خفيف الظل، كثير الحركة، يحب اللعب والمزاح، أصغر أشقائه والطفل المُدلل لوالدته، تلك هي بعض أوصاف الشهيد الطفل أحمد أبو حبل ذو الخمسة عشر ربيعا والذي ارتقى يوم الأربعاء الماضي خلال مشاركته في مسيرة العودة على حاجز معبر "ايرز" بيت حانون.
أحمد الذي اعتاد على اللعب مع أبناء أشقائه الصغار كل يوم "هو بمثابة كبير أطفال عائلته" لم يعلم أن قنبلة الغاز المسيل للدموع والتي أصيب بها من قبل في "ظهره" أثناء مشاركته في مسيرة العودة؛ ستكون سببا في سلب طفولته وحرمانه الحياة بعد ان اخترقت رأسه وارتقى شهيدا بسببها على الفور.
الفتى أبو حبل الذي كان يحلُم بأن يصبح من كبار صانعي "الألمونيوم" عقب التحاقه بكلية الصناعة والحرف بعد انتهائه من دراسته الإعدادية هذا العام، سرعان ما خطفت قنابل الاحتلال الغادرة روحه وحلمه؛ لتُسّجل جريمة جديدة في سجلات انتهاك الطفولة وقتل البراءة.
بين جدران المنزل الصغير اختلطت أصوات الوجع بزغاريد الوداع من الأم التي استقبلت خبر استشهاد طفلها بالصلاة ركعتان لله داعية أن يربط على قلبها بعد رحيل مُدللها الذي جاءها بعد سبعة أشقاء وثلاث شقيقات وبقي ملازما لقلبها.
واعتاد أحمد البقاء بجانب والدته لخدمتها رغم صغر سنه، خاصة وأن جميع أشقائه متزوجين وهو الوحيد الذي احتل أعلى مراتب الحب في قلبها، الذي بقي يعتصر ألما على فراق من سكنه.
تقول شقيقته كفاح لـلرسالة "أحمد كنا نلقبه بـ"الفطفوط" حافظ على ملازمة جميع فعاليات مسيرة العودة في مختلف مناطق القطاع، حتى أنه لم يتغيب عن فعاليات "الإرباك الليلي" إيمانا بعدالة قضيته وشغفا بعودته لأرضه المحتلة".
وفي الحديث عن مناقبه فإن أبرز ما تستذكره شقيقته حرصه على المشاركة بالمسيرات، وفي إحدى الأيام غط في نوم عميق وأوصاها بإيقاظه للمشاركة في المسير البحري على شاطئ عسقلان المحتلة "زيكيم" وقد فزع من نومه غاضبا لأنها لم توقظه وذهب مسرعا للمشاركة بعدما مغادرة الباصات للمكان.
بعفوية وأثناء جلسة سمر الطفل مع عائلته التي كانت تودع شقيقته للسفر إلى زوجها في دولة الإمارات العربية، فاجئهم أحمد بالطلب من أخته البقاء لمدة أسبوع من أجل حضور استشهاده وبمزاح قالت له شقيقته "لا مش حستناك" والمفارقة أنه ارتقى بعد سفرها بأسبوع، تاركا هذا الموقف محفورا في ذاكرتها وأسرته.
استعجل الطفل المشاركة يوم الأربعاء في المسيرة التي انطلقت على حاجز معبر بيت حانون حتى أنه كان ينتظر موعد الانطلاق قبل صلاة العصر بساعة في المسجد ومع مرور الوقت كان يسأل من حوله عن موعد آذان الصلاة مستعجلا قدره.
لم ينجح أحمد في اقناع والدته بالمشاركة في المسيرة بعد الحاح طويل واكتفى بالذهاب مع خالته التي كانت في زيارة لهم في ذلك الوقت واستجابت له، فقد آثر الضحكات على الحديث معها طوال الطريق، حتى وصل الحاجز وانخرط بين المشاركين لتباغته قنابل الاحتلال فترتقى روحه إلى بارئها.