن كباقي أخواته الكبار في صغرهم ، فهو يريد  الاستفسار عن كل شي.

وأوضحت أن طفلها لديه وعى كبير رغم صغره ، مؤكدة أن طفل اليوم لم يعد يحب مشاهدة أفلام الكرتون والرسوم المتحركة فحسب، بل يصر على متابعة الأفلام والمسلسلات الدرامية ، قائلة: طفلي غيث يرفض تسجيله في رياض الأطفال، ويصر على الذهاب للجامعة مباشرة.

سلبيات التكنولوجيا

وحول أسباب غياب البراءة عن غالبية الجيل الحالي، قال دكتور جميل الطهراوي مدير قسم الإرشاد بالجامعة الإسلامية بغزة: إن السبب الرئيسي للوعي الزائد عند الأطفال  يرجع للتكنولوجيا المتطورة التي أثرت سلباً على مراحل الأطفال العمرية،  لأنها مدتهم بمعلومات تخفي عن الكبار ولا تناسب سنهم العمري.

وأضاف الطهراوي:  التكنولوجيا أفقدت الأطفال ملامح البراءة والهدوء والعقل الصغير، لافتاً إلى الإنسان يمر بمراحل متعددة، وكل مرحلة تتميز عن الأخرى، فعلى سبيل المثال مرحلة الطفولة تميزها البراءة والشباب الوعي والبناء والشيخوخة التقوى والورع.

ووافقه د.أسامة المزينى أستاذ علم النفس في الجامعة، فأشار إلى أن التكنولوجيا تلعب دوراً كبيراً في إنضاج الطفل، لأن التوعية الذهنية والنضوج المبكر لهما دور جميل في وصوله إلى مرحلة الرجولة والدخول لميادين الحياة قبل الأوان ليكون لديه الشخصية السليمة .

ويرجع المزيني سبب هذه الظاهرة إلى العدوان الإسرائيلي الذي حرم الأطفال من الاستمتاع بطفولتهم،  بل أشعرهم بالقهر منذ نعومة أظافرهم وجعلهم يتحملون المسؤولية قبل أوانه من خلال استشهاد أحد والديه، مما يضطره للخروج إلى ميدان العمل مبكراً لتحصيل قوت عائلته، إضافة إلى أن الوضع الاقتصادي الصعب قد يجعل الطفل بسبب الحصار إلى الخروج للعمل لمساعدة والده لتحسين وضع الأسرة .

فيما وجه الطهراوى أصبع الاتهام إلى غياب الوازع الديني والتربوي عند الآباء سبباً لهذا السلوك السلبي عند الأطفال، مطالباً بضرورة نشر الوعي الديني عند الأطفال ووضع الرقابة عليهم  بالشكل المناسب.

في حين طالب المزيني ذوي الأطفال بعدم إهمال أسئلة أطفالهم والإجابة عليهم بشكل مناسب، مستدركا: إذا اقترب الطفل من مرحلة المراهقة على الوالدين توعيه بخطورة هذه المرحلة حتى لا يفاجئ بما سيحدث ويكون ذلك بنوع من الجرأة في الحديث معه.

كما نوه إلى ضرورة توعية الطفل حول المسائل الغير مرغوب فى استخدامها، لافتاً إلى أن تحمل الطفل لأشياء أكثر من سنه يولد لديه العصبية وسوء الخُلق والكذب والسرقة .

وشدد على ضرورة توجيه  الأطفال من خلال تحديد المواقع التي يسمح لهم بزيارتها على الإنترنت ووضع الوسيلة التكنولوجية أمام نظر الجميع وليس في مكان منعزل, إلى جانب تحديد أوقات الجلوس على الكمبيوتر.

البث المباشر