سطع اسمه أثناء احداث عام 2007م، بعدما قتل ثلاثة من اطفاله في حادثة لا يزال الغموض يكتنفها حتى اللحظة رغم اثارة عديد الروايات حولها، وبقي صاحبها فقط يحتفظ بالسبب الحقيقي!.
منذ ذلك الوقت تردد السؤال الذي باتت اجابته تتكشف يوما بعد يوم، من بهاء؟ ولماذا قُتل اطفاله؟ ولماذا بقي صامتًا تجاه الفاجعة دون أن يشير بأصابع الاتهام للجهة المتورطة؟.
سعت فتح بكل ما تملك لاستغلال الحادثة آنذاك، رغم أن أحد مقربيه سئل: "هل حماس من تقف خلف الحادثة؟ كي نطردهم ولا نستقبلهم؟، فأجاب: كلا ليس هم"، والرواية هنا لأحد أقربائه المقربين.
بهاء بعلوشة بدأ حياته مطاردا للاحتلال في غزة قبل أن ينتقل الى الخارج في سنوات الانتفاضة الاولى، حتى عاد مع السلطة، وأصبح أحد أبرز مسؤولي الأمن والمخابرات، ومديره العام في غزة، وأحد ألدّ اعداء محمد دحلان، اثناء الصراعات المريرة التي شهدتها الاجهزة الامنية فترة تأسيس السلطة.
تدرج بعلوشة في جهاز المخابرات حتى اصبح مديره العام في قطاع غزة، قبل أن يصبح مساعدًا لوزير الجهاز ماجد فرج، ومسؤولا عن أعقد الملفات التي تخص الجهاز من بينها دائرة التواصل الخارجي، ثم مسؤولا عن الملفات الخارجية للجهاز، ومؤسسا لمنظومة الاعلام المضاد فيه، وليس انتهاءً بمسؤوليته عن شبكات التجسس على الاتصالات التي أشرف عليها وكشفت عنها صحف امريكية.
أجهزة التنصت على الاتصالات استهدفت قيادات فتحاوية من بينهم توفيق الطيراوي، وقيادات تابعة لتيار دحلان، اضافة للتجسس على قيادات فصائل المقاومة اساسا، وكشف عنها قبل عام تقريبًا.
الطيراوي هدد باللجوء الى القضاء آنذاك كما هددت قيادات "التيار الاصلاحي" في فتح بمقاضاة قيادة الجهاز، ثم قيل إن القضية انتهت إلى التأكيد على مسؤولية فرج حول الحادثة.
صاحب الملفات الحساسة
ركزّ بعلوشة مهامه في دائرة المعلومات الخارجية، ومسؤولا عن مهام اوكلت اليه بالتجسس خارج الاراضي الفلسطينية، ونشطت دائرته تحديدا في لبنان، كما تقول قيادات سابقة في جهاز المخابرات.
وأثار بعلوشة حفيظة مسؤوليه في الجهاز سابقا، عبر علاقاته المباشرة مع واشنطن والمخابرات الاسرائيلية، وأثارت انتباه الراحل ياسر عرفات، لاسيما في ضوء التقارير التي زود بها حول نشاط مشبوه لبعلوشة ودائرته في لبنان.
تقول المصادر إن بعلوشة عمل بقوة لاستهداف احزاب غير فلسطينية والتجسس كذلك الى جوار جهاز الامن الوقائي على نشاط فصائل المقاومة الفلسطينية، وكان من بين الفصائل التي تجسست عليها أجهزة امن السلطة بحسب اوراق حصلت عليها "الرسالة نت"، "حزب الله وحزب الدعوة".
كما نشط في ملاحقة الفعاليات والانشطة التي تناصر القضية الفلسطينية في الجزائر، وانشطة الطلبة الفلسطينيين هناك.
يقول فهمي شبانة المدير العام السابق لجهاز المخابرات، إن ملف التواصل مع الخارج، كان منوطا ببعلوشة، كما أنه نشط في قيادة الجهاز لاحقًا؛ ليتولى ملفات اخرى".
ورفضت قيادات لبنانية مقربة من المقاومة التعليق على دور اجهزة امن السلطة ضدها، واكتفت بالقول إن العديد من التقارير تفيد بتحركات مشبوهة عن هذه الاجهزة، غير أن تعقيدات المشهد في لبنان ووجود فتح في المخيمات حال دون تمدد هذه الانشطة وعمل على محاصرتها بالقدر المستطاع.
ونقلا عن مسؤول سابق في المخابرات بغزة، فقد طالب الراحل عرفات بمراقبة وتتبع تحركات بعلوشة، لاسيما في ضوء لقاءاته المتكررة مع المخابرات الامريكية ترافقا مع مرض مدير الجهاز آنذاك أمين الهندي وابو طارق رجب وغيرهما من القيادات التي تم استهدافها اثناء الصراعات الفتحاوية الداخلية على تزعم الاجهزة الامنية.
رحلة النهاية
انتقل بهاء وزوجته بعد مقتل اطفاله الثلاثة الى العيش بالضفة، واستمر في تقلد مهامه بجهاز المخابرات، ثم تولى مهمة تفعيل الجهاز في قطاع غزة الى جانب قيادات اخرى مسؤولة عن المخابرات في المحافظات الجنوبية برز من بينهم سامي نسمان وآخرون.
بدأ الجهاز بتجنيد الضباط السابقين وموظفي السلطة وابتزازهم برواتبهم، حتى هذه اللحظة، حيث يتم مساومتهم على استمرار رواتبهم بالتجسس على المقاومة، وكان للجهاز اداء خاص في رصد انشطة المقاومة وتشكيل بنك أهداف تسبب باستهداف عشرات المواقع واستشهاد مواطنين في جنوب قطاع غزة، وفقا لما رصدته الاجهزة الامنية.
"كنا نعطي معلومات لمسؤولينا في الاجهزة الامنية برام الله، ثم تقصف المواقع، لم نكن نعلم انها تصل الى المخابرات الاسرائيلية"، هكذا كان رد بعض المتورطين في تسليم المعلومات وفقا لما كشفته مصادر المقاومة.
لماذا تم اختيار بعلوشة تحديدا لمهمة مواجهة المقاومة وانشطتها والتجسس عليها؟، يجيب شبانة لـ"الرسالة نت": "الاسرائيلي يريد شخصية لا تقوم بمهامها فقط، بل ولديها الرغبة والدافعية وحب الانتقام، ولن يجدوا أفضل من بهاء الذي غرر به واقنعته قياداته ان المقاومة هي من تقف خلف مقتل اطفاله".
وأضاف شبانة: "عندما انتقل الى الضفة تعاطفنا معه، وكان أشبه بشخص مصدوم؛ ثم بدأت قيادات الجهاز مع تسلم فرج لرئاسته باستغلاله في توظيفه بمسؤولية المهام الحساسة التي تستهدف منظومة الفصائل في غزة".
ويشير الى أن الجهاز برمته بات مستحكما اليوم بعقلية انتقامية تقودها شخصيات غير مهنية، لكنها مرتبطة حتى النخاع بمخابرات خارجية.
في ضوء ذلك، كشف مصدر خاص بـ"الرسالة نت" أنّ بهاء بعلوشة رفض تشكيل لجنة للتحقيق بموضوع مقتل اطفاله، ثم أنّ هذا الملف برمته تم حرقه من قبل قيادة المخابرات، التي رفضت آنذاك ان تشكل لجنة من قبل وزير الداخلية الشهيد سعيد صيام، وتذرعت بأن الجهاز تابع للرئاسة وليس للحكومة.
تخريب المصالحة
ولم يكتف بعلوشة واركان الجهاز معه بأنشطة استهداف المقاومة فحسب، بل وصل الامر الى حد تخريب جهود التهدئة من خلال الوقوف خلف حادثة مسرحية محاولة اغتيال رامي الحمد الله.
وفق تقديرات المقاومة ومعلوماتها، فقد انكشف منذ اللحظة الاولى دور بعلوشة في التواصل مع المسؤولين عن الحادثة، ليس ذلك فحسب، بل ووقوف نفس الشبكة خلف محاولة اغتيال قائد قوى الأمن في القطاع اللواء توفيق ابو نعيم.
كما تورطت ذات الشبكة التي اشرف على تشكيلها بعلوشة خلف محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة يحيى السنوار، الذي اعلن عن هذه المحاولة في لقاء صحفي، حيث تشير المعلومات الى ان ذات المجموعات التي جرى اعتقالها والمسؤولة عن هذه الحوادث كانت متورطة في تلك الحادثة.
وأكدّت وزارة الداخلية في غزة انها ارسلت معلومات كاملة ومفصلة لرئيس السلطة ولرامي الحمد الله وحتى للمخابرات المصرية حول تورط هذه الشخصيات في الحادثة.
وكان من بين النتائج الصادمة التي اثبتتها التحقيقات، معرفة موعد وصول الوفد لقطاع غزة قبل ابلاغ الجهات ذات العلاقة في غزة بأيام؛ وبناء عليه بدأت المجموعة بالإعداد لهذه المسرحية.
ومع وصول ماجد فرج الى قطاع غزة ترجل من مركبته الى مركبة رئيس وزراء فتح رامي الحمد الله.
يشار الى ان وزير الحكم المحلي حسين الاعرج المسؤول عن البلديات لم يرافق الحمد الله الذي قدم لغزة بغرض افتتاح محطة لتكرار المياه العادمة.
تبقى الاشارة الى ما ذكرته المنظمة العربية لحقوق الانسان حول تورط المخابرات في التجسس على نشطاء وتسليم معلومات عنهم للاحتلال، والاستعانة بمحققين اسرائيليين للتحقيق مع النشطاء والكوادر السياسية المعتقلة في سجون السلطة بالضفة.