في جمعة "الثبات والصمود" أرسل زياد النخالة الأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي كلمة مسجلة للثائرين في مخيم العودة شرقي مدينة غزة، حيث يتوحد الجميع هناك فطرح في أول خطاب سياسي شامل له، مبادرة جديدة للمصالحة ترتبط بسابقتها ذات النقاط العشرة التي دعا إليها رمضان شلح الأمين السابق للجهاد، وكانت للنهوض بالمشروع الوطني.
المبادرة الأخيرة التي جاءت كانت بسبب التعقيدات المحيطة بملف المصالحة، ولاقت استحسانا من بعض الفصائل الفلسطينية، كونها تحتوي على نقاط لرأب الصدع الفلسطيني ومواجهة الاحتلال الاسرائيلي، واعتبرت جسر عبور للمصالحة.
وقد تشكلت من خمسة نقاط أساسية: اعتبار المصالحة أولوية وطنية في صراعنا مع العدو وهي مفتاحٌ لتجاوز الخلافات والصراعات داخل المجتمع الفلسطيني، وكذلك استرداد المصالحة الوطنية لصالح الكل الفلسطيني، فجميع الشعب الفلسطيني ضحية لهذا الخلاف.
كما دعا النخالة في مبادرته إلى لقاء اللجنة التحضيرية التي اجتمعت في بيروت بتاريخ (10 كانون الثاني 2017) ومثلت الكل الفلسطيني إلى لقاء في القاهرة والشروع في معالجة كل الخلافات والتباينات والبناء على القرارات التي اتخذت في حينه.
كما أكد في نقطة أخرى بأن التهدئة لن تثني قوى المقاومة عن حماية الشعب ولن يذهبوا بها إلى اتفاقيات سياسية مع العدو، وانما ما تسعى اليه الفصائل في مباحثاتهم مع المصريين إنهاء الحصار عن الشعب وذلك خيار من موقع المسؤولية الوطنية وليس من موقع الضعف الميداني.
والنقطة الاخيرة التي شملتها مبادرة النخالة كانت أن يلتزم الجميع بتطوير سبل المقاومة بكافة أشكالها وبحسب ما هو ممكن في الضفة والقدس من أجل مواجهة ما يُسمونه صفقة القرن والتي هي لتصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية.
خطوة مهمة
وقد رحبت حركة حماس بمبادرة النخالة حيث أكد عضو المكتب السياسي للحركة خليل الحية، ان المبادرة مهمة جداً وتكمل سابقتها.
وقال الحية في تصريح مقتضب خلال مشاركته في مسيرة العودة وكسر الحصار: "نتمنى من كل الفصائل أن تضع مبادرة النخالة نصب أعينها وهي خطوة مهمة".
في حين ذكر طلال أبو ظريفة عضو المكتب السياسي في الجبهة الديمقراطية، أن مبادرة النخالة تعبر عن عمق في التفكير في القضايا التي تشكل اولويات نضال شعبنا، والسير على خطى الامناء العامون الذين سبقوه، باعتبار المقاومة احد المرتكزات الهامة لانجاز تقرير المصير والدولة وعاصمتها القدس الشريف.
وأوضح أبو ظريفة بأنه في مضامين النقاط التي تضمنتها المبادرة، هناك من يختلف او يتباين معها، بغض النظر عما يمكن ان يضاف عليها، ولكن بالجوهر فإن الكل الفلسطيني يتقاطع معها.
بابا شرعيا
ويرى الكاتب والصحفي السياسي حسن عصفور أن البعض قد يرى مبادرة النخالة مكررة، ولكن الحقيقة الأساسية أنها دعوة تختلف كليا عما سبق، بحيث أنه اعتبر بداية المصالحة الوطنية أولوية وطنية ضد العدو، لكن بابها يبدأ من المحراب الوطني؛ منظمة التحرير، وليس من "غرفة السلطة المحدودة".
ويقول عصفور في مقال له:" المصالحة الوطنية الحقيقية لن تتم أبدا دون أن تبدأ من الجسد، وإعادة تصويب مسار الحركة الوطنية من خلال الممثل الشرعي الوحيد، خاصة وأن قواعد "الإصلاح السياسي" وجدت لها اساسا واضحا في مخرجات اللجنة التحضرية في بيروت يناير 2017".
وشدد على الذهاب إلى خيار مختلف قليلا ومنح الفرصة لتدارك ما كان، والتركيز الفعلي على تطوير المنظمة نحو استكمال حركة التمثيل بمشاركة حماس والجهاد، معتبرا أن نداء النخالة قد يكون "بابا شرعيا" لوقف حركة "الباب الدوار" التي سارت عليها حركة التصالح منذ عام 2005.
وأكد عصفور أنه لن تحدث مصالحة مستمرة دون أن تكون في منظمة التحرير تسوية حقيقية للمشاركة في القرار العام، وحماس والجهاد ليست قوى "صفر حافظ منزله".
وفي ذات السياق، يتفق تيسير محيسن المحلل السياسي مع سابقه في الرأي إذ يقول:" ما ورد من بنود في الاتفاقية جيد، كونها لامست القضايا التي هي محل خلاف"، لافتا إلى ضرورة التركيز على الكليات وليس الجزئيات للوصول إلى حل المصالحة.
وأضاف محيسن "للرسالة": تتضمن المبادرة عقد الاطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية وهذا ينحت في الكليات" متسائلا: هل ستوافق السلطة على عقد الاطار القيادي الذي يؤسس لإشراك الكل الفلسطيني في منظمة التحرير وفق توافق معين بحيث تخضع كل مخرجات المنظمة ومن ضمنها اتفاقية اوسلو للتقييم؟ وان اصبحت هناك اغلبية لإسقاطها هل سنواجه اشكالية جديدة؟
وذكر محيسن أنه أمام الأزمات المتلاحقة، أقرت الفصائل لاسيما حماس والجهاد أن مرجعية استرداد السلاح لا يمكن التوافق عليه إلا إذا أصبحت المرجعية العليا للشعب هي المنظمة ممثل فيها الكل الفلسطيني، مشيرا إلى أن قرار السلاح والسلم والحرب لن يكون الا بإنهاء الانقسام والتوافق على الكثير من البنود.
ووفق قول محيسن فإن المبادرة التي طرحها النخالة اتت مستندة إلى الازمات التي تواجه الحالة الفلسطينية والتي هي محل تقدير لكنها بمجملها لن تترجم عمليا، لافتراق الرؤية الاستراتيجية الحاصلة والتي هي سبب اساسي لينبثق منها كل الخلافات الفلسطينية الحاصلة في الوقت الراهن.
وحول العائق الذي يمنع حركة فتح من الموافقة على المبادرة كونها تعتبر المنظمة والمجلس الوطني حكرا عليها، يرى محيسن أن هناك قناعة لدى البعض وهي الرؤية التي تتبناها فتح يجب أن تسود بعيدا عن اراء الاخرين، موضحا أنه لابد أن يدرك الجميع وخاصة فتح أن التحكم في المؤسسات الفلسطينية من قبل طرف واحد غير مقبول، ولابد من الشراكة السياسية.