وأزمة الثقة بينها والمواطنين

مكتوب: قانون الضمان يعكس غطرسة السلطة

ارشيفية
ارشيفية

الرسالة نت - شيماء مرزوق

مازالت حالة الغضب تسيطر على مدن الضفة الغربية وتعج بالاحتجاجات الشعبية التي أثارها قانون الضمان الاجتماعي الذي تصر الحكومة على اقراره وفرضه بالقوة على المواطنين رغم حالة الرفض له، وبغض النظر عن بنود الاتفاق التي رأى فيها الكثيرين انها مجحفة وفيها ظلم كبير على العاملين، إلا أن النقطة الأساسية هي انعدام الثقة في السلطة الفلسطينية ومؤسساتها وهيئاتها وقوانينها.

وقد نظم نشطاء فلسطينيون الإثنين الماضي اعتصاما وسط مدينة رام الله بالضفة الغربية احتجاجا على قانون الضمان الاجتماعي الذي أقرته الحكومة الفلسطينية، والمقرر تطبيقه مطلع الشهر المقبل.

ويطالب الحراك الرافض لهذا القانون الحكومة بتأجيل العمل به وفتح حوار جديد مع مؤسسات المجتمع المدني والنقابات العمالية وأرباب العمل.

وبرغم أن الضمان الاجتماعي يعتبر أحد اشكال وأعمدة العدالة الاجتماعية في الدولة المتقدمة إلا أنه يشكل في الحالة الفلسطينيية أحد أشكال تغول السلطات التنفيذية على القانون وأموال العاملين.

الدكتور أكرم العجلة استشاري التنمية الاقتصادية قال إن رفض الشارع الفلسطينيين للقانون يعود بالدرجة الأولى لفقدان الثقة.

وأكد أنه عندما تم تأسيس السلطة الفلسطينية في غزة، استلمت السلطة من الاحتلال مدخرات الموظفين المحليين الذين أمضوا حياتهم في الوظيفة العمومية منذ الإدارة المصرية حيث كانت نسبة الادخار حينها وحسب القانون القديم تمثل 22%، وكان الموظف يبني كل آماله ليس على راتبه المتواضع أثناء الخدمة، بل على مدخراته وراتبه التقاعدي بعد إنهاء الخدمة.

وتابع " بالرغم من أن صندوق التأمين والمعاشات لم يكن مؤسسة حكومية، بل صندوق تشرف عليه الحكومة بمجلس ادارة مستقل، إلا أن السلطة وضعت يدها على 237 مليون دولار بحجة أن مستشار الرئيس الاقتصادي في ذلك الحين، وضع يده على أموال الصندوق بحجة الاستثمار، حيث تبخرت أموال الموظفين وأموال الصندوق ولم يحرك أحد ساكناً، ولكي تغطي السلطة العجز الذي حصل للصندوق، قامت بسن قانون بقرار جديد، يشرع تبخر أموال الناس واختفاؤها".

ويمكن الحديث أن مستقبل السلطة المهدد بالانهيار في أي وقت تحت وطأة الإجراءات الإسرائيلية والأمريكية أحد اهم المخاوف حيث أنه كيف لسلطة مشكوك في إمكانية استمرارها أن تكون مؤتمنة على أموال المواطنين، فمن يضمن أموال الناس واستثماراتهم إذا قررت الولايات المتحدة وضع يدها أو تجميد المحفظة الاستثمارية للسلطة الفلسطينية وخصم أموال لصالح عائلات أمريكية إسرائيلية فقدت أبناءها في الأرض المحتلة؟

وشدد العجلة على أن الناس غير مطمئنين لمؤسسة تم تشكيلها واختيار موظفيها بعيداً عن أصحاب الشأن، حيث أن المدير التنفيذي يتلقى راتباً خيالياً ومجلس الإدارة يتلقى مكافآت وموظفي ومستشاري المؤسسة كذلك، كيف يمكن للناس أن يدخروا أموالهم، ليتم صرفها بطريقة غير موضوعية.

وأوضح أن الأكثر أهمية وقلقاً لدى الناس، هو غياب القانون واستبدال القانون الأساسي والقوانين الصادرة عن المؤسسة التشريعية، بقرارات تعدها الحكومة، بل الأخطر هي ظاهرة الشخوص أو الموظفين في مراكز القوة، وأصبحوا يديرون ظهرهم للقانون (المشرع أو حتى قانون بقرار) ويصدرون قرارات تنفيذية بصورة شخصية.

واعتبر أنه في ظل الوضع السياسي الإقليمي والفلسطيني الداخلي، لا يمكن التنبؤ بمستقبل السلطة الفلسطينية، واحتمالية انهيارها واردة، وهناك أيضاً خيارات سياسية واردة ولا يمكن تجاهل الخطر الذي عبر عنه العديد من أعضاء المجلس الاستشاري لحركة فتح، وهو أن السلطة أصبحت محكومة بشخوص وولاءات أغلبها ليست تابعة حتى للرئيس أبو مازن أو حتى المشروع الوطني، وإنما شخوص بإطار جديد شبيه برؤية روابط القرى.

ومن هذا المنطلق فإن العديد من نصوص القانون المجحفة ليست السبب الوحيد في رفضه الشعبي وانما مستقبل السلطة ذاتها وانعدام الثقة بين الجمهور ومؤسسات السلطة.

البث المباشر