يصر سكان الضفة الغربية والقدس على إثبات وجودهم المقاوم للمحتل ما بين فترة وأخرى سواء بمبادرات فردية أو فصائلية، برغم الحضور المباشر للأجهزة الأمنية الإسرائيلية والتنسيق عالي المستوى مع أجهزة أمن السلطة.
ورغم تذبذب قوة العمليات ينجح المقاومون في الضفة المحتلة، بتذكير العدو من حين إلى آخر، بأن الشعب الفلسطيني لن يُسلِّم بالواقع القائم أياً كانت الضغوط المحلية والإقليمية.
ويرى مراقبون أن العمليات في الضفة والقدس تنذر بإمكانية إسقاط المعادلة التي يحاول العدو فرضها، في حال توافُر الإرادة والقدرة والاحتضان الشعبي اللازم.
وكان رئيس أركان جيش الاحتلال "غادي ايزنكوت" قد قرر الدفع بكتيبتين اضافيتين من قوات الاحتلال الى الضفة الغربية ورفع حالة التأهب القصوى بعد فشل اجهزة الجيش والشرطة والمخابرات ووحدة المستعربين من اعتقال منفذ عملية بركان المطارد أشرف نعالوة، والتي ادت لمقتل مستوطنين واصابة ثالث بجراح خطيرة.
الكاتب والمحلل في الشأن الإسرائيلي الدكتور عدنان أبو عامر قال إن عملية سلفيت وقعت رغم "اتساع مؤشّر الخوف" في الضفة، وقيام دوريات عسكرية بمهام ميدانية غير اعتيادية، واعتمادها أسلوب التمويه وجمع المعلومات بوجود أنماط جديدة وشديدة من التيقّظ والحمايات الأمنية والحراسات، للحيلولة دون أن يتمكّن أحد من تنفيذ أي عمليات.
ويبين في مقال له أنه وفق الكثير من السيناريوهات، وبعيدًا عن الظروف الموضوعية والذاتية التي تمر بها المقاومة في الضفة، فإنها قد تتخذ أشكالا عدة: بين مهاجمة دوريات العدو وقطعان مستوطنيه، وعمليات اقتحام المستوطنات، وإن أصبحت أكثر صعوبة، والعمليات داخل العمق الإسرائيلي.
وتؤكد هذه العمليات بحسب محللين حجم الإصرار الذي يتمتع به سكان الضفة في مواصلة نهج المقاومة، معتبرين أن الظرف الإقليمي والدولي المحبط لم يمنع من توجيه رسائل مدوية للعدو.
ولأن العنف لا يولد إلا عنفا فإن ممارسات الاحتلال على الأرض والتي يتوعد بها الفلسطينيين لن تفلح في وقف العمليات بل ستشعل لهيبها من جديد، خاصة في حال حاول الثائرون في الضفة تقليد الشهداء والسير على دربهم في الثأر للمسجد الأقصى الذي يدنس يوميا على يد المستوطنين.
وفي دلالة على استمرار زخم العمل المقاومة زعم جهاز الأمن العام الإسرائيلي، أنه أحبط مؤخرا محاولات تديرها حركة حماس في قطاع غزة، لتنفيذ عمليات في الضفة الغربية المحتلة.
وقال مصدر أمني إسرائيلي مؤخرا، إن "الهدوء الذي نتمتع به في الضفة الغربية لن يدوم طويلًا"، عقب إعلان جهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك) عن كشفه لـ"شبكة تابعة لحركة حماس في مدينة الخليل".
ونقلت القناة الإسرائيلية الثانية عن المصدر قوله إن "أجهزة الأمن تحبط عمليات يوميًا، ومن الممكن ألا يصمد الهدوء، الذي تتمتع به (إسرائيل) حاليًا، فترة طويلة". على حد تعبيره.
ووفقاً للقناة، فإنه "ورغم العمل اليومي لجيش الاحتلال والشاباك في إحباط عمليات واعتقال مشتبه بهم، فإن الشبكة التي كشف عنها كانت استثنائية في أهدافها وعناصرها".
كما دأبت الأوساط الإسرائيلية في الآونة الأخيرة على التحذير من اندلاع توترات أمنية قريبة بالضفة الغربية، بالتزامن مع إكثار مزاعمها حول الكشف عن خلايا مسلحة وكميات من الأسلحة المختلفة في مناطق من الضفة.
محلل الشؤون العسكرية اللواء يوسف الشرقاوي قال إن سكان الضفة واقعون بين سندان الاحتلال ومطرقة السلطة، وهم يتعرضون لاستفزاز يومي، موضحا أن ذلك يدفعهم للمقاومة لإعادة الوجه الحقيقي للقضية الفلسطينية.
ولفت إلى أن عدم إدارة السلطة وجهها للشعب واستفزازه بالتنسيق الأمني مع الاحتلال والذي يظهرنا كخدم وعملاء له تدفع باتجاه تصعيد المقاومة، مؤكدا أن السلطة والاحتلال لن يستطيعا الوقوف في وجهها.
وتوقع الشرقاوي أن تزيد وتيرة العمليات في الضفة، خاصة بعد استحداث الشباب لأساليب جديدة للمقاومة وفي ظل واقع مرير يعانونه في الضفة الغربية.