خلافا للتوقعات، تصاعدت الاحتجاجات الشعبية على طول الخط الفاصل شرقي قطاع غزة بعد يومين من بدء ضخ الوقود القطري برقابة واشراف مكتب مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف.
تقديرات الاحتلال كانت تشير ان هناك اتفاقا غير معلن يقضي بضخ الوقود القطري وإدخال أموال لدفع رواتب موظفي غزة كاملة لعدة أشهر مقابل وقف البالونات الحارقة وتخفيف مسيرات العودة.
الأحداث التي وصفت من الجانب "الإسرائيلي" بـ "الجنونية" راح ضحيتها سبعة شهداء وقرابة 150 إصابة، حيث أعلن وزير الحرب ليبرمان في أعقابها وقف ادخال الوقود القطري لغزة.
ويبدو ان المستوى السياسي في غزة تعلم الدرس من مباحثات التهدئة السابقة حينما تم وقف البالونات الحارقة وتخفيف الاحتكاك على الحدود في مسيرات أيام الجمعة لكن مباحثات التهدئة فشلت.
وقد تصاعدت المسيرات على الحدود في رسالة واضحة أنه لن يتم وقف المسيرات الا برفع الحصار كاملا وتحقيق هدفها الذي يتلاءم مع التضحيات الكبيرة التي قدمها أهالي القطاع المحاصر.
الكاتب والمحلل السياسي عدنان أبو عامر رأى أنه في ضوء قرار ليبرمان منع إدخال الوقود إلى غزة، يبدو أن الاشتراطات الإسرائيلية من الفلسطينيين على حالها، والخبرة الطويلة مع الاحتلال تجعل غزة حذرة من تصديق أي رواية ووعد وتبادل رسائل.
وأضاف في منشور على فيس بوك "ما زال أمامنا المزيد من الوقت لرؤية حلحلة في الموقف الإسرائيلي من رفع حصار غزة، ليس الأمر بمعجزة، لكنه ليس سهلا بالصورة التي يتوقعها، أو يتمناها البعض، مع بقاء الاعتبارات ذاتها التي أعاقت إنجاز أي تسوية حتى الآن".
تصاعد الاحداث وردة الفعل الإسرائيلية لا تنفي وجود تفاهمات أو مباحثات جارية ظهرت أولى ارهاصاتها في المساعدات القطرية، وربما يكون التصعيد أحد عوامل الضغط على الطرف "الإسرائيلي" للاستجابة للشروط الفلسطينية.
وكان مصدر مطلع مستقل في غزة أكد ان تقدما تم احرازه نحو "اتفاق رئيسي يستثني السلطة".
وأضاف المصدر بحسب ما نقلته الصحافة العبرية: ان رفض السلطة الفلسطينية الجهود المصرية للمصالحة، دفع حماس للضغط باتجاه التقدم نحو ترتيب واسع النطاق دون مشاركة السلطة، منوهاً أنه في الاجتماع الذي عقد مؤخرا في القاهرة، هددت حماس بإخلاء مواقعها على طول الحدود وترك الاحتجاجات "بالانفجار نحو الفوضى" في حال لم يكن هناك تطورات من شأنها تخفيف الضغط على الحركة.
وفي تطور لافت حول تهميش عباس، ذكرت وسائل اعلام مصرية ان عباس كامل وزير المخابرات المصرية سينقل لرئيس السلطة انه في حال لم ينضم الى جهود المصالحة، فان القاهرة ستتعامل مع حماس باعتبارها السلطة الوحيدة المسؤولة عن القطاع، وفي ضربة أخرى للسلطة قال المصدر ان مصر، والامارات، والسعودية تدفع بخطة منفصلة لتنصيب محمد دحلان كرئيس لهيئة إدارية تدير غزة، ومن اجل التوصل الى اتفاق مع (إسرائيل) نيابة عن الفلسطينيين.
وفي هذا الإطار يمكن فهم السياسة التي تتبعها (إسرائيل) مع التطورات الجارية في غزة فهي تزيد الضغط على القطاع من جهة رداً على تصاعد المسيرات، لكنها في ذات الوقت لا ترغب بانفجار الأوضاع فتسارع إلى السماح بإدخال المساعدات التي جرى التوافق عليها، ومن المتوقع أن تستمر السياسة الإسرائيلية بذات السياق إلى حين التوصل إلى صفقة شاملة تضمن التهدئة مقابل رفع الحصار.
وتدرك (إسرائيل) أن حماس ترغب باتفاق شامل ينهي الحصار ويضمن فتح المعابر والسماح بضخ الأموال والمساعدات لغزة مقابل وقف المسيرات والبالونات، وقد تعلمت الدرس الذي يفيد بأن (إسرائيل) لا تعطي ولا تستجيب في حالات الهدوء وانما تحت الضغط الشديد.
تسفيكا يحزكيلي محلل الشؤون العربية في القناة العاشرة قال في حوار مع صحيفة معاريف أن "حماس نجحت في إيذاء (إسرائيل) التي تحتاج الهدوء في غزة، مما جعلها تتجاوز أبو مازن في إدخال الوقود لغزة، لأنه لم يكن أمامها خيارات، فهي تعلم أن نشوب أي أزمة إنسانية في غزة من شأنه أن ينفجر في وجهها".
وأشار إلى أن "رغبة (إسرائيل) بحل أزمة غزة الإنسانية سيكون على أنقاض تهاوي ردعها، لكنها تجد نفسها أمام خيارين: إما أن تنجح في إخضاع حماس، أو تضطر لإبرام صفقة معها".