عقدت أمس الأحد جلسة المجلس المركزي لمنظمة التحرير لتشكل حلقة جديدة من التفرد والاقصاء الذي تتبعه حركة فتح للهيمنة على المنظمة وكل مؤسسات الشعب الفلسطيني.
وبغض النظر عن التوقعات التي ذهبت منذ البداية إلى أن الاجتماع لن يحمل جديدا وأن التهديدات التي أطلقت ضد غزة بما فيها حل المجلس التشريعي، لكنها لن تطبق وستكون مجرد توصيات كسابقاتها التي اتخذت خلال الدورتين الماضيتين.
ويمكن القول إن ما سينتج عن المركزي الانفصالي سيدخل في دوامة مفرغة تبدأ بإحالة القرارات والتوصيات الى لجان، ومن ثم الى حكومة رام الله لتعيدها مرة أخرى الى المركزي.
بمعنى آخر فإن ما يجري هو عبارة عن مضيعة للوقت خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع الاحتلال، حيث أن السلطة تدرك أن وقف العلاقة مع الاحتلال وتحديداً التنسيق الأمني يعني انهاء وجودها فهي الوظيفة الأخيرة للسلطة، وبانتهائها لن يسمح الاحتلال باستمرارها ما يفسر حديث أبو مازن المتكرر بان التنسيق الأمني مقدس.
الخطورة الأخرى تكمن في تجاهل حركة فتح لجميع الفصائل في جلسات المركزي ومن قبله الوطني حيث تقاطع هذه الجلسة الجبهتان الشعبية والديمقراطية والمبادرة الى جانب ان حماس والجهاد خارج المنظمة.
وقد أعلنت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين قرارها بمقاطعة أعمال الدورة الـ 30 للمجلس المركزي، مؤكدة أن الأسباب التي اقتضت ذلك مازالت قائمة، بل وتزداد تعقيداً، في ظل سياسة التفرد والاستئثار، التي تتبعها القيادة الرسمية، متجاوزة بذلك أسس الائتلاف الوطني في م.ت.ف ومبادئ الشراكة الوطنية والمشاركة في صنع القرار والسياسات الوطنية، عبر اللجوء إلى معالجة القضايا الوطنية بالمراسيم الرئاسية الفردية، مما يلحق الضرر والأذى الكبيرين بالحالة الوطنية.
وأكدت الديمقراطية أن استعادة المصداقية للمجلس المركزي وسائر هيئات المنظمة تتطلب وضع حد لسياسة التعطيل وإدارة الظهر لقراراتها، والمباشرة فوراً في تنفيذ عدة إجراءات أهمها إلغاء العقوبات التي تمس بالمصالح الحيوية لأبناء شعبنا في غزة وتزيد من معاناتهم، ما يعني التوقف عن اقتطاع رواتب الموظفين والمساعدات الاجتماعية لآلاف العائلات، وتوفير الوقود الضروري لتخليص القطاع من الظلام، وإنقاذ قطاعاته الزراعية والصناعية من الانهيار، وخدماته البيئية وبنيته التحتية من التعطل.
صحيح أن فتح تهيمن على القرار الفلسطيني وتعمل بنظام المراسيم الانفرادية إلا ان خطوة مثل حل المجلس التشريعي المنتخب تحتاج إلى من يدعمها بها لتتمكن من الاقدام عليها خاصة أن جميع الفصائل اعتبرت أنها ستؤدي إلى نسف مسيرة المصالحة الوطنية، وزعزعة شرعية النظام السياسي الفلسطيني، والنيل من مصداقية المنظمة على الصعيدين العربي والدولي.
وكانت مصر حذرت رئيس السلطة من فرض عقوبات جديدة على قطاع غزة، وذلك خلال زيارة الوفد المصري للقطاع قبل أيام، حيث أكد مسؤولون لصحيفة جيروزاليم أن المصريين حاولوا اقناع حماس بتجنب اتخاذ إجراءات من شأنها ان تفاقم التوتر مع فتح.
وقد أخبر قادة حماس المصريين انهم سيفعّلون "اللجنة الإدارية" من جديد في حال أقدم عباس على فرض عقوبات جديدة على غزة.
وأشار المسؤول للصحيفة: ان المصريين حذروا عباس ان أي عقوبات إضافية على غزة يعني زيادة التوتر والعنف وسفك الدماء".
وفي حال فرض عقوبات جديدة على غزة فإن ذلك سيؤدي حتما لحالة انفصال بين غزة والضفة وهي إحدى خطوات تنفيذ صفقة القرن التي يرى مختصون ان عباس ذراع أساس فيها عبر سياسته المتبعة ضد قطاع غزة والتي تدفع القطاع دفعاً نحو الانفصال.
ويمكن القول إن أحد أبرز تخوفات عباس من وقف تمويل غزة يكمن في تهديدات المجتمع الدولي العمل في قطاع غزة بمعزل عن السلطة وتحويل المقاصة نحو القطاع كما هدد الاحتلال سابقاً وهو ما يفقده ورقة قوة مهمة لذا فان البعض يرى انه لن يذهب بعيداً في هذا الاتجاه.