كشف تقرير لمجلة "شتيرن" الألمانية عن حجم عبث المال السعودي بالسياسيين الألمان وتحويلهم من ممثلين دبلوماسيين لبلدهم إلى مستشارين في العلاقات العامة لصالح المملكة العربية السعودية.
وقال التحقيق الاستقصائي -الذي أعدّه للمجلة مسؤول قسم التقارير الاستقصائية هانس مارتن تيلاك- إن السفير الألماني في السعودية السابق ديتر هالر تحوّل إلى موظف لدى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتجميل صورته في الغرب حيث سيبدأ عمله مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2018 بوصفه كبير المستشارين بوكالة للعلاقات العامة ومجموعة الضغط "دبليو أم بي"، ومقرها العاصمة الألمانية برلين.
وأعلنت الوكالة في منتصف الشهر الحالي أن هالر سيبدأ العمل لديها كبيرا للمستشارين، إلا أنها لم تجب على سؤال ما إذا كان سيعمل لصالح السعودية، غير أن أحد موظفي الوكالة أكد في إجابته على بريد إلكتروني مشترك لمجلات شتيرن و"أي أر دي" وروبورت ميونخ، أنهم يعملون لصالح وزارة الإعلام السعودية.
وبحسب البحث الاستقصائي -الذي قامت به شتيرن وروبورت ميونخ- فإن الوكالة تعمل لصالح الرياض بتعاقد مع وزارة الإعلام السعودية، كما أن الرواتب التي يتقاضونها تأتي من السعودية.
كما أن السفارة السعودية في ألمانيا أكدت لمجلة شتيرن أن الوكالة المشار إليها تعمل بالفعل لصالح السعودية، وذكرت أن السفير هالر أبلغها أنه سيعمل مستقبلا لدى وكالة "دبليو أم بي"، بحسب المجلة.
الخبر أثار حفيظة سياسيين في البرلمان الألماني (البندستاغ) يتقدمهم النائب عن حزب الخضر الألماني وعضو لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان أوميد نوريبور قائلا إنه أمر لا يطاق، واعتبر أن السفير إما ضلل وزارة الخارجية الألمانية وإما أن الوزارة قد سمحت بذلك، وبهذا تكون قد تجاوزت القوانين المتبعة في الوزارة.
يذكر أن هالر شغل سفير بلاده بالسعودية في المدة من 2011 وحتى مطلع العام 2014 ثم عاد للعمل بوزارة الخارجية الألمانية مديرا لقسم الاقتصاد بالوزارة قبل أن يعود للعمل سفيرا بالسعودية في شهر يوليو/تموز 2016 وحتى شهر يوليو/تموز من العام الجاري.
وتسعى السعودية لمد يدها داخل النظام السياسي الألماني عبر "اللوبي" الذي تريد أن تدعمه، ليس فقد لضمان استمرار تدفق الأسلحة الألمانية إلى السعودية، ولكن لضمان الدعم على المدى المتوسط والبعيد لسياسات محمد بن سلمان من خلال النفوذ داخل الأحزاب الفاعلة في الساحة الألمانية، وتعيين السفير السابق في السعودية هالر المقرب من ولي العهد السعودي ينظر إليه كوسيلة للضغط في وقف أي قرار يضر بمصلحة السعودية.
و"دبليو أم بي" وكالة تقدم الاستشارات حول الأزمات، وتقوم بالتعبئة الإعلامية والعلاقات العامة والحملات الدعائية وقيادة الأزمات، وتتجلى المفارقة هنا أن أحد قادة الإعلام الألمانيين وهو هانز هيرمان تييدجي رئيس تحرير صحيفة "بيلد" السابق شريك في هذه المؤسسة، لذك توصف "دبليو أم بي" بأنها شبكة أخطبوطية ضاربة في عوالم السياسة الألمانية.
يشار إلى أن فريديش ميرتس -وهو أحد الشخصيات النافذة في وكالة "دبليو أم بي"- واحد من أربعة مرشحين معروفين لخلافة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في قيادة حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي والذهاب بعيدا ليكون مستشارا محتملا في ألمانيا.