حذرت قيادات من حركة فتح ومسؤولين سابقين في السلطة الفلسطينية من خطورة انعقاد ما يسمى بالمجلس المركزي في رام الله، في ضوء التهديد بفرض عقوبات جديدة ضد غزة، والتحذير من تمرير صفقة ترامب القاضية بـفصل الضفة عن غزة.
الوزير الفلسطيني السابق حسن عصفور، أكد على عدم مشروعية انعقاد المجلس المركزي من الناحيتين السياسية والقانونية، معتبرًا أن الهدف من هذه الخطوة تكريس خط الشرعية السياسية التي يتحدث بها عباس وفريقه "ليس لتكريس الانقسام فحسب بل لخلق أسس الانفصال".
وقال عصفور في تصريح خاص بـ"الرسالة نت" إنه جرى تزوير العضويات في المجلس الوطني، والمركزي هو نتائج لذاك المجلس، "وما بني على باطل فهو باطل"، مشيرًا إلى أن رئيس المجلس سليم الزعنون يدرك عدم مشروعية انعقاده القانوني والسياسي.
وأكدّ عصفور على أن انعقاد المركزي يأتي في سياق خطة تدمير المؤسسة الرسمية وتحديدًا منظمة التحرير، "تنفيذًا لخطة ترامب"، مضيفًا: "المطلوب تدمير السلطة والمنظمة للحيلولة دون قيام دولة وتكريس الانفصال لتمرير الخطة التي تهدف في نهاية المطاف إلى إنشاء كيانية في غزة".
وأضاف أن منطق عباس قائم على أساس الافتراق السياسي، "فهذا مجلس بلا قيمة ولا أهمية له سوى التحريض السياسي".
وذكر أن هذا الانعقاد يعتبر انقلابًا على تفاهمات بيروت التي جرى الاتفاق عليها فصائليًا في شهر يناير من العام الماضي، حيث جرى التفاهم على استكمال الجهود لعقد مجلس وطني توحيدي بما يفتح الباب لمشاركة حركتي حماس والجهاد، بما يمثلانه من قوة شعبية في العمل الوطني.
عصفور: عقد "المركزي" لخلق أسس الانفصال وتمرير خطة ترامب
وتابع: "لا نستطيع أن نتحدث عن منظمة تحرير لا يوجد بها حماس والجهاد، فما بالك وقوى كبرى من داخل المنظمة كالجبهتين انسحبت، إضافة إلى غياب قيادات مؤسسة بالمنظمة وتيار عريض بحركة فتح".
ولفت إلى أنّ 15 نائبًا من أصل 40 نائبًا محسوبين على فتح في التشريعي مغيبين عن الاجتماع، "وهذا يعزز بطلان الانعقاد من الناحية القانونية والشرعية".
وشدد عصفور على أن انعقاد المجلس في ضوء هذه الظروف والمعطيات، تأتي ضمن خطوات تعزيز الانفصال - التي حذر منها الزعنون ذاته في مقال افتتاحي له في المجلس الوطني، عندما تحدث عن خشيته الانتقال من مرحلة الانقسام للانفصال".
وذكر أن الذي يجري هو انفصال بقايا الضفة المحتلة عن قطاع غزة، متسائلًا في ضوء إعلان قيادات الاحتلال رفضها الانسحاب من الضفة أو ضمها ضمن دولة فلسطينية، "ماذا تبقى لك كي تلجأ لشعبك وتوقف التنسيق الأمني وتستقوي بقواك الوطنية؟"
وفيما يتعلق بتهديد عباس حل المجلس التشريعي، أجاب: "هذه نكتة.. فحل التشريعي لا يجوز طبقًا للقانون الأساسي، إلا بحال قرر عباس إعلان دولة فلسطينية، فحينها يعدّ التشريعي جزءًا من برلمان الدولة المؤقت ويجري استيعابه فيه وليس العمل على حله، وهذا الخيار غير قائم حاليًا طبقًا للمعطيات والظروف الراهنة".
قرارات ضعيفة
من جهته، أكدّ محافظ بيت لحم السابق والقيادي بحركة فتح عبد الفتاح حمايل، على أنّ مقاطعة القوى السياسية الرئيسة لجلسة المجلس المركزي، "سيضعف من قراراته بحيث لن تكون ذات تأثير أو فعالية وطنية بالصورة التي نطمح اليها".
وقال حمايل لـ"الرسالة نت" إن الاجتماع وإن كان سينعقد رغم مقاطعة هذه القوى، إلا أنّ قراراته قد تبدو بلا قيمة لا سيما في ضوء عدم تطبيق القرارات السابقة التي صدرت عن المجلس بشأن تحديد العلاقة الاقتصادية والسياسية والأمنية مع الاحتلال.
وأعلن حمايل رفضه منطق التلويح بفرض عقوبات جديدة ضد غزة، "فهذا المنطق أساس خاطئ وغير مبرر، ولا يجوز تحت أي ظرف اتخاذ إجراءات كهذه ضد القطاع".
قيادي بفتح: قرارات "المركزي" ستكون ضعيفة وتأثيرها محدود
وأقرّ بأن أي قرارات ستتخذ من المركزي ستكون ضعيفة وهامشية، في ضوء غياب القوى الفاعلة.
تعبير عن إرادة عباس
من جانبه، أكدّ ديمتري دلياني النائب بالمجلس التشريعي عن "التيار الإصلاحي في حركة فتح" الذي يتزعمه محمد دحلان، أن انعقاد المركزي دون توافق، بمنزلة اضعاف للحالة السياسية وانتقاص من شرعية الاجتماع، لافتًا إلى أن هذا المجلس هو نتاج لانعقاد "الوطني" بشكل غير توافقي، حيث لم تشارك فيه قوى المنظمة ولا حركتا حماس والجهاد، إضافة إلى مقاطعة جزء كبير من حركة فتح لهذا الاجتماع.
وقال ديمتري لـ"الرسالة نت" إنّ انعقاد المركزي وما سيصدر عنه من نتائج، هو تعبير عن إرادة عباس المتحكم الأول والأخير بمنظمة التحرير ومن يسيطر على قراراتها.
وأعلن رفضه توجه السلطة لحل المجلس التشريعي خلال انعقاد ما يسمى بـ"المجلس المركزي" نهاية الشهر الجاري.
المصري: مساعي لإعادة تفعيل "المصالحة المجتمعية" والمركزي سيزيد مصاعب غزة
وأضاف ديمتري: "لا يوجد نص قانوني بالمجلس المركزي يخوله أو يفوضه بحل المجلس التشريعي وإن كان مصدرًا لنشأة السلطة، كما أننا لا نقبل بحل المجلس دون إيجاد بديل ديمقراطي ينتخب أعضاؤه من الشعب".
واستدرك بالقول: " التشريعي هو البرلمان الفلسطيني الذي ينتخب الشعب أعضاءه، ولا يجوز أن يتم إلغاؤه لمجرد رغبة من الرئيس".
وذكر أن المجلس الوطني الذي افرز هيئات المركزي لم يمثل الشعب الفلسطيني أساسا، وغابت عنه مجمل القوى الفاعلة بما فيها تيار واسع من حركة فتح.
سيفاقم معاناة غزة
في المقابل، كشف القيادي في التيار "الإصلاحي الديمقراطي" بحركة فتح عبد الحميد المصري، عن استئناف مساعي إعادة تفعيل ملف المصالحة المجتمعية في غزة.
وقال المصري لـ"الرسالة نت" إن هذه المساعي نضجت وقد تبدأ قريبًا في تنفيذها، لا سيما وأن الملف قد جرى إنجاز ملفات عديدة فيه، مؤكدًا على أن هذا الملف يعتبر صلبًا وأساس المصالحة.
نائب عن دحلان: قرارات "المركزي" تعبير عن إرادة فريق عباس
وأشار المصري إلى أن تفعيل هذا الملف غير مرتبط بأي موضوع متعلق بانعقاد المجلس المركزي أو غيرها من الملفات.
وكانت لجنة المصالحة المجتمعية قد جمّدت هذا الجهد في شهر يوليو من العام الماضي، بعد تفاهمات المصالحة التي جرت بين حركتي حماس وفتح، حيث أصرت الأخيرة على حل اللجنة.
وبدأت اللجنة بحل قضية ديات ضحايا أحداث عام 2007، لكن حركة فتح رفضت الانخراط في أعمال هذه اللجنة.
وفي غضون ذلك، أكدّ المصري أن اجتماع المجلس المركزي المزمع عقده غدًا الأحد، متجه في إطار فرض مزيد من الإجراءات التي تفاقم معاناة غزة.
وجددّ المصري تأكيده على عدم قانونية ومشروعية انعقاد المجلسين الوطني والمركزي اللذين عقدا في ظروف إقصائية من طرف رئيس السلطة محمود عباس.